يبدو أنّ الردّ العربي على الرسالة السورية التي تضمّنت شروط دمشق للموافقة على توقيع البروتوكول القانوني للمراقبين المقرَّر إرسالهم لتقصّي الحقائق في سوريا، لن يُكشف عن فحواه قبل يوم غد، السبت، هذا إذا صدقت الأنباء عن أن هذا اليوم سيشهد اجتماعاً للجنة العربية المكلفة الاتصال بالحكومة السورية في الدوحة، وسط وصول الرد العربي إلى دمشق يوم أمس بالفعل. في غضون ذلك، ظهرت ملامح مبادرة عراقية للتوسط لدى القيادة السورية لتطبيق المبادرة العربية الهادفة إلى إنهاء الأزمة في البلاد، مع استمرار المناوشات الكلامية بين الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي من جهة، والمندوب السوري لدى الجامعة، يوسف الأحمد من جهة أخرى. وقد تسلّمت وزارة الخارجية السورية أمس رد الجامعة العربية على الرسالة التي أرسلها وزير الخارجية وليد المعلم حول توقيع مشروع البروتوكول العربي يوم الثلاثاء الماضي بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي، الذي لم يفصح عن مضمون الرد، مؤكداً أن دمشق تدرس الردّ. وكانت الرسالة السورية المذكورة قد تضمنت شروط دمشق في مقابل توقيعها على بروتوكول المراقبين، والتي ترى دمشق بموجبها أن «جميع القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة ضد سوريا لاغية عند توقيع مشروع البروتوكول بين الجانبين»، إضافة إلى تضمين البروتوكول التعديلات السورية والملاحظات التي تقدمت بها الجزائر، وتأكيد رفض التدخل الأجنبي في الشأن السوري، وشروط أخرى منها أن يكون توقيع الاتفاق في دمشق لا في القاهرة. وقد تضاربت الأنباء حول احتمال عقد اللجنة العربية المكلفة الاتصال بالحكومة السورية اجتماعاً في الدوحة غداً لدراسة الشروط السورية؛ فبحسب مصدر دبلوماسي عربي، تجتمع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية (المؤلفة من سبعة وزراء خارجية عرب برئاسة قطر) غداً في الدوحة «لبحث الشروط التي وضعتها دمشق للتوقيع على البروتوكول ومهام بعثة المراقبين العرب الى سوريا». غير أن موقع «بوابة الأهرام» المصري نقل عن مصادر رفيعة المستوى في الجامعة العربية نفيها أن يكون الموعد قد تحدد لاجتماع اللجنة العربية، بما أن «الاتصالات والمشاورات لا تزال جارية للاتفاق على موعد عقد هذا الاجتماع» بعد انتهاء جولة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي التي تضمّ 3 دول عربية هي العراق وقطر والكويت.
وكانت سوريا بنداً رئيسياً في الزيارة العراقية لنبيل العربي، حيث أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن حكومته «ستناقش مع نظيرتها السورية تطبيق المبادرة العربية لوقف العنف في سوريا». وقال زيباري في مؤتمر صحافي مشترك مع العربي إن بغداد «ستبذل جهودها مع الحكومة السورية في سبيل تذليل العقوبات أمام هذه المبادرة النبيلة». وعن هذا الموضوع، قال زيباري «يمكننا المساعدة، ويمكننا أن نؤدي دوراً في دعم المبادرة العربية»، نافياً أن يكون موقف بلاده في ما يتعلق بعدم الالتزام بالعقوبات على سوريا قد تأثر بقرار من طهران. كلام مشابه صدر عن العربي عندما أشار إلى أن «الحكومة العراقية تفضلت وقالت لنا إنها ستقوم باتصالات مع الحكومة السورية من اجل الانتهاء من هذا الامر»، لافتاً إلى أن العراق يملك «ثقلاً وقدرة على الإقناع». وتابع العربي أن «محادثاتنا (مع المسؤولين العراقيين) كانت للاستفسار حول ما اذا كانت الحكومة العراقية مستعدة لممارسة نفوذها مع سوريا». وأضاف أن «الأمر يتعلق بسوريا الآن، والكرة في ملعبها لأن الأمر يعود لهم، فإذا أرادوا وقف العقوبات الاقتصادية فعليهم أن يوقعوا، ويمكنهم أن يأتوا ويوقعوا في أي وقت، وربما بعد 24 ساعة من ذلك سيكون المراقبون هناك»، أي في سوريا. وعن العقوبات الاقتصادية العربية المفروضة ضد سوريا، جدد العربي التأكيد أنها «مؤقتة» لكونها «ستتوقف بعد توقيع سوريا على البروتوكول الخاص ببعثة المراقبين». وقد نال الكلام الذي أدلى به العربي أول من أمس حول تنديده بأحداث العنف في حمص، انتقادات سورية جديدة من السفير يوسف الأحمد هذه المرة، الذي أعرب عن قلق بلاده واستغرابها للبيان «غير المتوازن الذي صدر عن نبيل العربي». وأشار الأحمد إلى أن «أي دور إيجابي وفاعل للجامعة العربية في حل الأزمة في سورية لا بد من أن يتأسس أولاً على توازن في الموقف ووضوح في الرؤية وحرص على صدقية كل معلومة يستند إليها في إصدار القرارات وإطلاق المواقف السياسية أو التصريحات الإعلامية».
وقد استمرّت ردود الفعل على المواقف التي أدلى بها الرئيس بشار الأسد في مقابلته التلفزيونية مع قناة «إي بي سي» الأميركية، إذ انضمت فرنسا إلى الانتقاد الأميركي العنيف الذي صدر تعليقاً على كلام الأسد. وشددت وزارة الخارجية الفرنسية على أنها لا تولي «أية صدقية للحديث الاستفزازي للرئيس السوري» عن العنف في بلاده والمسؤولية عنه، مشيرةً إلى أن الأسد «لن يفلت من العدالة». وفي الولايات المتحدة، ضاعف المرشحون داخل الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الاميركية دعواتهم إلى تنفيذ عمليات «سرية» ضد سوريا لتغيير النظام. وصرح الرئيس السابق لمجلس النواب نيوت غينغريتش، أمام ناشطين يهود، بأن «السياسة الأميركية تجاه سوريا يجب أن تقوم على استبدال الأسد وبذل كل الجهود مباشرة وسراً لكن دون تدخل القوات الاميركية لمساعدة المعارضة على قلب النظام». بدوره، دعا الحاكم السابق لولاية ماساتشوستش ميت رومني، المرشح الجمهوري للرئاسة، إلى القيام «بعمليات سرية للدفع نحو تغيير النظام في سوريا وألا نكتفي بفرض عقوبات على سوريا، وخصوصاً أن هناك عناصر من القوات العسكرية ينضمون إلى الثوار، وعلينا أن ندعم جهودهم».
ميدانياً، أفادت صحيفة «اندبندنت» البريطانية، أمس، بأن «أعداداً متزايدة من المدنيين السوريين ينضمون إلى المنشقين العسكريين الذين يشكلون الجزء الأكبر من الجيش السوري الحر». ونقلت الصحيفة البريطانية عن النائب عن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض محمد علي إديبوغلو تأكيده أن «الأسلحة تدخل إلى الجيش السوري الحر داخل سوريا عن طريق تركيا». على صعيد آخر، اتهمت الحكومة السورية «المجموعات الارهابية المسلحة» بتفجير خط أنابيب ينقل النفط من شرق سوريا إلى مصفاة هامة في حمص. أما «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض، فقد أكّد مقتل سبعة مدنيين على الأقل بينهم امرأة أمس «برصاص قوات الامن في حمص».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)