يسعى أعضاء جمهوريون بارزون في مجلس الشيوخ الأميركي إلى التصويت، خلال أسابيع، على تشريع لـ«معاقبة» السعودية بسبب حربها في اليمن، وجريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، في وقت أعلنت الإدارة الأميركية، صراحةً، أنّ وليّ العهد، محمد بن سلمان، بريء من دم الصحافي المقتول، مستبعدةً فرض عقوبات على الرياض.أعضاء الكونغرس الذين عادوا لمزاولة مهامهم يوم أمس، بعد انقطاع لفترة وجيزة بسبب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس يوم السادس من الشهر الحالي، والتي احتفظ فيها الجمهوريون بالسيطرة على مجلس الشيوخ، لكنّهم فقدوا غالبيتهم في مجلس النواب لمصلحة الديموقراطيين.
وفي انتظار أن تبدأ دورة الانعقاد الجديدة للكونغرس في الشهر الأول من العام المقبل، نقلت وكالة «رويترز» عن رئيس لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس الشيوخ، السناتور الجمهوري بوب كوركر، قوله إنّ «أعضاء مجلس الشيوخ يبحثون عن طريقة ما ليظهروا للسعودية ازدراءهم لما حدث مع الصحافي (جمال خاشقجي)، ولكن أيضاً مخاوفهم بشأن الطريق الذي ذهب فيه اليمن». وأوضح، في هذا السياق، أنّ المجلس قد يصوّت قبل نهاية العام الحالي، على تشريع يسعى إلى وقف كلّ أشكال الدعم للسعودية في حربها على اليمن، مضيفاً أنّه من الممكن كذلك اقتراح التصويت على إجراءات لمنع مبيعات الأسلحة إلى الرياض. وقال: «سيكون من الصعب للغاية إذا ظهرت صفقة أسلحة أن نحميها من الإلغاء، على الأقل في مجلس الشيوخ». وذكر أنّ معاونيه طلبوا من وزيري الخارجية مايك بومبيو، والدفاع جيمس ماتيس، ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جينا هاسبل، الحضور إلى الكونغرس في أواخر الشهر الجاري، لتقديم «إفادة سرية» للتصدّي للمخاوف المتعلّقة باليمن وجريمة قتل خاشقجي.
أما السناتور الجمهوري البارز، ليندسي غراهام، الذي كان قد دعا أكثر من مرّة إلى التخلّي عن وليّ العهد السعودي على خلفية مقتل خاشقجي، كرّر أنّ ابن سلمان «غير مستقرّ وغير جدير بالثقة»، لافتاً إلى أنه يناقش مع أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ، فرض عقوبات على السعودية بسبب قضية الصحافي المقتول. والسناتور لا يتوقع، وفق ما قال، أن يُصلح الوضع ما دام ابن سلمان في السلطة، لكنّه أشار إلى أنه لا توجد لديه ولدى زملائه الذين يشاطرونه الرؤية نفسها خطة عمل محدّدة بعد.
وفي وقت سابق، قال السناتور الجمهوري، راند بول، إنّ الوقت الأنسب ليعمل الحزبان الجمهوري والديموقراطي على وقف بيع الأسلحة للسعودية هو الآن، مضيفاً أنّه «لا يخفى على أحد أن لدى السعودية سجلاً مقلقاً في مجال حقوق الإنسان».
وكان الجمهوريون قد صوّتوا، يوم أمس، لمصلحة وقف تشريع في إحدى اللجان من شأنه أن ينهي الدعم الأميركي للحرب في اليمن. وألمحت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية، نانسي بيلوسي، إلى أنّ الأمور قد تتغيّر عندما يسيطر الديموقراطيون على المجلس إن لم يكن قبل ذلك. وقالت، في بيان، إنّه «يتعيّن على الكونغرس اتّخاذ إجراء حقيقيّ وفوري لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية المروعة».

«لن نعاقب الرياض»؟
وبعدما نفى مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، أن تكون تسجيلات مقتل خاشقجي التي بحوزة أنقرة متضمّنة ما يشير إلى تورّط ولي العهد في الجريمة، استبعدت وزارة الخارجية الأميركية فرض عقوبات على السعودية على خلفية القضية، لكنّها قالت إنّ «الإجراءات» التي تمّ اتخاذها بحقّ بعض المسؤولين السعوديين «لم ولن تنتهي» بإلغاء التأشيرات، ومنع دخول بعضهم.
ورداً على سؤال عمَّا إذا كان السعوديون متعاونين مع واشنطن بشأن تحقيقات خاشقجي، قالت الناطقة باسم «الخارجية» هيذر نويرت: «يمكنني أن أخبركم أنّ وزير الخارجية مايك بومبيو تحدّث إلى ولي العهد خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأكّدنا على أهميّة خضوع كافة المتورّطين في مقتل خاشقجي إلى المساءلة». وأضافت أن بومبيو أشار إلى أن «حكومة الولايات المتحدة تقوم بجمع بعض بياناتها الخاصة ومراجعة تلك الحقائق». وتابعت: «نحن نحصل على معلومات من مصادر متنوعة، تماماً كأيّ حكومة». وأكّدت أنّ واشنطن كانت واضحة مع الحكومة السعودية حول توقّع الشفافية والمساءلة والسرعة في تحديد ما حدث لخاشقجي، مشيرةً إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي التي قال فيها «(إننا) سنحاسب المسؤولين».
نويرت قالت إن بومبيو «قام بإلغاء عدد من التأشيرات قبل بضعة أسابيع، كما أنّنا نحظر على بعض المسؤولين السعوديين دخول الولايات المتحدة. ولكن كان الوزير واضحاً أيضاً في القول إنّ الأمور لن تنتهي عند هذا الحدّ». وأضافت: «لا نتوقّع فرض عقوبات، ولكن لم تنته إجراءاتنا ولن تنتهي بإلغاء التأشيرات وحظر بعض المسؤولين السعوديين من القدوم إلى الولايات المتحدة».