تواظب مسقط على لعب دور الإطفائي في الجبهات الأربع: حرب اليمن، الأزمة الخليجية، إيران والولايات المتحدة، السعودية وإيران. وفي ملف الأزمة بين الرياض وطهران، أطلقت سلطنة عمان مبادرة جديدة، تتخذ أهمية من كونها تأتي إثر لقاء وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، نظيره العماني في واشنطن قبل أيام.وفي ثالث زيارة من نوعها خلال الأشهر التسعة الأخيرة، حطّ وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، أمس، في طهران، حيث التقى كلّاً من وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني. ورأى بن علوي أن أوضاع المنطقة «بحاجة إلى مزيد من الحوار والتفاهم»، معتبراً أن «إقامة مؤتمر شامل بمشاركة جميع الدول المعنية يمكن أن يكون مفيداً». مبادرة لقيت ترحيباً سريعاً من ظريف، الذي علّق عليها بالقول إن بلاده «ترحّب وستقدّم الدعم لأي خطوة ومبادرة تتابع بحسن نية في سبيل خفض التوتر في المنطقة». وأشاد بـ«الدور الجيّد والبنّاء» لعمان، مشدداً على ضرورة «خفض التوتر في المنطقة خاصة في اليمن» وتقديم الدعم لأيّ خطوة في سبيل ذلك.
اليمن حضر كذلك في لقاء بن علوي وشمخاني، بما يشير إلى وجود رغبة في إنجاح مساعي التهدئة بين صنعاء والرياض. الملف الآخر هو التوتر الذي يوحي به المضيّ في إنشاء الولايات المتحدة التحالف الأمني البحري في المنطقة، في سياق التصعيد ضد طهران. وفي هذا الإطار، شدد شمخاني في اللقاء على أنه «وحدها التحالفات الإقليمية من دون تدخل الأجانب تستطيع حل القضايا وإرساء الأمن المستدام»، واعتبر أن الولايات المتحدة فشلت في تأسيس التحالف الأمني. وتتقاطع المبادرة العمانية مع مبادرة أطلقتها طهران أخيراً تحت مسمى «مبادرة هرمز للسلام»، وهي باتت تحظى بظروف أفضل بعد الحوار الإيراني الإماراتي والتهدئة النسبية مع السعودية. لكن اللافت في التحرك العماني أنه يأتي بعد أيام من زيارة بن علوي إلى واشنطن، ما يوحي بحمل بن علوي رسائل إيجابية إلى طهران تلقاها من الزائر الأميركي. وفي حال كان الموقف الأميركي إيجابياً هذه المرة في ملف اليمن والتوتر السعودي الإيراني، تكون فرص المسعى العماني أكبر، في ظل تعقيدات واجهتها الوساطة في الآونة الأخيرة كلّما ظلّت الرغبة الأميركية تنصبّ على التصعيد والضغط ضد إيران.
لا تصريحات من الجانبين بعد في شأن ما حمله بن علوي من رسائل، إلا أن استمرار التحرّك العماني لإنجاح المفاوضات حول حرب اليمن (وكذلك على خط الأزمة الخليجة التي أكد بومبيو في اللقاء على ضرورة حلها) يشي بأن واشنطن تجنح نحو التهدئة في الملفّين. وهي تهدئة يتوجّس منها البعض في طهران، على اعتبار أنها لا تبحث عن الحلول بقدر ما هي محاولة أميركية لربط نزاع مؤقّت بهدف التفرّغ لسياسة «الضغوط القصوى» بوجه إيران وتوحيد جهد الحلفاء لجعل المواجهة المتعثّرة فاعلة أكثر.