من المنتظر أن تعقد اللجنة العربية الوزارية العربية، المكلفة العمل على إيجاد حل للأزمة السورية، اجتماعاً غداً في الدوحة لتنسيق جهودها قبيل التوجه إلى سوريا، بعد غد، على وقع تمسك أطياف في المعارضة برفض الحوار مع السلطة، فيما تستمر الاضطرابات الأمنية في عدد من المناطق. وأعلن نائب الأمين العام للجامعة العربية، أحمد بن حلى، أمس، أن اللجنة ستجتمع الثلاثاء في الدوحة، فيما أكد الأمين العام، نبيل العربي، أن اللجنة «تسعى بكل جدية الى حشد الجهود العربية من أجل مساعدة سوريا للخروج من الأزمة الراهنة
، وذلك من خلال آليات محددة تتيح وقف إطلاق النار وأعمال العنف بكل أشكاله وخلق الأجواء الملائمة للبدء في حوار وطني شامل يضع سوريا على طريق الحل السلمي السياسي، ويبعد عنها شبح التدخلات الخارجية والاقتتال الأهلي، وبما يضمن كذلك تنفيذ الإصلاحات السياسية المطلوبة تلبية لتطلعات الشعب السوري في الحرية والتغيير السياسي المنشود». وشدد على «ضرورة التعامل مع هذا الجهد العربي بصورة إيجابية من قبل القيادة السورية وجميع أطراف المعارضة السورية، حتى يمكن إنجاح مساعي اللجنة الوزارية العربية.
إلا أن أبرز أطياف المعارضة السورية تبدو مصممة على رفض الحوار مع النظام. ونفت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي السورية أنباء عن قبولها المشاركة في الحوار مع السلطة، وشددت على أنه لا صحة لها. وحذر الناطق الإعلامي باسم الهيئة، حسين العودات، من إمكان استخدام السلطة المعارضة الموالية للنظام، مشدداً على أنها ليست معارضة، مشيراً إلى أن الهيئة بدأت التواصل مع المجلس الوطني المعارض لتنسيق جهود المعارضة السورية.
من جهته، أعلن القيادي البارز في المجلس الوطني، برهان غليون، «أن المجلس الوطني يرحب بكل الجهود لمساعدة الشعب السوري على الخروج من الأزمة ووقف (آلة القتل)»، لكنه استغرب «أن يقبل وفد الجامعة العربية أن يذهب إلى دمشق، والدم السوري لا يزال يسقط مع عشرات الشهداء كل يوم». وطالب «الجامعة العربية بأن تكون جدية في ما تطلبه من النظام».
أما «التيار الثالث من أجل سوريا»، فقد شدد «على ضرورة انعقاد مؤتمر حوار وطني شامل لا يستثني أحداً من السوريين تحت سقف الوطن»، ودعا السلطة إلى «تهيئة المناخ الملائم للحوار». وبعدما جدد التيار تأييده للقرارات والقوانين الإصلاحية التي أقرّتها الحكومة، شدد على أهمية ترجمتها عملياً وتنفيذها على أرض الواقع.
من جهتها، حذرت الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير والمبادرة الوطنية الديموقراطية، في بيان مشترك أمس، من «أن قوى التحالف الأطلسي ـــــ الصهيوني وبعض القوى الإقليمية والعربية (تعمل) على الدفع باتجاه العمل العسكري، مستفيدة من قبول بعض من المعارضة في الخارج والداخل بالحماية الدولية، سواء علناً أو ضمناً». ودعا البيان «كل القوى الوطنية لتوحيد صفوفها (وفي مقدمها المعارضة الوطنية) من أجل تغليب صوت العقل والحكمة والانخراط في مؤتمر حوار وطني شامل».
وجاءت هذه المواقف في وقت أعلن فيه السيناتور الأميركي، جون ماكين، أن إجراءً عسكرياً في سوريا بات يمكن أن يدرس بما أن حملة حلف شمالي الأطلسي في ليبيا قد انتهت. ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عنه قوله أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في الأردن «بعد انتهاء العمليات العسكرية في ليبيا، سيكون هناك تركيز متجدد على أي عمليات عسكرية عملية قد تؤخذ لحماية المدنيين المقيمين في سوريا»، فيما استبعد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أي سيناريو عسكري في سوريا مشابه لحملة حلف شمالي الأطلسي في ليبيا.
وفي السياق، يستعد الغرب على ما يبدو لتعزيز ضغوطه على النظام السوري، بما في ذلك الضغط على روسيا والصين. ومن المتوقع أن يعود وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إلى الصين، في عطلة نهاية هذا الأسبوع، في محاولة لإقناع بكين بعدم الاعتراض في مجلس الأمن على قرار أكثر تشدداً من البيان الذي تمّ التصويت عليه في آب.
وفي موازاة المواقف الغربية، كان للرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، موقف بارز من الأحداث في سوريا. وأدان في مقابلة أجرتها معه قناة «سي أن أن»، «عمليات القتل والمجازر في سوريا، سواء كان القتلى من قوات الأمن أو من الشعب والمعارضة»، مؤكداً أن لدى إيران «صيغة واضحة بالنسبة لسوريا تنطوي على أن يجلس كل الأطراف معاً للتوصل إلى تفاهم».
أما تركياً، فتداولت مواقع إخبارية نبأ قيام مسؤول تركي رفيع المستوى بزيارة دمشق يوم الجمعة الماضي سراً ولوقت قصير، وذلك بالتزامن مع زيارة نائب رئيس الوزراء التركي بشير أتلاي ووزير العدل سعد الله أرجين مخيمات اللاجئين السوريين في إقليم هتاي جنوب البلاد، وتأكيدهما العمل على تحسين ظروف اللاجئين قبل بدء فصل الشتاء.
ميدانياً، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجيش قتل شخصين أمس في بلدة قلعة المضيق الواقعة في ريف حماه، عندما رفضا التوقف عند أحد حواجز التفتيش.
وفي حمص، أكد المرصد «خطف عميد كلية الهندسة الكيميائية والبترولية محمد خضور من قبل مسلحين مجهولين قتلوا ضابطاً حاول حماية العميد من المسلحين»، فيما تحدث المرصد عن اقتحام قوات أمنيّة بلدتي داعل وإبطع. وأشار إلى إضراب عام تشهده بلدات وقرى محافظة درعا منذ أربعة أيام، فيما ارتفع عدد قتلى أول من أمس إلى 13 شخصاً، بينهم 6 مدنيين، فضلاً عن 5 من رجال الأمن.
من جهتها، أشارت وكالة الأنباء السورية، سانا، إلى تشييع «جثامين 6 شهداء من قوى الجيش والأمن»، فضلاً عن «قتل إرهابي (يدعى عبد الرحيم نجيب) في حي القصور بحمص (أول من أمس) بعد إطلاقه النار على دورية أمنية».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)



محافظان جديدان لإدلب وريف دمشق


عيّن الرئيس السوري، بشار الأسد، محافظين جديدين، أمس، لمحافظتي إدلب وريف دمشق اللتين تشهدان احتجاجات مستمرة ضد النظام. وقالت وكالة الأنباء السورية سانا إن الأسد أصدر مرسوماً بتعيين حسين مخلوف محافظاً لريف دمشق، وهي المنطقة المحيطة بالعاصمة، وياسر الشوفي محافظاً لإدلب، المتاخمة لتركيا بشمال البلاد. واللواء الشوفي كان قبل تعيينه محافظاً قد شغل منصب قائد شرطة محافظة حلب، بينما يعمل المهندس حسين مخلوف في وزارة الري. في غضون ذلك، رأى رئيس هيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلّحة في سوريا العماد فهد جاسم الفريج (الصورة)، أول من أمس، أن ما تتعرّض له سوريا هو فصل جديد من فصول التآمر الغربي على شعوب المنطقة. وبعدما أشار الفريج الى أن «الديموقراطية التي ينادي بها الغرب وأميركا هي ديموقراطية القمع والإرهاب، وأن حريّتهم هي حرية استباحة المحرمات»، شدد على أن «الشعب السوري يرفض التدخلات الخارجية ويؤيد الإصلاحات التي اتخذتها القيادة ويقف مع القوات المسلّحة في تصدّيها للمجموعات الإرهابية المسلحة». وأكّد أن بلاده «لن تساوم على الحقوق العربية وستخرج من الأزمة أكثر قوة ومنعة وإصراراً على التمسك بثوابتها الوطنية والقومية».