رغم الغموض الذي لا يزال يكتنف مكان الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي، ظهرت أمس رسالة بصوته بثّتها قناة «الرأي» التي تتخذ من العاصمة السورية مقرّاً لها، قال فيها إنه تجوّل متخفّياً في طرابلس، فيما أعلن المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة الليبية أن رجل أعمال من بنغازي رصد مكافأة قدرها مليونا دينار ليبي (1.6 مليون دولار) لمن يجده. وقال القذافي في رسالته «أحيّي الشباب الثوريين الذين التقيت بهم في طرابلس»، داعياً «كل القبائل الليبية إلى تطهير طرابلس من الجرذان». وأضاف «أنا خرجت قليلاً في مدينة طرابلس من غير أن يراني أحد متخفياً.. ولم أحس أن طرابلس في خطر». وكان القذافي الذي حكم ليبيا منذ انتصار الثورة التي قام بها ضباط من الجيش بقيادته في أيلول 1969، قد أكد في كلمة صوتية بُثّت سابقاً أن سيطرة الثوار على مقرّه العام في باب العزيزية لم تكن سوى «انسحاب تكتيكي»، قائلاً في تصريح لمحطة تلفزيون «العروبة» وبثّه الموقع الإلكتروني لمحطة الليبية التابعة لنجله سيف الإسلام إن «باب العزيزية لم يبق منه إلا الحجارة والطوب، وذلك بسبب قصفه من قبل قوات الأطلسي بـ64 صاروخاً، وانسحابنا منه كان تكتيكياً».
أما الرجل الثاني السابق في النظام الليبي، عبد السلام جلود، فتحدث إلى التلفزيون «الجزيرة» قائلاً: «إن الزعيم الهارب ما زال يعتقد أن بإمكانه أن يعود إلى السلطة عندما تتوقف حملة القصف الجوي التي ينفذها حلف شمالي الأطلسي».
وأضاف جلود الذي فرّ إلى صفوف المعارضة قبل دخولهم العاصمة طرابلس، إن «القذافي تنتابه أوهام، إذ يظن أن بمقدوره أن يختفي في ليبيا، وعندما يرحل حلف شمالي الأطلسي يجمع أنصاره».
وقال جلود الذي كان نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة بعد انقلاب عام 1969 الذي أتى بالقذافي إلى السلطة، إنه يعتقد أن القذافي ما زال في طرابلس، مضيفاً أنه ينبغي لمقاتلي المعارضة أن يفتحوا الطرق، فبعد فتحها قد يتخفّى القذافي في زي امرأة ويغادر طرابلس إلى الحدود الجزائرية أو إلى تشاد.
في هذا الوقت، أعلن الثوار الليبيون عن مكافاة مالية من 1,6 مليون دولار (مليونا دينار ليبي) لمن يأتي برأس القذافي حياً أو ميتاً. وفيما أعلن المجلس الانتقالي أنه يعرض العفو عن أي فرد من دائرة العقيد القذافي القريبة يسلّمه حياً أو ميتاً، قال رئيس المجلس، مصطفى عبد الجليل، في مؤتمر صحافي، إن رجل أعمال من بنغازي رصد مكافأة قدرها مليونا دينار ليبي (1.6 مليون دولار) لمن يمسك بالقذافي.
وكان عبد الجليل قد أجاب عن سؤال لقناة «فرانس 24» بشأن المواقع التي يمكن أن يكون القذافي فيها، قائلاً «العلم عند الله... أتوقع أنه غادر طرابلس».
وأوضح في ما يتعلق بمصير القذافي أن «الرأي السائد بين أعضاء المجلس الوطني الانتقالي هو محاكمة القذافي وأعوانه في ليبيا».
وشدد رئيس المجلس الانتقالي، الذي كان حتى شباط الماضي وزيراً للعدل في حكومة القذافي، على أن حسم المعركة في العاصمة لن يتم إلا عند القبض على العقيد وأبنائه. وقال إن «عهد القذافي ولّى، حتى وإن كانت النهاية الحقيقية في إلقاء القبض عليه وإدانته بالجرائم التي ارتكبها».
وأضاف «لذلك نريد القبض عليهم (القذافي وعائلته وأعوانه) أحياءً ومعاملتهم بغير ما كان العقيد يعامل خصمه. فما سيبقى في الذاكرة منه سيقتصر على الجرائم والتوقيفات والاغتيالات السياسية التي ارتكبها».
وانقسمت الآراء بشأن مكان القذافي. فمن جهته، رأى المتحدث العسكري باسم الثوار، العقيد أحمد باني، في حديث إلى قناة «العربية»، أن المعارضين يعتقدون أن القذافي قد يكون في أحد المخابئ الكثيرة في طرابلس، مشدداً على أن العثور عليه سيتطلب وقتاً طويلاً.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، الكولونيل ديف لابان، إن الولايات المتحدة تعتقد أن الزعيم الليبي ما زال في ليبيا.
وفي ساحات القتال، قال عبد الحكيم بلحاج، وهو قيادي في صفوف الثوار، إنه لا يعلم مكان وجود القذافي أو أبنائه.
إلى ذلك، أكد أحد مستشاري رئيس نيكاراغوا، دانيال أورتيغا، أن بلاده مستعدة لتوفير اللجوء السياسي للعقيد الليبي، رغم عدم تلقّي أي طلب في هذا الخصوص. وقال مستشار الشؤون الاقتصادية لدى رئيس نيكاراغوا، باياردو آرسي، «إذا تقدم أحد بطلب لجوء فعلينا الردّ بالإيجاب، لأن مواطنين (من نيكاراغوا) مُنحوا اللجوء عندما كانوا يتعرضون للقتل في ظل الديكتاتورية.
(أ ف ب، رويترز)