بين الداخل والخارج، شُغل المعارضون السوريون، على مدى اليومين الماضيين، في تنظيم جهودهم ووضع محددات لتحركاتهم، فيما بدت الهوة بين هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الوطني الديموقراطي، التي تضم في صفوفها تجمعات وأحزاباً سورية معارضة، فضلاً عن شخصيات وطنية أخرى، والمجلس الوطني الذي أُعلن تأسيسه في إسطنبول. وقد اتسعت الهوة على خلفية الخلاف في الموقف من الاستعانة بالخارج ومخاطره على الوضع السوري.
وأكدت هيئة التنسيق، في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي، الذي اختارت حسن عبد العظيم رئيساً له، أن «إصرار السلطة الحاكمة على انتهاج الحل الأمني ـــــ العسكري للأزمة الراهنة لن يساعد على حلها، بل سيزيدها تعقيداً، ويستدعي مزيداً من التدخل الخارجي والعنف الداخلي»، مستنكرةً «أي استدراج للتدخل العسكري الخارجي» ورأت فيه «خطراً على الثورة».
ودعا البيان إلى «ضرورة استكمال وحدة المعارضة الوطنية، بعدما أضحت منضوية في إطارين أساسيين على قاعدة برنامج سياسي وتنظيمي ونضالي واضح عماده العمل المشترك لإقامة نظام ديموقراطي تداولي بديل للنظام القائم»، وطالب كذلك بـ«إيقاف جميع المهاترات الإعلامية والشخصية بين المنتمين إلى المعارضة، والتركيز على النضال المشترك». وأكد «أهمية العمل على بناء نظام ديموقراطي يكفل المساواة لجميع المواطنين، وتعزيز الوحدة الوطنية وطمأنة الجميع إلى أن سوريا لكل أبنائها مهما كانت طوائفهم وأطيافهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم وخياراتهم السياسية». وشدّد على «حق المعارضة ومشروعية اتصالها بكافة القوى والهيئات والدول لشرح مواقفها وقراءة مواقف تلك القوى والدول على قواعد احترام السيادة الوطنية، انطلاقاً من أن المعارضة باتت تمثل الإرادة الشعبية، ومن واجبها تمثيل تلك الإرادة والتعبير عنها أمام جميع المحافل بنحو علني وواضح، بما يخدم المصالح الوطنية»، فيما انتقد عضو المكتب التنفيذي للهيئة، عبد العزيز الخير، دعوات المجلس الوطني السوري إلى التدخل الأجنبي والحماية الدولية والشعارات التي رفعها المتظاهرون في المدن السورية المؤيدة للمجلس الوطني. وقال الخير: «لدينا قلق حقيقي على وحدة الحراك في الشارع، ونرى دعوة المجلس الوطني إلى تسمية جمعة (المجلس الوطني يمثلني) خطأً خطيراً؛ لأنه يدعو إلى انقسام الشارع والتنازع السياسي في الشارع، وهذا ما تسعى إليه السلطة».
أما عبد العظيم، فحمّل السلطة مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد، مشيراً إلى أن «السلطة لا تعترف بالأزمة، وتقول إن كل ما يجري في البلاد هو مؤامرة وعصابات مسلحة، وتتعامل معها على هذه الأساس»، مؤكداً أن «هذه المعاملة تجر إلى العنف والعنف يولد العنف». ولفت إلى أن «السلطة بيدها حل الأزمة، وذلك من خلال مبادرات جريئة حقيقية أو تستمر بالعنف، وهذا يفتح الباب أمام التدخل الخارجي، وهذا أيضاً مسؤولة عنه السلطة».
وتزامنت انتقادات هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الوطني الديموقراطي للمجلس الوطني مع قيام الأخير، بدعم من مركز أولوف بالم الدولي، بتنظيم لقاء لتسعين عضواً من المعارضة السورية أول من أمس في استوكهولم لبحث استراتيجيات إسقاط النظام السوري، بحضور المعارض برهان غليون، الذي أكد لوكالة «رويترز» أن الهدف من هذا التجمع هو تنسيق الجهود للمعارضة السورية بأكملها في مواجهة النظام السوري، والوصول إلى «خطة عمل استوكهولم»، المتوقع إعلانها اليوم، مشدداً على أن التنسيق بين المعارضة «مهم جداً وعاجل جداً» لتقدم الثورة في سوريا.
كذلك شدد غليون على أن «هدف المعارضة هو إطاحة حكم الأسد سلمياً، وأن على المجتمع الدولي أن يقوم بالمزيد من الجهد في تحقيق هذا الهدف»، و«العثور على طرق لحماية المدنيين السوريين». وعلق منتقداً روسيا على مساعدتها في عرقلة صدور قرار لمجلس الأمن الدولي ضد سوريا، مشيراً إلى أنّ «من الفاضح أن تقبل روسيا أو حتى تشجع روسيا النظام السوري على الاستمرار في عنفه تجاه الشعب السوري».
من جهته، أوضح العضو الآخر في المجلس الوطني السوري، عبد الباسط سيدا، لوكالة «فرانس برس» أن المشاركين «بحثوا الوضع في سوريا والطريقة التي يمكننا بموجبها دعم الناس في الداخل، إضافةً إلى نقاط الخلاف والتشابه بين مختلف مجموعات المعارضة».
بدوره، دافع الناشط نجيب الغضبان عن عمل المجلس الوطني، لافتاً إلى أن «الجميع مدعوون إلى أن يكونوا على مستوى الثقة التي وضعها ثوار الداخل بهذا التشكيل الجديد، وإلى إعطائه الفرصة ليثبت من خلال إنجازاته أنه أهل لهذه الثقة». وأضاف: «المجلس منفتح على كافة الفعاليات والشخصيات الوطنية التي لم تنضو تحت مظلته بعد، وأن تتعامل بإيجابية مع هذه الدعوة، أو أن تنسق معه في الحد الأدنى، لكن بشرط قبول هذه الفعاليات بالسقف الذي التزم به المجلس، وهو سقف الثورة المتمثل في إسقاط النظام بكافة رموزه».
وعن الخطوات الدولية التي سيقوم بها المجلس الوطني، قال الغضبان إن «الحراك سيعطي أولوية للدائرة العربية والإسلامية، ثم الدائرة الدولية المتمثلة في الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى التعويل «على أن تقود تركيا بعض الخطوات العملية المتعلقة بحماية المدنيين». في هذه الأثناء، أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أول من أمس بأن أعضاءً من المجلس بدأوا زيارة للقاهرة لحشد الدعم للاعتراف بالمجلس الوطني. ونقلت عن العضو في الوفد ياسر النجار قوله إن الوفد يسعى إلى حشد الدعم للاعتراف بالمجلس الوطني السوري الذي أعلنته المعارضة، فيما أوضح المعارض إسماعيل الخالدي أن «أموراً فنية» تؤجل عقد اجتماع المجلس بالقاهرة حالياً، مشيراً إلى أنه عندما تُحَلّ هذه الأمور سيعقد المجلس اجتماعه «على الفور».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)



موسكو ساحة للحوار

أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أنه لا يستبعد أن تقترح القيادة الروسية على السلطات السورية والمعارضة عقد لقاء تمهيدي بينهما بهدف فتح الحوار، مشيراً إلى أن من الممكن أن تكون موسكو ساحة للقاءات.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية (نوفوستي) عن بوغدانوف قوله إن «المسؤولين الروس قد يتقدمون بمثل هذا الاقتراح خلال استقبالهم لوفد من المعارضة الداخلية السورية برئاسة أمين اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين قدري جميل، المقرر أن يلتقي غداً بالمسؤولين الروس، فيما ينتظر أن تستقبل موسكو وفداً ثانياً يمثل المجلس الوطني خلال هذا الشهر أيضاً». وأوضح نائب وزير الخارجية الروسي أن «الحوار بين السلطات والقوى السياسية المحلية يجري داخل سوريا على مستوى المحافظات، لا على مستوى الدولة بأكملها، لأن قيادات هذه أو غيرها من الأحزاب المعارضة تخشى من الملاحقة والاعتقالات، فهناك نقص في الثقة بالنظام». وبيّن نائب وزير الخارجية الروسي أنه في هذه الظروف «من الممكن التفكير في إجراء لقاءات تمهيدية في الخارج»، متابعاً: «أظن، إذا أخذنا في الاعتبار علاقاتنا مع كل من الشعب السوري والسلطات السورية، فمن الممكن أن تكون موسكو ساحة للقاءات».
(يو بي آي، أ ف ب)