وافقت الحكومة الإسرائيلية، يوم أمس، على اتفاقية الغاز المعدّلة مع شركة «نوبل إنرجي» الأميركية ومجموعة «ديلك» الإسرائيلية. أتى ذلك بعد نقاش حكومي استمر ساعات، على أن يجري التصويت على الاتفاقية في الكنيست في أيلول أو تشرين الأول المقبلين.وصوّت لمصلحة الاتفاق ١٧ وزيراً مقابل معارضة وزير البيئة، آفي غاباي، وامتناع ثلاثة وزراء عن التصويت، بسبب تضارب في المصالح، بينهم وزير المالية، موشيه كحلون.

ويسمح الاتفاق لـ«نوبل إنرجي» و«ديليك» الاحتفاظ بملكية حقل «ليفيتان» (أكبر حقل بحري في إسرائيل)، فيما يتعين عليهما بيع أصول لهما في حقول أخرى، من بينها «تمار».
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صيغة الاتفاق بـ«التاريخية»، لافتاً إلى أنها سوف تدخل «مئات مليارات الشواكل» إلى الاقتصاد الإسرائيلي.
وعلى خلفية السجال الحاد الذي احتدم داخل المؤسسة السياسية، نعت نتنياهو معارضي الصفقة بـ«الشعبوية»، مشدداً على ضرورة تطوير حقول الغاز الإسرائيلية «بأقصى سرعة». وأشار إلى أنّ «المال الذي ستوفره هذه الصفقة سوف يذهب إلى التعليم، والصحة، والضمان الاجتماعي... وحاجيات وطنية أخرى».
ورأى نتنياهو أن «هذا القرار يمثّل حجر الزاوية»، وسوف «تجري الموافقة على هذه الخطة بنحو أو بآخر... آن الأوان للموافقة عليها»، مضيفاً أن «المصالح الحقيقية لإسرائيل تتطلب أن تجري الموافقة على هذه الصفقة بأقرب وقت ممكن».
وكان نتنياهو قد أعلن يوم الخميس الماضي عن الصفقة التي جرى التوصل إليها، مؤكداً أن الحكومة ستوافق عليها بسرعة.
وكانت المفاوضات مع «نوبل» و«ديليك»، قد تضمنت أسعار الغاز الطبيعي وأصول الشركتين في الحقول، والإنتاج المستقبلي.
ويأتي التصويت على اتفاق الغاز في الحكومة بعد أسابيع من سجال محتدم احتلّ عناوين الصحف ونشرات الأخبار في إسرائيل، تحت عنوان مناقشة مستقبل الطاقة في الدولة العبرية، وخاصة أن حقول الغاز التي اكتُشفت ستحوّلها من دولة مستوردة للطاقة إلى دولة مصدرة لها.
وتداخلت في المعركة التي نشبت في الساحة الإسرائيلية الاعتبارات السياسية مع المصالح الاقتصادية لكل طرف.
وبدأ هذا المسلسل حينما كانت شركتا «ديليك» و«نوبل انرجي» الوحيدتين اللتين أجرتا عمليات التنقيب، عندما لم يكن الأمر مغرياً بالنسبة إلى شركات التنقيب. ونتيجة ذلك، لم تتقدم للمناقصة سواهما، الأمر الذي سمح لهما بالحصول على تحولهما إلى جهة محتكرة لقطاع الغاز في إسرائيل. لكن ذلك لم يبدأ بالتبلور إلا بعد نجاح اكتشاف العديد من حقول الغاز الطبيعي، وقد أحكمت الشركتان سيطرتهما على معظم الأصول في حقلي الغاز «تمار» و«داليت»، وفي حقل الغاز «ليفيتان»، وهو الحقل الأكبر والأغنى، وأيضاً في حقلي الغاز «كاريش» و«تنين» الصغيرين مقارنة بالحقول الأخرى.
وبعد مرحلة من المفاوضات والسجالات، استقال مفوّض منع الاحتكار من منصبه، احتجاجاً على سياسة الحكومة التي ترمي إلى تكريس احتكار الشراكة بين «ديليك» و«نوبل انرجي»، عبر إحكام سيطرتهما على قطاع الغاز الطبيعي في إسرائيل. أتى ذلك بعد محاولة مفوّض منع الاحتكار إعادة ترتيب هيكلية سوق الغاز الطبيعي، لضمان عدم احتكار أي جهة تجارية لهذا المورد الحيوي.
على خط مواز، كانت شركتا «ديليك ــ نوبل» قد هددتا بأنه في حال حصول خرق أحادي الجانب للاتفاقات المبرمة، سيدفعها ذلك إلى التوجه إلى المحاكم الدولية. وتتظلل الحكومة بهذه التهديدات عبر القول، إن ذلك سيضرّ بسوق الغاز الإسرائيلية لسنوات طويلة، ويضيّع على الاقتصاد الإسرائيلي مئات المليارات.
وفي مقابل الموقف المتشدد للشركتين، يبدو أداء الحكومة والطبقة السياسية في إسرائيل منقسماً ويسوده الاختلاف والإرباك، ويشمل ذلك كلاً من الحكومة والكنيست.
على ضوء ذلك، طرحت الحكومة طرحاً جديداً لإعادة هيكلة سوق الغاز، تقوم بموجبه شراكة «ديليك ــ نوبل» ببيع حصصهما في حقلي «كاريش» و«تنين» الصغيرين، ثم تبيع «ديليك» حقوقها في حقل «تمار» وتبقى في «ليفيتان» فقط. وتبقى أيضاً «نوبل» صاحبة الحصة الأكبر في «ليفيتان».
وروّجت الحكومة لهذا الطرح باعتباره فرصة لكسر احتكار شركة «نوبل» الأميركية لأعمال التنقيب عن الغاز في إسرائيل، ويضعف احتكار «ديلك».
في المقابل، تبرز معارضة قوية لهذا الطرح وتشمل وسائل إعلام ورأيا عاما والعديد من السياسيين في الكنيست، واليسار الاقتصادي، إضافة إلى خبراء في مجال الطاقة. ويرون في هذا الطرح شرعنة وتكريساً لاحتكار شركة «نوبل»، ويشددون على أن وجود جهة احتكارية تسيطر على الغاز الطبيعي، يهدد الدولة والمجتمع، فضلاً عن الأضرار التي يلحقها بالمصلحة العامة.
(الأخبار)