في وقت أكد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنّه أطلع كلاً من الرياض وواشنطن وباريس على تسجيلات صوتية في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، اتفق الرئيسان الأميركي والفرنسي خلال لقائهما في باريس يوم أمس، على ضرورة ألّا تسبّب هذه القضية زعزعةَ استقرار المنطقة، وأشارا إلى إمكانية الاستفادة منها للتوصّل إلى حلّ سياسي في اليمن. وبعد اجتماعهما في باريس لمناسبة الذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى، قال مصدر في الرئاسة الفرنسية إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتّفقا على «ضرورة تقديم السلطات السعودية معلومات كاملة» عن مقتل خاشقجي. في الوقت نفسه، أضاف المسؤول أنّ الرئيسين اتّفقا أيضاً على «ضرورة عدم السماح بأن تسبّب هذه القضية زعزعةَ استقرار الشرق الأوسط بنحو أكبر»، وعلى أنّ هذه القضية «يمكن أن تتيح فرصة للتوصّل إلى حل سياسي للحرب في اليمن».
وقال مسؤول في البيت الأبيض، اليوم، إنّ ترامب أجرى مناقشات مع نظيره التركي بشأن الرد على مقتل خاشقجي. وأوضحت الصور الملتقطة للعشاء الذي أعدَّه ماكرون للدول المشاركة في الذكرى، أن الرئيسين تجاذبا أطراف الحديث على مائدة العشاء.

أردوغان: الجميع استمع إلى التسجيلات
قبيل مغادرته إلى باريس للمشاركة في الذكرى، أكد الرئيس التركي، يوم أمس، وجود تسجيلات تتعلّق بقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، مشيراً إلى أنه أطلع الرياض وواشنطن وباريس عليها. وصرّح أردوغان في مؤتمر صحافي: «لقد أعطينا التسجيلات للسعودية، وأعطيناها لواشنطن وللألمان والفرنسيين والبريطانيين»، من دون إعطاء أي تفاصيل عن مضمون هذه التسجيلات.
ودعا أردوغان الرياض إلى تحديد هوية القاتل، قائلاً إنه لا بدّ أن يكون أحد أفراد فريق الاغتيال المؤلف من 15 فرداً، ووصل إلى تركيا قبل ساعات من اختفاء خاشقجي. وأضاف: «لا توجد حاجة لتحريف المسألة، إنهم يعلمون يقيناً أن القاتل، أو القتلة، ضمن هؤلاء الأشخاص الخمسة عشر. يمكن حكومةَ السعودية أن تكشف عن هذا بجعل هؤلاء الأشخاص يتكلّمون». واتّهم النائب العام السعودي، سعود المعجب، برفض التعاون، قائلاً: «النائب العام جاء إلى تركيا لتقديم أعذار وتعقيد الأمور». كذلك، شدّد على ضرورة أن يُكشَف مكان الجثة التي لم يُعثر عليها حتى الآن بعد أكثر من شهر على مقتله. وقال إن «على السعودية التصرف بالعدل مقابل حسن نياتنا للتخلص من هذه الشبهة، وإلا فإنها ستلصق بها دوماً».
وبعدما كان مستشار أردوغان، ياسين أقطاي، قد قال الأسبوع الماضي إنّ جثة خاشقجي قُطِّعَت قبل تذويبها بأحماض كيميائية، أفادت صحيفة «صباح» التركية، يوم أمس، بأنّ قتلة خاشقجي تخلّصوا من جثته عبر رميها في أنابيب شبكة الصرف الصحي بعد تذويبها.
وكتبت الصحيفة الموالية للحكومة التركية، من دون ذكر مصادر، أنّ فحص العيِّنات التي أُخذت من مياه الصرف الصحي سمح بالكشف عن آثار مادة الحمض.
وكان أقطاي قد أكّد في تلك التصريحات أن السعودية أرسلت شخصين، أحدهما كيميائي والآخر اختصاصي في السموم، إلى إسطنبول بعد أسبوع من قتل خاشقجي للتخلص من الأدلة، ووصف ذلك بأنه علامة على أن كبار المسؤولين السعوديين كانوا على علم بالجريمة.

(أ ف ب )

«تسجيلات مفزعة»
نقلت قناة «الجزيرة» القطرية عن مصدر مطّلع على هذه التسجيلات، قوله إن المسؤولين الذين استمعوا إليها «فزعوا ممّا تضمّنته»، وقالت المصادر إنّ سعود القحطاني - المستشار السابق في الديوان الملكي - برز بوضوح في هذه التسجيلات. وأضاف أنّ آخر الكلمات التي تلفّظ بها خاشقجي كانت «أنا أختنق، أبعدوا هذا الكيس من رأسي، أنا أعاني من فوبيا الاختناق»، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، مشيراً إلى أنّ عمليّة الخنق تلك استمرّت لمدة سبع دقائق.
رئيس قسم التحقيقات في جريدة «صباح» التركية، نظيف كرمان، قال في حديث للقناة، إنّ التسجيلات الصوتية التي بيد السلطات التركية، توضح أن خاشقجي قُتل بوضع كيس في رأسه، وإنّ هذه التسجيلات توثّق اللحظات الأخيرة في حياة الصحافي القتيل.
وأشار إلى أن الفريق السعودي الذي قتل خاشقجي وضع أكياساً على أرض الغرفة لمنع تسرب الدماء إليها أثناء عملية تقطيع الجثة، وأن عملية التقطيع على أيدي خبير الطب الشرعي السعودي صلاح الطبيقي استمرت لمدة 15 دقيقة، ثم وضعت الجثة المقطعة في خمس حقائب كبيرة ونقلت إلى سيارة تابعة للقنصلية السعودية.
وتحدث كرمان عن طريقة التخلص من الجثة، مشيراً إلى أن فريق الاغتيال جاء ببعض الآلات والأدوات إلى تركيا. وقال إن صحيفته «صباح» ستنشر لاحقاً صور الأدوات التي قدم بها فريق الاغتيال وأدخلها إلى تركيا. وأكد أيضاً أن الصحيفة ستنشر في الفترة المقبلة تفاصيل التسجيلات الصوتية التي توثق لحظات «مقتل خاشقجي على أيدي الفريق السعودي».