خيّم الاستياء الخليجي، بوضوح، على زيارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، للرياض، أمس، وظهر ذلك من خلال طريقة استقباله في المطار من قبل القادة السعوديين. إلا أن "الاستياء" لم يمنع زعيمي البلدين من "تجديد تأكيد الصداقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية العميقة، بين الولايات المتحدة والسعودية"، وفق بيان صادر عن البيت الأبيض.
وكانت البرودة في العلاقات ظاهرة في عدّة محطات من الزيارة، خصوصاً لدى نزول أوباما من الطائرة، حيث كان في استقباله أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز، ووزير الخارجية عادل الجبير، بعد وقت قليل من بثّ التلفزيون السعودي استقبال الملك سلمان لزعماء قمة الخليج. فضلاً عن ذلك، لم تسلّط وسائل الإعلام السعودية الضوء، مباشرة، على حضور أوباما إلى الرياض، الأمر الذي وصفته شبكة "سي ان ان" بالازدراء السعودي للرئيس الأميركي، استناداً إلى ما تداوله مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، في تعليقهم على الترحيب السعودي "البارد" بأوباما. إلا أن مسؤولاً أميركياً خفّف من أهمية هذا الحدث، وأوضح للشبكة الأميركية أن "غياب الملك سلمان عن الاستقبال فور الوصول لم يُنظر إليه كإهانة"، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي نادراً ما يستقبل الزعماء الأجانب في المطار، عند وصولهم إلى الولايات المتحدة.
والزيارة الحالية هي الرابعة لأوباما، منذ توليه مهماته مطلع عام 2009. أما زيارته السابقة، فقد كانت مطلع عام 2015 للتعزية بوفاة الملك عبد الله. وقد سعى البيت الأبيض إلى إبراز أهمية العلاقة مع الرياض، التي تعود إلى سبعين عاماً، مؤكداً أن هذه الزيارة ليست مجرد فرصة لالتقاط صورة تذكارية بين المسؤولين السعوديين وأوباما، الذي تنتهي ولايته مطلع السنة المقبلة. وقال مستشار أوباما، بن رودس، إن "العلاقة كانت دائماً معقدة، إلا أنّ ثمة دائماً قاعدة تعاون حول المصالح المشتركة، ولا سيما مكافحة الإرهاب".
«ازدراء» سعودي لأوباما... لا يلغي الودّ

من جهته، أشار الخبير في معهد "بروكينغز" للأبحاث، بروس رايدل، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إلى أنه "رغم كل الاختلافات، إلا أن السعودية وأميركا لن تنفصلا"، مضيفاً: "يحتاج بعضنا إلى بعض".
وسيشارك أوباما، اليوم، في اجتماع مجلس التعاون الخليجي، فيما كان قد التقى أمس ــ إضافة إلى الملك سلمان ــ ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، في الفندق حيث يقيم، وذلك لمناقشة قضايا إقليمية وسبل تعميق التعاون في القتال ضد "داعش"، على ما أفاد بيان للبيت الأبيض. وأشار البيان إلى أن أوباما وبن زايد اتفقا على الحاجة لتسوية سياسية في الصراع اليمني، والحاجة للدعم الدولي لحكومة الوفاق الجديدة في ليبيا، ولتجنّب "الأعمال التي تؤدي إلى أضرار محتملة".
ويرافق أوباما في زيارته وزير الدفاع آشتون كارتر، ومستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، الأمر الذي قد يشير إلى التركيز على الأمن في جدول أعمال لقاءات الرئيس مع المسؤولين الخليجيين.
وفي هذا الإطار، أعلن كارتر أن بلاده سرّعت، منذ عام، وتيرة تعاونها العسكري مع دول الخليج. وقال: "منذ عام، أحرزنا تقدماً مهماً" في مختلف مجالات التعاون، التي تم تحديدها، في خلال قمة كامب ديفيد في أيار 2015. وأوضح كارتر الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي، بعد اجتماع عقده مع نظرائه الخليجيين، أن "تسريع التعاون العسكري، الذي اقترحته واشنطن، قبل عام، لطمأنة الخليجيين حيال التهديد الإيراني، يؤتي ثماره". وفي هذا السياق، وعلى صعيد بيع السلاح، وافقت واشنطن منذ عام على بيع دول الخليج معدات عسكرية "بأكثر من 33 مليار دولار"، على حدّ قول وزير الدفاع. كذلك، أكد كارتر أن الدوريات المشتركة للبوارج تكثّفت وأيضاً التدريبات العسكرية المشتركة.
ولفت كارتر إلى أن الجانبين يعملان على مشروع دفاع جوي مضاد للصواريخ يشمل دول الخليج الست، أي السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان. وأشار إلى أن القوات الخاصة الأميركية والقوات الخاصة التابعة لدول الخليج "تعمل بشكل وثيق أكثر من أي وقت مضى، بما في ذلك في مناطق الحرب".
وفي السياق ذاته، صرّح الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف بن راشد الزياني، بأن المجلس والولايات المتحدة "سيبدآن دوريات بحرية مشتركة، لوقف تهريب أي شحنات أسلحة إيرانية إلى اليمن"، فيما أفاد مسؤولون أميركيون بأن "هذه الدوريات تجري، بالفعل، ولا تمثل خطوة جديدة".
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)