كشفت وثائق عُثر عليها بعد سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي أن رواية مقتل ابنته بالتبنّي خلال القصف الأميركي لمقرّه في باب العزيزية فيعام 1986، ليست إلا كذبة. الوثائق التي وجدت في باب العزيزية يوم الخميس الماضي، تشير إلى أن هناء القذافي، التي قيل إنها قتلت حين كان عمرها 6 أشهر، لا تزال حيّة، وتعمل طبيبة في طرابلس الغرب، وربما فرّت مع زوجة العقيد وابنته عائشة وأولادها.مقتل هناء كان مثار شكوك لدى معارضي القذافي طيلة السنوات الخمس والعشرين الماضية، إلا أنه لم يكن هناك دليل حسي واضح على صحة هذه الشكوك، إلى أن جرى اقتحام باب العزيزية للعثور على الوثائق داخل منزل العقيد. إحدى الوثائق عبارة عن شهادة من المجلس الثقافي البريطاني في طرابلس الغرب تفيد بإكمالها دورة باللغة الإنكليزية مدتها 55 يوماً، انتهت في 19 تموز 2007 ووقّعتها مديرة الدورة زبيدة شيباني.
كذلك هناك وثيقة ثانية، وهي استمارة دخولها أحد امتحانات كلية الطب في جامعة الفاتح بطرابلس، حيث درست، وعليها اسمها ورقم مقعدها في قاعة الامتحان، والوثيقة هي غلاف أجوبتها في 3 تشرين الأول 2005 على أسئلة اختبار، وعلى الغلاف اسمها: هناء معمر القذافي.
وأهم وثيقة هي صورة واضحة لها تظهر فيها بلباس الأطباء الأبيض وعليها اسمها، إضافة إلى صورتين تبدو في إحداهما بالحجاب وهي بين 18 و20 سنة والى جانبها عائشة القذافي يحيط بهما 8 أشخاص آخرين. أما الثانية فلها وهي مراهقة قرب ناقة ناخت على الأرض، وراحت تلامس رأسها.
وعثر أيضاً على ظرف بريدي كَتب عليه سفير الجماهيرية لأربع سنوات، بدءاً من 2001 في لندن، محمد بلقاسم زوي الذي أصبح رئيساً لمؤتمر الشعب العام (البرلمان) في العام الماضي، اسم من وجّه إليها الرسالة: غرفة 510 ــــ الآنسة هناء معمر القذافي، ثم كتب يتمنى لها هو وزوجته إقامة سعيدة في لندن. كذلك عُثر على بطاقة بريدية كتبتها من روما فتاة اسمها كاتيا، إلى هناء القذافي، غرفة 140 «فندق الرئيس ويلسون» بجنيف.
الشكوك في مسألة مقتل هناء بدأت في نهاية تسعينيات القرن الماضي، حين بثّت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، في 26 حزيران 1999، خبراً مع صورة للقذافي وزعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا، ومعهما زوجة العقيد، صفية فركاش، وبرفقتهما ابنتهما عائشة، عند مائدة غداء في خيمة القذافي بالعزيزية، ومعهم كانت مراهقة عمرها 14 سنة، ورد في كلام الصورة أن اسمها:
هناء. وفي أواخر شباط الماضي، نشرت صحيفة «فيلت آم سونتاغ»، وهي طبعة الأحد من صحيفة «دي فيلت» الألمانية الشهيرة، أسماء من جُمّدت أموالهم إلى جانب القذافي في بنوك سويسرا، وهم 23 ممن اعتبروهم مقرّبين من العقيد. وكان الاسم السابع هو لشابة من مواليد 11 تشرين الثاني 1985 بطرابلس، واسمها هناء القذافي، وصفتها الصحيفة بمسؤولة في وزارة الصحة، وتملك حساباً جارياً في بنك سويسري.
وفي أوائل آب الجاري، عُثر على وثائق سرية في غرفة بطبقة تحت أرض مبنى السفارة الليبية في لندن، حين سلّمتها السلطات البريطانية لممثلين عن المجلس الوطني الانتقالي بعد اعتراف بريطانيا به ممثلاً للشعب الليبي. وتشير إحداها الى سفر طبيب أسنان بريطاني إلى ليبيا في نيسان 2008 لعلاج فتاة اسمها هناء القذافي.
وورد في الوثيقة أيضاً أن سفير ليبيا ذلك العام، عمر جلبان، نظّم الرحلة للدكتور ستيفن هوبسون شخصياً إلى طرابلس، فبقي الطبيب أسبوعاً. وفي الأسبوع الماضي تلقّى الطبيب رسالة على بريده الإلكتروني من صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية تسأله عن رحلته المذكورة في الوثيقة التي عثروا عليها، فلم ينف محتواها أو يؤكد، متذرعاً بكتم أسرار مرضاه، ثم راسلوه ثانية وأخبروه بأنه قد تكون الفتاة التي اخترع القذافي خبر مقتلها بالغارة الأميركية، فأجاب في نهاية ردّه: «.. ولا شيء بعيد في عالم الاحتمالات» كما قال.
(الأخبار)