وسط ما يشبه حالة الذهول إزاء ما أسفرت عنه صناديق الاقتراع المصرية، انقسمت ردود الفعل الإسرائيلية بين التعبير عن «قلق بالغ» من «ثورة إسلامية في مصر»، والإعراب عن الأمل بألا تكون اتفاقية كامب ديفيد ضحية هذا التطور. وجاءت أبرز التعليقات الرسمية على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك (الصورة) الذي رأى في نتائج الانتخابات المصرية أمراً «مقلقاً جداً»، مستدركاً بتقويم موقف تل أبيب النهائي من القوى الإسلامية المصرية عبر قوله «من السابق لأوانه توقّع كيف ستنتهي التغييرات التي نواجهها، فقد يكون الأمر أنهم في السياق التاريخي إيجابيون، وفي السياق الفوري يمثّلون إشكالية». وأردف قائلاً «آمل بشدة أنه أياً كانت الحكومة التي ستظهر في مصر ومع أي دستور يظهر في مصر، فإنها ستدرك أنه... ليس هناك بديل سوى الحفاظ على إطار الاتفاقيات الدولية، ومن بينها اتفاقية السلام معنا».وعبّر باراك عن أمله بأن تجعل السلطات المصرية «نفسها جاهزة للتعامل بجدية مع الوضع في سيناء»، مضيفاً «إنهم يبذلون جهداً، إلا أن التطورات في المنطقة تثير القلق».
من جهته، اكتفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالإعراب عن أمله بأن «تعترف أي حكومة تتألف في مصر بأهمية اتفاق السلام مع دولة إسرائيل بوصفه قيمة بحدّ ذاته أو كأساس للاستقرار الأمني والاقتصادي في المنطقة». أما الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز فرأى أن هناك «رجال دين متطرفين يحاولون أن يصدّوا قدوم الربيع العربي، وأن يحبطوا آمال الشباب، وهم كعادتهم يستخدمون كراهية إسرائيل كذريعة لإخفاقاتهم». وسعى وزير البيئة غلعاد أردان إلى احتواء أجواء القلق الإسرائيلي حيال الوضع المصري، فدعا إلى عدم قرع الطبول، وأعرب عن أسفه لتصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة. وقال «يجب أن نفعل كل شيء لنحافظ على اتفاق السلام مع أي حكم منتخب في مصر، وتطوير العلاقات معه».
في المقابل، رأى وزير الشؤون الاستخبارية دان ميريدور أن الحفاظ على اتفاقية السلام مصلحة مصرية وإسرائيلية على حدّ سواء، وأنه يجب الاستعداد لأسوأ السيناريوات.
وعلى هامش المواقف الرسمية الموارية، نقلت صحفية «يديعوت أحرونوت» عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن ما حصل في مصر «أخطر ممّا قدّرنا»، مضيفاً أن «ما كان خطراً أصبح تهديداً». وكما قال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية للصحيفة، فإن «النتائج تدل على أن توجهاً متطرفاً سيسود كل الشرق الأوسط، وهذا استمرار للانتخابات في تونس والمغرب»، متهماً إيران والسعودية بتمويل الحركات الإسلامية في مصر. ورأى المسؤول الإسرائيلي أن «الإسلاميين سرقوا عملياً الثورة التي بدأها الشبان العلمانيون في شهر كانون الثاني، وهذا بالضبط ما حدث في إيران في عام 1979». واستبعد المسؤول الإسرائيلي أن يؤدي فوز الإسلاميين إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أن رسم السياسة الخارجية في مصر هو من صلاحيات الرئيس، «ومن لديه الاحتمال الأكبر للفوز بالرئاسة هو عمرو موسى الذي لا ينتمي إلى محبّي صهيون، لكنه ملتزم بالعلاقات مع الغرب».
وأفردت الصحف الإسرائيلية مساحاتٍ واسعة للحدث المصري الذي تصدّر الصفحات الأولى. وعنونت صحيفة معاريف بـ«انتصار جارف للإسلام المتطرف في مصر»، فيما عنونت «إسرائيل اليوم» بـ«انتصار الإسلام... الثورة الإسلامية في مصر تنطلق». وجاءت تغطية «يديعوت أحرونوت» تحت عنوان «بلوى مصر... الإسلام عليكم».
ووجّه معلّقون إسرائيليون بارزون انتقادات حادة إلى الإدارة الأميركية وإلى الطريقة التي تتعامل بها مع التطورات في مصر، وحمّلوها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع هناك. وكتب كبير معلّقي «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، «لا يوجد خطأ لم ترتكبه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فإدارة أوباما لم تتعلم أي شيء من بيعها لحليفها مبارك، وهي الآن تبيع أيضاً بثمن بخس جداً الجماعة العسكرية الحاكمة». أضاف «لقد دخلت إدارة أوباما في هذه المواجهة الحتمية بين القوى الليبرالية والإسلامية مع ترانيم التحول الديموقراطي الجوفاء نفسها، وهي بدل أن تقدم المساعدة إلى القوى الليبرالية، تُشغل بإلقاء دروس عن الديموقراطية وحقوق الإنسان على الجنرال طنطاوي ومرؤوسيه».