كشفت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، أمس، أن حملة مكافحة الفساد التي شنّها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قبل ما يقارب 15 شهراً، أتت بنتائج مثمرة للمملكة، لكنها كبّدت العشرات من رجال الأعمال السعوديين، ممَّن اعتقلوا في فندق الـ«ريتز» في الرياض، خسائر فادحة. وأشارت الوكالة إلى أن خسائر أبرز الأثرياء السعوديين، الذين أفرجوا عنهم عقب الإعلان عن انتهاء التسويات المالية معهم وجمع 107 مليارات دولار منهم، متمثّلة في سيولة مالية وعقارات وشركات.وفيما أشارت إلى أن ولي العهد أعلن، في مقابلة معها قبل أربعة أشهر، أنه تم جمع 35 مليار دولار من المحتجزين، شددت على أن «حقيقة ما جرى التفاوض عليه وما دُفع تبقى غامضة وغير واضحة، بسبب صعوبة الوصول إلى المعلومة في بلد مثل السعودية، وأيضاً بسبب غموض السوق فيها». ووفقاً للوكالة، فإن جميع من أُفرج عنهم من معتقلي الـ«ريتز» وُضعوا تحت المراقبة ومُنعوا من السفر، كما جرى تقييد حركتهم داخل البلاد.
وكانت «لجنة مكافحة الفساد»، التي يرأسها ابن سلمان، قد أعلنت أن العملية نجحت في جمع 107 مليارات دولار من 87 شخصاً. وعلى هذا الأساس، قدّرت الوكالة أن قيمة ما فقدته ثروة الأمير الوليد بن طلال، بموجب التسوية المالية التي عقدها خلال اعتقاله، تبلغ قرابة 9 مليارات دولار، من أصل ثروته البالغة 15 ملياراً. ولفتت إلى أن الوليد قضى نحو 83 يوماً في السجن، وخرج من المعتقل وقد بدت عليه علامات النحافة. وكان ابن طلال قد أعلن، في مقابلة سابقة مع «بلومبرغ» بعد الإفراج عنه، أنه وقّع تفاهماً سرياً مع الحكومة، وأن العمليات التجارية لإمبراطوريته عادت إلى طبيعتها، على رغم أن سهم مجموعته الاستثمارية «المملكة القابضة» انخفض بنحو 22% منذ اعتقاله. ويُعدّ الوليد، الذي يملك نحو 2.6 مليار دولار من أصوله خارج منطقة الشرق الأوسط، أغنى شخصية سعودية. وفي شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وقعت شركته «المملكة القابضة» على قرض بقيمة مليار دولار، وهو أول تمويل لها منذ إلقاء القبض عليه.
جميع من أُفرج عنهم من معتقلي الـ«ريتز» وُضعوا تحت المراقبة


كذلك، تحدّثت «بلومبرغ» عن الملياردير السعودي ـــ الإثيوبي، محمد العامودي، وهو آخر المُفرج عنهم، بعد احتجازه في مكان غير معلوم بتهم تتعلق بالرشوة والفساد. وقدرت الوكالة أن العامودي لم يعد يملك أكثر من 1.4 مليار دولار، بعدما كانت ثروته تقدّر بنحو 8.7 مليارات دولار. ويُعدّ العامودي ثاني أغنى شخصية في السعودية، وكان قد كوّن ثروته من خلال عقد حصل عليه في فترة الملك فهد، وأغلب أصوله المالية خارج السعودية. وأوضحت «بلومبرغ» أن شركات الملياردير السعودي ـــ الإثيوبي في الخارج استمرت في العمل في أثناء احتجازه، لكن أصوله السعودية وُضعت تحت المراقبة، حيث يمتلك محطات للغاز وشركات هندسية.
أما رائد الأعمال المالية والتمويلية، صالح كامل، الذي خرج من الـ«ريتز» بعد تسوية مالية، فلم يبق لديه من ثروته المقدرة بـ 3 مليارات سوى 700 مليون دولار، وفق الوكالة الأميركية. ويُعتبر كامل رائد التمويل الإسلامي الحديث، وتنبع ثروته من مجموعة «البركة» المصرفية التي تتخذ من البحرين مقراً لها، وشركة «دلة البركة»، وهي شركة قابضة مترامية الأطراف، تسيطر على أعمال الرعاية الصحية والعقارات والصناعات الغذائية. وكان صالح كامل واحداً من كبار رجال الإعلام في السعودية في سبعينيات القرن الماضي، حين أسّس إحدى أولى شركات الإنتاج التلفزيوني في البلاد، وهي «إيه آر تي»، كما أنه من أوائل من استثمروا في قطاع الإعلام في الشرق الأوسط. كذلك، أشارت «بلومبرغ» إلى أن رجل الأعمال، فواز الحكير، وهو مِمَّن أُفرج عنهم أخيراً من فندق الـ«ريتز»، خسر قرابة 400 مليون دولار.