في وقتٍ يتواصل التحقيق مع موظفين أتراك في القنصلية السعودية في إسطنبول، لكشف ملابسات مقتل الصحافي جمال خاشقجي، برزت معلوماتٍ جديدة عن جثة خاشقجي التي لا تزال مختفية، على رغم اعتراف السعودية يوم السبت بمقتل الصحافي داخل قنصليتها. وتفيد المعلومات، التي نقلها موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، بأنّ جزءاً من جثة خاشقجي قد يكون نُقل إلى الرياض بواسطة العقيد السابق في الاستخبارات السعودية ماهر مطرب، في الثاني من الشهر الجاري. هذه المعلومات تتكشف في ظلّ تصاعد في حدة نبرة مشرعين أميركيين ضد السعودية وولي العهد محمد بن سلمان على خلفية هذه القضية.
حقائب مطرب لم تُفتّش
نقل موقع «ميدل إيست آي» يوم أمس، عن مصادر قولها إن السلطات التركية تعتقد بأنه تم نقل جزء من الجثة خارج تركيا بواسطة الحراس الشخصيين لولي العهد محمد بن سلمان، تحديداً ماهر عبد العزيز مطرب، العقيد السابق في الاستخبارات السعودية. وأضافت المصادر أنّ مطرب، أحد المشتبه بتورطهم في مقتل خاشقجي، قد يكون حمل جزءاً من الجثة في حقيبة كبيرة، شوهدت بحوزته عند مغادرته مطار أتاتورك في إسطنبول يوم وقوع الحادثة.
وبحسب المصادر، لم يتم فحص حقائب مطرب، أثناء مروره بقاعة كبار الشخصيات في مطار أتاتورك، كما لم تخضع طائرته الخاصة للتفتيش، لحمله جواز سفر دبلوماسياً. وأشارت المصادر إلى أنّ مطرب كان على عجلة من أمره خلال مغادرته المطار ذلك اليوم.
الشبكة استندت في معلوماتها على مصدر تقول إنه «مقرّب من التحقيق التركي في تلك القضية»، إضافة إلى شريط مصور نقلت فحواه وكالة «أسوشيتيد برس» أظهر تواجد مطرب في قنصلية بلاده في اسطنبول يوم اختفاء خاشقجي، ووصوله إلى القنصلية، قبل نحو ثلاث ساعات من وصول الصحافي السعودي.
في هذه الأثناء، ذكر تلفزيون «أن تي في» التركي، اليوم، أن خمسة موظفين أتراك في القنصلية السعودية في إسطنبول، يدلون بشهاداتهم في تحقيق في شأن مقتل خاشقجي. وسبق أن قال التلفزيون إن 20 من موظفي القنصلية أدلوا بشهاداتهم أمام المدعين، في ما له صلة بالواقعة الأسبوع الماضي.
وكان ولي العهد محمد بن سلمان، قد أجرى اتصالاً هاتفياً بصلاح، ابن خاشقجي، في وقتٍ متأخر من مساء أمس، «لتعزيته في وفاة والده»، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

السعوديون فقدوا كل المصداقية
في هذا الوقت، تصاعدت حدّة الأصوات المطالبة بفرض عقوبات على السعودية داخل الكونغرس الأميركي. طبيعة العقوبات المقترحة من جانب أعضاء الكونغرس تفاوتت ما بين طرد السفير وحظر بيع الأسلحة للمملكة، وصولاً إلى الضغط لإقصاء ولي العهد محمد بن سلمان عن منصبه.
وذكر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري بوب كروكر، أنه يعتقد بأن ولي العهد يقف وراء مقتل خاشقجي، مضيفاً أن السعوديين فقدوا كل المصداقية في تفسيراتهم لموته.
كذلك، جاء تشديد السيناتور الديموقراطي ريتشارد دوربين على ضرورة طرد السفير السعودي في واشنطن من بلاده بطريقة رسمية، في الوقت الذي أكد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام هذا الموقف. وكان غراهام قد دعا، الثلاثاء الماضي، إلى إقصاء محمد بن سلمان عن الحكم، على خلفية اختفاء خاشقجي. من جهته، اعتبر السيناتور الديموقراطي جيري كونولي أن الرواية السعودية «محاولة تستر»، مؤكداً ضرورة «محاسبة» السعودية.
أما السيناتور الجمهوري راند بول، فقد أكد أنه لا يصدّق التفسيرات السعودية في ما يتعلق بظروف مقتل خاشقجي، واصفاً إياها بـ«المهينة»، بحسب شبكة «فوكس نيوز». وسبق أن طالب راند بول بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية.
على رغم ذلك، قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إنه من السابق لأوانه مناقشة أي عقوبات على الرياض، معتبراً إقرار السعودية بمقتل خاشقجي، «خطوة أولى جيدة لكنها غير كافية».
منوتشين لن يحضر مؤتمر الاستثمار السعودي غداً، لكنه سيزور الرياض كما هو مقرر لإجراء محادثات مع نظيره السعودي بخصوص الجهود المشتركة لمكافحة تمويل الإرهاب.

تطبيع العلاقات بين أنقرة وواشنطن
عقب اتصال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الأميركي دونالد ترامب، والذي أكدا خلاله ضرورة كشف ملابسات الجريمة، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ونظيره الأميركي مايك بومبيو، محادثات هاتفية شملت قضية خاشقجي إلى جانب قضايا أخرى مثل التطورات في سوريا.
وكان بيان رئاسي عن اتصال أردوغان بترامب قد أشار إلى أن الزعيمين تطرقا، خلال المكالمة نفسها، إلى المسار القانوني بخصوص قضية القس أندرو برونسون، وأكدا عزمهما على تطوير التعاون بين البلدين، وتطبيع العلاقات في كافة المجالات، إلى جانب التعاون في «محاربة الإرهاب بما فيها منظمة غولن».
في سياق متصل بجريمة خاشقجي، أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأميركي بحث مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مكالمة هاتفية مساء أمس، في قضية مقتل الصحافي. وقالت الناطقة باسم الرئاسة الأميركية سارة ساندرز إنّه خلال المكالمة تطرّق الرئيسان إلى «الظروف المحيطة بالموت المأسوي للصحافي السعودي جمال خاشقجي».