أفادت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، اليوم، بأن السعودية تحتجز آلاف الأشخاص لسنوات في بعض الحالات دون إخضاعهم للمحاكمة، محملة وليّ العهد محمد بن سلمان مسؤولية «الاعتقالات التعسفية».بيّن التقرير أنّ هناك «ارتفاعاً ظاهراً في عدد حالات الاحتجاز التعسّفي» في السنوات الأخيرة، مؤكداً أن على «الادّعاء العام في السعودية إمّا أن يوجّه تهماً إلى المتهمين الجنائيين، أو يفرج عنهم جميعاً فوراً، وأن يكفّ عن احتجاز الأشخاص تعسفاً».
أوضح تقرير المنظمة أنّ «استخدام السعودية الاحتجاز التعسّفي يواجه تدقيقاً متزايداً منذ الاعتقالات الجماعية التي طاولت 381 شخصاً بمزاعم الفساد في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017»، مضيفاً أن تلك الاعتقالات أثارت «قلقاً بشأن حقوق الإنسان، وبدا أنها جرت خارج أي إطار قانوني معروف، حيث أُجبر المحتجزون على التخلّي عن أصولهم المالية والتجارية مقابل حريتهم».
استندت المنظمة إلى «معلومات من قاعدة بيانات عامة لوزارة الداخلية على الإنترنت، كشفت أن السلطات احتجزت 2,305 أشخاص يخضعون للتحقيق لأكثر من 6 أشهر دون أن يمثلوا أمام قاضٍ». أضافت أن عدد المحتجزين «لفترات طويلة للغاية ازداد كثيراً في السنوات الأخيرة»، فيما «لا تقدم قاعدة البيانات معلومات عمَّا إذا كانت السلطات قد مكّنت المحتجزين من السعي إلى الخروج بكفالة أو نظام مماثل. كذلك لا تبين ما إذا كانت السلطات قد وجّهت تهماً رسميّة إلى المعتقلين الذين أحيلت قضاياهم على الادّعاء العام أو قاضٍ».
وفق «هيومن رايتس ووتش»، فقد تضمّنت قاعدة البيانات 6 أوضاع محتملة، هي: «رهن التحقيق»، «أوراق قضيته لدى هيئة التحقيق والادعاء العام»، «أوراق قضيته منظورة لدى القضاء»، «جارٍ استكمال إجراءات إحالته على الادعاء وإنفاذ ما صدر بحقّه من توجيه»، «محكوم»، «محكوم خاضع للاستئناف»، مع العلم أن «كل هذه الأوضاع قد تشير إلى الاحتجاز قبل المحاكمة، باستثناء محكوم ومحكوم خاضع للاستئناف».
السلطات السعودية تعتقل وتحتجز أي شخص تريده بدعوى أنها تحقق معه ولو كان التحقيق لا نهاية له


بالإضافة إلى ذلك، ذكرت قاعدة البيانات أنّ السلطات السعودية تحتجز «رهن التحقيق» 1,875 شخصاً لأكثر من سنة، و251 لأكثر من 3 سنوات. كذلك، تحتجز السلطات مواطناً سعودياً دون إدانة منذ أيلول 2003 وآخر «رهن التحقيق» منذ كانون الأول 2006، ومن أصل 251 شخصاً محتجزين «رهن التحقيق» لأكثر من 3 سنوات، يوجد 233 سعودياً.
أشارت مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظّمة، سارة ليا ويتسن، إلى أن «النظام الجنائي السعودي ما زال معطّلاً وجائراً» نظراً لأن السلطات «تستطيع احتجاز معتقل لعدة أشهر دون أي اتهام». تابعت ويتسن: على ما يبدو، إنّ شعار «رؤية السعودية 2030» الذي «رفعه محمد بن سلمان، ينطبق أكثر على مدة الاعتقال من دون تهم، مما يصف العام الذي سيتحقق فيه برنامجه الإصلاحي».
التقرير أشار أيضاً إلى أنّ «رايتس ووتش» «كتبت إلى الشيخ سعود المعجب، المدعي العام السعودي، في 1 شباط/ فبراير للحصول على تفسير للارتفاع الظاهر في عدد حالات الاحتجاز التعسفي، ولكنها لم تتلقَّ أيّ ردّ»، مع العلم أن نظام الإجراءات السعودي ينص على «جواز احتجاز الشخص دون تهمة لمدة أقصاها 5 أيام، قابلة للتجديد حتى 6 أشهر بأمر من هيئة التحقيق والادعاء العام (التي أصبحت النيابة العامة الآن). وبعد 6 أشهر، ينص القانون على أنه يتعين مباشرة إحالته على المحكمة المختصة أو الإفراج عنه».
وفق ويتسن، فإنه «عندما تحتجز السلطات مواطنين لأكثر من عقد دون تهم لأنهم رهن التحقيق، يصبح الواقع أشبه برواية عبثية. هذا يعني فعلياً أنّ السلطات السعودية يمكن أن تعتقل وتحتجز أي شخص تريده بدعوى أنها تحقق معه، ولو كان التحقيق لا نهاية له».