يبدو أن تحرك الشعب الليبي في طرابلس، أول من أمس، ضد المظاهر المسلّحة في البلاد، قد بدأ يؤتي أكله، فأول الغيث تمثّل بأمر المجلس العسكري في مدينة مصراتة لكتائبه المسلحة المتواجدة في العاصمة بالانسحاب منها ومغادرتها، وذلك غداة تظاهر سكانها ضد انتشار السلاح في الأحياء وأعمال العنف المتكررة. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن بيان للمجلس أن عملية الانسحاب من طرابلس ستشمل كذلك المكلفين بمهام أمنية من قبل الحكومة الانتقالية المؤقتة. ودعا مجلس مصراتة الحكومة الجديدة إلى مخاطبته رسمياً في حال وجود حاجة ماسة لثوار مصراتة. وكانت مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرقي طرابلس) قد عانت حصاراً طويلاً من قبل كتائب العقيد الراحل معمر القذافي وصمدت على مدى أشهر.
وتمكن فريق من وكالة «رويترز» من الدخول إلى مخزن سلاح تابع لمسلحين في مصراتة، حيث أحصى آلاف الصناديق من الأسلحة والذخيرة أغلبها تمت صادرتها القوات الموالية للقذافي وأعيدت إلى المدينة في شاحنات. وتقول الميليشيات، التي تشكلت لمحاربة حكم القذافي وتدين بالولاء لزعماء المجلس الانتقالي، إنها ستسلم الأسلحة بمجرد تأسيس جيش وطني.
ويوجد في مصراتة ست كتائب تضم اكثر من 200 وحدة. وتمتلك أغلب الكتائب عدداً من مخازن السلاح في مواقع مختلفة. وطبقاً لما أحصته «رويترز» فإن الأسلحة التي يمكن ان تكون موجودة هي 38 دبابة وتسعة مدافع آلية و16 مدفعاً ميدانياً و536 من صواريخ غراد روسية الصنع و13 قاذفة صواريخ غراد محمولة على شاحنات و2480 قذيفة مورتر و202 قذيفة مدفعية. ومن بين الأسلحة الأخرى 21 منصة صواريخ تم نزعها من طائرات هليكوبتر ونحو 10 صناديق من رؤوس حربية فيما يبدو أنها فرنسية الصنع لصواريخ مضادة للدبابات تطلق من طائرات عمودية. وأبدت كتائب مصراتة حسن نواياها وسلمت 500 قطعة من الاسلحة الخفيفة لوزارة الداخلية في تشرين الأول الماضي طبقاً لتقرير من الأمم المتحدة. وكان المتحدث العسكري باسم المجلس الانتقالي، أحمد باني قد قال إنه يعتقد ان كتائب مصراتة بمجرد وجود رئيس للأركان سيسلمون سلاحهم.
وفي ظل غياب توجيهات من طرابلس، وضعت خطة لتشكيل ثلاث وحدات من مصراتة في الجيش الوطني وبدأت بالفعل في اختيار قادة. وقال محمد الزين، القائد الذي يشرف على المدافع الميدانية وقاذفات صواريخ «غراد» عند قاعدة شركة النفط التي تم تحويلها الى مخزن، إنه سيقود إحدى هذه الوحدات. وأضاف أن الاستعدادات بدأت بالفعل لنقل السلاح إلى مخازن تابعة للجيش الوطني.
في هذا الوقت، لا يزال ثوار الزنتان (غرب)، يسيطرون على مطار طرابلس الدولي. ويرى رئيس مجلس الثوار في طرابلس، عبد الله ناكر، الذي جاء على رأس قوة كبيرة من ثوار الزنتان الى العاصمة، ان نزع سلاح الميليشيات ليس بالأمر السهل، متسائلاً: «من يضمن حقوق مقاتلي؟ ومن سيعوض لهم؟ بعضهم دفع ما يصل الى 12 الف دولار لشراء السلاح. يجب تعويضهم وتكريمهم».
من جهتها، نفت الحكومة الليبية أمس، أن تكون حددت مهلة أسبوعين للثوار المسلحين لمغادرة طرابلس، ورحبت بالتظاهرات السلمية المطالبة بالأمن والاستقرار في العاصمة.
بدورهم، يواصل رجال القضاء والنيابة والمحامون إضرابهم عن العمل، على خلفية قيام مسلحين باقتحام مكتب النائب العام وإرغامه على التوقيع على أمر بإخراج أحد المطلوبين للعدالة من السجن.
(يو بي آي، أ ف ب، رويترز)