دخلت مساعي الكونغرس الأميركي لإفشال محاولات إدارة الرئيس دونالد ترامب التستّر على دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في واقعة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، مرحلة أكثر جدية، مع اعتزام مجلس الشيوخ التصويت على مشروع قرار يحمّل ابن سلمان مسؤولية القتل، ويدعو إلى وضع حدّ لسياساته «المتهوّرة» في الإقليم. دعوات يُتوقّع أن تسندها الإفادة التي ستدلي بها مديرة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) جينا هاسبل، أمام مجلس النواب، والتي لن تخرج عن إطار ما أفصحت عنه لمجموعة محدودة من أعضاء مجلس الشيوخ، من خلاصات تضع ولي العهد في دائرة الاتهام.وأعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري بوب كوركر، عقب اجتماع للمجلس صباح أمس، أن «الشيوخ» سيعقد جلسة الأسبوع المقبل لبحث تشريع يمهّد لفرض عقوبات إضافية على السعودية، من بينها وقف مبيعات الأسلحة الأميركية للمملكة. كما توقّع كوركر أن يصوّت المجلس، الأسبوع المقبل أيضاً، على مشروع قانون منفصل كان أحاله إلى لجنة العلاقات الخارجية، يدعو إلى إنهاء الدعم الأميركي لـ«التحالف» الذي تقوده السعودية في اليمن. وكانت مجموعة من أعضاء «الشيوخ» تضمّ ستة جمهوريين وديمقراطيين تقدّمت، في اجتماع أمس الذي وصفه كوركر بـ«الجيد للغاية»، بمشروع قرار يتهم ابن سلمان بأنه «كان على رأس التخطيط لهذا العمل الدنيء»، في إشارة إلى مقتل خاشقجي، ويحثّ الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي على تحميله مسؤولية الأزمة الإنسانية في اليمن، ومقاطعة قطر، والضغوط الممارَسة على المعارضين السعوديين. ويدعو المشروع، الذي يتصدّر المتقدّمين به الجمهوريان ليندسي غراهام وماركو روبيو والديمقراطيان إدوارد ماركي وديان فاينستاين، السعودية إلى الدخول في مفاوضات لإنهاء حرب اليمن والأزمة الخليجية، ويطالبها بإطلاق سراح المدوّن رائف بدوي. ووصف غراهام، في بيان مشترك مع المتقدمين بالمقترح الجديد، ابن سلمان بأنه «قوة تدمير للمنطقة، ويعرّض مصالح الأمن القومي الأميركي للخطر على عدة صعد»، في حين رأى روبيو أنه «لم يعد هناك أي شكّ في معرفة ولي العهد بأمر الجريمة».
أشرف سعود القحطاني شخصياً على تعذيب ناشطات معتقلات في جدة


توجّه مجلس الشيوخ نحو التوافق على صيغة ـــ مضادّة لتعامل إدارة ترامب مع السعودية ــــ قد تصبح قانوناً في نهاية المطاف، يدعمه انفتاح الاستخبارات المركزية على إطلاع الهيئة التشريعية على تفاصيل الأدلة المتوافرة لديها في شأن حادثة القنصلية السعودية في اسطنبول. في هذا الإطار، أعلنت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، نانسي بيولسي، أن 435 نائباً سيطّلعون، الأسبوع المقبل، على تطورات الأوضاع في اليمن، على أن يعقب ذلك إطلاع مجموعة مختارة منهم على استنتاجات «سي آي إي» حول مقتل خاشقجي. وقالت بيلوسي، أمس، «(إنني) آمل أن نرى مديرة سي آي إيه ومسؤولين آخرين في الاستخبارات». هذا التوجّه المناوئ للرياض لم تأتِ الأنباء عن عودة السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، خالد بن سلمان، إلى واشنطن، بعد غياب امتدّ شهرين على خلفية أزمة خاشقجي، إلا لتزخّمه، إذ دعا السيناتور الديمقراطي، ديك دوربين، إلى طرد ابن سلمان رسمياً، «نظراً إلى تورط ولي العهد المباشر في خطف خاشقجي وقتله»، معتبراً أنه «يتعيّن علينا أيضاً دعوة حلفائنا إلى فعل الأمر نفسه».
ويأتي تصاعد المواقف الأميركية المضادة لابن سلمان في وقت يتكشّف فيه المزيد من المعلومات حول الدور الذي لعبه أقرب مساعديه، المستشار المقال من الديوان الملكي سعود القحطاني، في ترهيب المعارضين، وهو ما يرسم مزيداً من الشكوك حول الرواية السعودية التي تبرّئ القحطاني من التخطيط لقتل خاشقجي. ونقلت «رويترز»، أمس، عن مصادر مطلعة تأكيدها أن القحطاني أشرف، شخصياً، على تعذيب ناشطات معتقلات بتهمة «الإضرار بأمن المملكة واستقرارها»، في منشأة احتجاز غير رسمية في جدة، ما بين أيار/ مايو وأغسطس/ آب الماضيين.