بات واضحاً أنّ الساعات المقبلة ستحمل معطيات جديدة لن تحسم الجدل في قضية جمال خاشقجي، لكنّها ستبرّئ ساحة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وستلقي باللوم على «مسؤول استخبارات» سعودي كان «مندفعاً» في تأدية المهمات الموكلة إليه، وفق رواية «نيويورك تايمز»، ويعزّز تلك الرواية وصول وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى الرياض، موفداً من رئيسه دونالد ترامب، لوضع اللمسات الأخيرة على «صفقة» لإخراج السعودية من مأزقها.صحيفة «نيويورك تايمز» تحدّثت إلى مصدر قالت إنه «مطّلع على الرواية الرسمية» التي ستُعلنها الرياض للرأي العام، أكّد أنّ المملكة ستحمي ابن سلمان بإلقاء مسؤولية مقتل خاشقجي على مسؤول في الاستخبارات السعودية، وهو ما ينسجم مع إعلان ترامب حول «القتلة المارقين». العملية التي «سارت على نحو خاطئ» يوم الثاني من الشهر الحالي، أدَّت، وفق المصدر، إلى مقتل خاشقجي عن طريق «الخطأ» خلال تحقيقٍ جرى بأمرٍ من هذا المسؤول الاستخباري المقرّب من محمد بن سلمان. أوكل إليه الأخير مهمة التحقيق مع خاشقجي، «وإذا اقتضى الأمر جلبه بالإكراه». لكن المصدر قال إنّ مسؤول الاستخبارات الذي تعتزم السلطات السعودية «التضحية به» لحماية وليّ العهد، «ذهب بعيداً» متجاوزاً الخطة الأصليّة، بهدف «إثبات كفاءته في العمليات السرية الخاصة». وكانت شبكة «سي إن إن» قد نقلت عن مصدرين لم تُسمِّهما، قولهما إنّ الرياض تعدُّ تقريراً يفيد بأن خاشقجي قتل خلال استجواب جرى بشكل خاطئ، وكان المقصود اعتقاله.
في هذه الأثناء، وصل بومبيو إلى الرياض، حيث التقى كلاً من الملك السعودي سلمان وابن سلمان الذي أكّد للوزير الأميركي «قوة الحلف» بين البلدين، قائلاً: «نواجه تحدّياتنا معاً. في الأمس واليوم والغد»، بينما ينتظر أن يتوجه الموفد الأميركي إلى أنقرة يوم غدٍ الأربعاء للقاء نظيره مولود جاويش أوغلو، وفق ما أفادت به «الأناضول».
وأكدت الناطقة باسم «الخارجية» الأميركية، هيذر نويرت، أنّ بومبيو أعرب مجدداً عن قلق بلاده إزاء اختفاء خاشقجي خلال اجتماع مع نظيره السعودي عادل الجبير، وأضافت إنهما اتّفقا «على ضرورة إجراء تحقيقٍ شامل وشفّاف ومناسب».
(أ ف ب )

أردوغان يريد «رأياً معقولاً»
قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنّه يأمل بالتوصّل إلى «رأي معقول في أقرب وقت ممكن» في التحقيق بشأن اختفاء خاشقجي، مؤكداً أنّ تفتيش القنصلية السعودية، الذي بدأ يوم أمس، سيتواصل، لافتاً إلى أنّ التحقيق الذي تجريه مجموعة العمل السعودية ــــ التركية يبحث احتمال وجود مواد سامّة. وقال: «بعد دخول الشرطة التركية القنصلية لأول مرة وتفتيش المقرّ لمدّة تسع ساعات، كانوا يبحثون احتمال وجود مواد سامة جرى طمسها بطلائها».
وبحسب مصدر دبلوماسي تركي، فإنّ المحقّقين يعتزمون توسيع نطاق التفتيش اليوم ليشمل منزل القنصل السعودي، محمد العتيبي، القريب من مقرّ القنصلية.
وكان فريق التحقيق المشترك قد غادر مقرّ القنصلية فجر اليوم، بعدما أخذ عيّنات وخصوصاً من تراب حديقة القنصليّة. وبحسب وكالة «الأناضول»، استخدم الفريق التركي معدّات تحقيق جنائي تحت إشراف المدعي العام، بينما أعلن مصدر في مكتب الأخير أنّ عناصر التحقيق الأوّلية، تثبت مقتل خاشقجي داخل القنصلية، رغم محاولات جرت لطمسها.
وفي سياق التطورات المتسارعة، أصدرت أسرة خاشقجي بياناً هو الأول من نوعه، طالبت فيه بتشكيل لجنة تحقيق دوليّة لكشف حقيقة مزاعم مقتله بعد دخوله قنصلية بلاده في اسطنبول. وفق البيان، أضافت الأسرة: «نتابع، بحزن وقلق، الأنباء المتضاربة بشأن مصير والدنا بعد فقدان الاتصال معه، قبل أسبوعين، عندما اختفى بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول... عائلتنا مصدومة، وتتوق إلى أن نكون سوية في هذا الوقت المؤلم». وأوضحت أن «المسؤولية الأخلاقية والقانونية القوية التي غرسها والدنا فينا، تلزمنا بالدعوة إلى تشكيل لجنة دولية مستقلّة ومحايدة للتحقيق في ظروف موته»، في حين طالبت المفوضة العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ميشال باشليه، برفع الحصانة عن مسؤولين سعوديين قد يكونون ضالعين في اختفاء خاشقجي.
وأدى الجدل حول اختفاء خاشقجي أيضاً إلى اتخاذ رجال أعمال ومؤسّسات قرار مقاطعة مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» المزمع عقده في الرياض من 23 حتى 25 الجاري، إذ انضمّت شركة «غوغل» التابعة لـ«ألفابت» والرئيس التنفيذي لمصرف «كريدي سويس» تيجاني تيام، ونظيره في «اتش اس بي سي» جون فلينت، والرئيس التنفيذي لمصرف «ستاندرد تشارترد» بيل وينترز، إلى شركات أعلنت أنها ستقاطع المؤتمر.

خالد بن سلمان يغادر منصبه؟
نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولٍ أميركي حالي قوله إن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، خالد بن سلمان، الذي غادر العاصمة الأميركية الأسبوع الماضي، عائداً إلى الرياض، لن يعود إلى واشنطن، من دون أن يتّضح من سيخلفه وأين سيتم تعيينه. كما ذكرت أن السفارة السعودية في واشنطن ألغت احتفالاً كان مقرراً لمناسبة عيدها الوطني، في 18 من الشهر الحالي.