ضجّت وسائل الإعلام العربية والعبرية والأجنبية مساء أمس بأنباء عن التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى بين حركة «حماس» وإسرائيل. الأنباء ما لبثت أن تحولت إلى حقيقة، بعدما خرج رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل بكلمة متلفزة يعلن فيها إنجاز الصفقة، بعدما سبقه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي جمع حكومته لإبلاغها الأمر، وتفاصيله. وأكد مشعل، في كلمة عبر التلفزيون، أنه تم التوصل إلى «صفقة التبادل لأسرانا وأسيراتنا الأبطال مقابل الجندي وأسير الحرب الذي أسرناه في الحرب»، وخلاصتها الإفراج عن «ألف أسير و27 أسيرة». وأضاف أنه سيُفرج عن الأسرى «على مرحلتين، الأولى تشمل 450 أسيراً ستنفذ خلال أسبوع من هذا الوقت، والثانية ستكون بعد شهرين من تنفيذ المرحلة الأولى، وقوامها 550 أسيراً».
وتابع مشعل أن هذه الصفقة تشمل «كل النساء، ولن تبقى أي أسيرة فلسطينية في سجون العدو (...)، و315 أسيراً مؤبداً وعدداً من ذوي الأحكام العالية (بالسجن) عشرات السنوات». ورأى أن هذه الصفقة «إنجاز كبير في الحجم والنوعية المتميزة»، مشيراً إلى أنها تشمل «معتقلين من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وأراضي 1948 والجولان والشتات». كذلك رأى أن إنجاز هذه الصفقة «هو تعبير عن وحدة الوطن ووحدة الشعب الفلسطيني (...) من خلال شمولها جميع الفصائل».
وعاهد مشعل الشعب الفلسطيني على مواصلة الجهود للتوصل إلى الإفراج عن بقية الأسرى، «ومن أفرج عن 1027 أسيراً سيفرج عن الـ7000 الباقين».
وأضاف «إن قيادة المقاومة الفلسطينية مؤتمنة على هذه المسؤولية، ولن تتوقف عن أدائها، وستفعل المستحيل من أجل الإفراج عنكم جميعاً، وفَينا اليوم وسنفي غداً». وتوجه مشعل بالشكر إلى «كتائب القسام وفصائل المقاومة التي أتت بهذا الأسير (شاليط)، بفضل عملية الوهم المتبدد، وجعلت الحلم مجسّداً لدى أسرانا». كذلك شكر «شعبنا في قطاع غزة الذي تحمّل الكثير بعد العملية، وقدم 500 شهيد، وتحمّل خمس سنوات من الحصار والعقوبات والتضييق والعدوان المتواصل». وشكر مشعل أيضاً «مصر الشقيقة التي خاضت معنا مفاوضات عسيرة ومضنية، وبذلت جهداً مشكوراً، وجهاز استخباراتها العامة الذي أدى واجباً وطنياً، وكل من ساعد في هذه الصفقة من دول وشخصيات، خصوصاً قطر وسوريا وتركيا، والوساطة الألمانية».
ولم يفصح مشعل عن تاريخ الإفراج عن شاليط، إلا أن مسؤولاً فلسطينياً أكد لوكالة «فرانس برس» أن «الإفراج عن شاليط سيحصل خلال أسبوع».
ورحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإنجاز صفقة التبادل. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة «فرانس برس»، في اتصال من كاراكاس حيث يرافق عباس في زيارة رسمية، إن «الرئيس عباس يرحّب بشدة بإتمام صفقة التبادل، وبهذا الإنجاز الوطني الفلسطيني».
وفيما لم تعلن تفاصيل الصفقة وآلية تنفيذها، إلا أن ما تسرب من معلومات غير رسمية للمراسلين الإسرائيليين يشير إلى أن الاتفاق يتضمن النقاط الآتية: «الإفراج عن ألف أسير فلسطيني مقابل شاليط، على أن تجري العملية على مرحلتين، تشمل الأولى الإفراج عن 450 أسيراً محددي الأسماء، فيما تشمل المرحلة الثانية إطلاق سراح 550 أسيراً تحدد إسرائيل أسماءهم في وقت لاحق. وتتضمن لائحة الأسرى الذين سيطلق سراحهم في المرحلة الأولى أسماء 15 من أصل 60 أسيراً «من الوزن الثقيل»، كان الموقف الإسرائيلي يصرّ على رفض شملهم بأيّ صفقة. كذلك ينص الاتفاق على إبعاد 70 أسيراً من المفرج عنهم إلى خارج إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة». وفي سياق هذه النقطة، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى تقارير أميركية تحدثت عن اتصالات تجري مع دولة ثالثة لتحصيل موافقتها على استقبال الأسرى المبعدين.
وفيما لم يُحدّد أسرى «الوزن الثقيل»، أعلن مسؤول فلسطيني لوكالة «فرانس برس» أن إسرائيل ستطلق سراح القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات من ضمن اتفاق تبادل للأسرى. وقال: «المعلومات التي لدينا تؤكد أن مروان البرغوثي وأحمد سعدات سيكونان من ضمن الذين سيفرج عنهم في الصفقة»، فيما رجّحت مصادر أن يكونا من بين أسماء المبعدين.
وتترقب عائلتا البرغوثي وسعدات الإعلان رسمياً عن أسماء الذين تشملهم الصفقة. وقال مقبل البرغوثي، شقيق مروان البرغوثي، لوكالة «فرانس برس»، «لا يوجد لدينا أي معلومات إن كان مروان سيكون ضمن المفرج عنهم أو لا، لكننا نأمل ذلك، وخصوصاً أن حركة حماس أكدت لنا أكثر من مرة تمسّكها بأن يكون مروان ضمن المفرج عنهم».
من جهتها، قالت عبلة سعدات، زوجة أحمد سعدات، أنها تتابع الأخبار لكنها لا تملك معلومات قاطعة عن أن زوجها سيكون من ضمن المفرج عنهم. غير أنها تداركت «لكن المعلومات من وسائل الإعلام الإسرائيلية تبشّر بأن زوجي سيكون من ضمن المفرج عنهم».
إلى ذلك، تجمع الآلاف قرب مسجد الخلفاء في شمال قطاع غزة، بدعوة من حركة حماس، وهم يرددون هتافات تأييد لكتائب القسام والفصائل التي أسرت شاليط، ويدعون إلى أسر المزيد من الجنود لضمان إطلاق كل الأسرى من السجون الإسرائيلية. وأطلق سائقو السيارات أبواق سياراتهم ابتهاجاً بإنجاز الاتفاق الذي يتوقع تنفيذه خلال الأيام المقبلة، فيما أطلقت ألعاب وأعيرة نارية في سماء القطاع ابتهاجاً بالمناسبة.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)