إنو إيه والله احنا بنفرح لما نشوف حزب الله رافع شارات النصر، احنا الفلسطينية العائدين اللي عايشين بالمخيمات، كتير بنفرح، بنشعر إنه هادا الفرح إلنا كمان. احنا لما قصفوا الصهاينة الضاحية كنا فيها، وبقينا فيها، وما فلينا من المخيم. يومها كتير ناس ما تركوا الضاحية. سمعنا سيارات عم تدور وفيها ميكروفونات عم تصرخ: لأجل أمانكم يطلب منك إخوتكم في المقاومة الإسلامية أن تتركوا الضاحية. احنا ما قدرنا نتركها، مع انه والله بيعز علينا نقول لإخوتنا المقاومين لأ، بس ما كنا بدنا نطلع.
ما طلعنا، الفلسطيني ما في يطلع بسهولة من محل. كل ما بيطلع من محل ما بيعود يرجع عليه بالمرة، هيك في ختيار بالمخيم قال لما سمع هاي الخبرية. كنا بساحة أبو طاقة وقتها، هاي ساحة صغيرة بالمخيم، كنا عم نسمع اللي عم بيصير، وعم نسمع الضرب. كل دبة صاروخ كنا نحسها كأنها عم تطلع من قلوبنا. كل ضربة كنا نحسها كأنها جاي لعنا. ومع هيك ما فلينا. يمكن الصهيوني ما بيعرفنا منيح، والله احنا ما بنخاف من حدا بالمرة. يمكن غريبة الخبرية، بس الفلسطيني الظاهر انولد وناقص هرمون الخوف عنده. بدك تشوف الولاد وهنا عم يلعبوا فوتبول وقت الضرب، وقامت اجت الطابة عند بيت الحجة أم أمين. يا معلمي، الضرب شغال والحجة إم أمين عم تعيط على الولاد، كيف كسرولها القزاز.
الناس كلهن كانوا عم يعيشوا مع ام أمين كيف عم تخانق مع الولاد، والله العظيم كان المشهد اكتر من سريالي، إنه بلاد عم تحترق وإم أمين مشغولة بالقزاز. واحد زنخ من الشباب قالها لإم أمين: يا حجة لو اجت هلق شي قذيفة ما هي بتروح كل شي بالبيت، مش بس القزاز. ام أمين اتطلعت عليه هيك بقلة بال وقالتله: يغص بالك، يعني انت بدل ما تروح تقاوم وتشوف كيف بدك تربي هدول ولاد الكلب قاعد تتخوت علي؟ اوم روح من هون يا ابن .... ومشينا وقتها واحنا عم نضحك. يمكن أحلى فيلم ما بيعمل هيك مشهد، الملفت إنه كان حقيقي. ليش شو بدك بالحكي، مش في كتير شباب قعدوا يأرجلوا بنص الشارع اللي بوجه المخيم؟ نصبوا الأراجيل وقعدوا يأرجلوا، وقتها مرقوا شباب حزب الله وطلبوا منهم إنهم يقوموا من الشارع إنه مش معقول هيك بيصيروا أهداف للصهاينة. شبابنا طبعاً ردوا على شباب المقاومة، بس كيف؟ على طريقتهن. قعدوا على السطح اللي هو بيبعد عن الشارع شي نص متر يمكن. يعني شو بدي أحكيلكو؟ شعب غريب! إيه احنا كنا شركا بالنصر، كنا شركا فيه بكل ما للكلمة من معنى. احنا صمدنا. بيوت كتيرة بالمخيم كانت مليانة أطفال ونساء ورجال مش بس بقيت، بقيت وأصرت تبقى. أكتر من هيك: في كتير ناس حسوا حالهم إنه زهقوا فقعدوا يتمشوا بين الضاحية والطريق الجديدة. عنجد عم بحكي، قعدوا يخيلوا بين هاي الأماكن وبالليل أو بالنهار، مش فارقة. حدا من قرايبي كان كل يوم يروح على صبرا يجيب خضرا من هونيك عشان الطبيخ لمرته، قال شو: هو ما بيحب الطبخ البايت! اشي كتير غريب، كيف هالناس بتتعامل مع الأحداث الكبيرة هاي؟ عادي ما هو الأحداث الكبيرة لما تكون بداخلها ما بتشوفها هلقد كبيرة. بتشوفها كتير صغيرة، بتشوفها على قدك، ومن الزاوية اللي انت بدك تشوفها فيها.
أه، احنا شركا بهادا النصر، احنا شركا فيه وكتير. احنا اللي ما قبلنا إنه نقول أيه يلا خلينا نترك الضاحية، وبيوتنا، ومخيمنا، احنا اللي ما خفنا من الطيران، والصهاينة والصواريخ. احنا اللي كل ضربة كانت تحفر بقلب روح ولادنا، ما فرقت معنا، ولا خفنا منها. ايه احنا، يمكن تفكروا هادا "بيان" إنه عم بدافع فيه عن الفلسطينية كيف انهم صلبين وقوايا ومش عارف شو. لأ بالعكس، انا عم بقول اللي صار، وعم بقول ليش احنا كمان بننبسط كل ما اجت ذكرى عدوان وانتصار الـ2006: لإنه احنا شركا فيه، الصمود هو شراكة، الصبر هو شراكة، وأكيد أكيد طالما الطريق واحد مرسوم مستحيل ما نكون إحنا والمقاومة شركا. غير هيك؟ ما في غير هيك.
ملاحظة مهمة: الناس اللي صمدت ما صمدت عشان زعيم شي تنظيم أو جبهة فلسطيني قرر الصمود، هيدوك كانوا هربانين كلهم برا المخيم، ما في "اجر" مسؤول كانت بالمخيم، مش راسه، اجره ما كانت، ولا ولاده، ولا قرايبه، ولا حتى أبعد قرايبه، كلهم كانوا بعاد وكلهم كانوا هربانين. أه وتبعون الجمعيات ومن لف لفيفهم كمان كانوا هربانين، هدول معقول يموتوا؟؟؟ معقول يتركولنا هالدنيا ويرحلوا عنها!! المهم الناس صمدت وبقيت لإنها هي بدها تبقى وتصمد، بقرار شخصي وشعبي جداً. بس هيك.