عاد السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد إلى واجهة الأحداث، مع زيارته مدينة درعا هذه المرة، بالتزامن مع استمرار الاعتقالات في صفوف الناشطين المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد، وصدور دفعة جديدة من العقوبات الأوروبية التي يرجح أن تنضم إليها سلسلة أميركية، وسط موقف صيني جديد متضامن مع دمشق، وإصدار الأسد قراراً جديداً ينضم إلى ما يطلق عليه النظام «القرارات الإصلاحية».
وأكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، أن السلطات واصلت حملتها الأمنية في محافظة دير الزور، حيث اعتقلت المئات بعد مقتل 9 أشخاص في حمص، أول من أمس. وذكر «المرصد» أنّ «عملية اقتحام أمني وعسكري جرت أمس في قرى القورية والعشارة والطيانة الواقعة بالقرب من الميادين على الطريق الواصل بين البوكمال ودير الزور أدت إلى اعتقال أكثر من 300 مواطن». وأشار إلى أن «الدبابات مرّت من أمام الميادين باتجاه البوكمال». كذلك «اقتحمت قوات الأمن فجراً حي الغوطة في حمص»، بحسب المرصد الذي تحدث عن «سماع صوت إطلاق نار كثيف بشكل عشوائي وأصوات انفجارات في الحي»، إضافة إلى تنفيذ اعتقالات مماثلة في محافظة إدلب حيث «توفي الشيخ عمر مصطفى الخطيب متاثراً بجراحه عندما أطلق قناصة في قرية الهبيط غرب مدينة خان شيخون النار عليه مساء الاثنين». حملة تزامنت مع تنفيذ مئات المحامين السوريين اعتصامات في عدد من فروع نقابتهم احتجاجاً على تدهور حقوق الإنسان في البلاد، والاعتقالات العشوائية وتعبيراً عن رفض العنف، بينما كشف رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية)، المحامي مهند الحسني، عن اعتقال 17 محامياً في الرقة شمال شرق البلاد، بسبب مشاركتهم في الاعتصام.
في المقابل، نقل التلفزيون السوري صوراً لتشييع جثامين ثلاثة شهداء من عناصر الجيش والشرطة «استهدفتهم المجموعات الإرهابية المسلحة في حمص ودير الزور وحماه»، وذلك في مستشفيي حمص ودير الزور العسكريَّين. ميدانياً أيضاً، جزمت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بأن السلطات ضبطت كمية من الأسلحة الحربية على الحدود السورية العراقية، كانت موضوعة في مخبأ سري في حافلة عراقية. وبحسب «سانا»، فإنّ «الأسلحة المضبوطة تضم 75 مسدساً حربياً من مختلف الأنواع و10 رشاشات قصيرة و50 مخزناً للطلقات».
من جانب آخر، أعلن تجمُّع شعبي سوري يطلق على نفسه اسم «اتحاد الأحرار السوريين»، إطلاق مبادرة رامية إلى «جمع كل الجهود الشعبية السورية حول دول العالم على هدف واحد هو إسقاط النظام السوري القائم وبناء دولة ديموقراطية حديثة».
أما السفير الأميركي لدى سوريا، روبرت فورد، فقد قضى جزءاً من وقته أمس في مدينة جاسم الواقعة 50 كيلومتراً شمالي مدينة درعا، حيث «التقى عدداً من الوجهاء والأهالي في المدينة في زيارة قصيرة عاد بعدها إلى مقر السفارة». وبحسب مصادر كل من وكالتي «يونايتد برس إنترناشونال» وموقع «سيريانيوز»، حصلت الزيارة بموافقة السلطات في دمشق، إذ «أُبلغت وزارة الخارجية السورية عنها، وحصل على الموافقة للقيام بها». وبذلك، تكون جاسم ثاني مدينة يعلن فورد زيارتها بعد حماه رسمياً، علماً بأن الغموض لا يزال يلف ما أشيع أول من أمس عن زيارته مدينة حماه، وهو ما نفته مصادر سورية رسمية. أما في بروكسل، فقد صدرت دفعة جديدة من العقوبات الأوروبية التي راج الحديث عنها في الفترة الأخيرة؛ وأعلنت دول الاتحاد الأوروبي أنها تبنت رسمياً حزمة العقوبات على سوريا، التي تنص على تجميد أرصدة 15 شخصاً سورياً إضافياً و5 شركات مقربة من النظام ومنع حصول هؤلاء الأشخاص على تأشيرات دخول إلى أوروبا. وقال الاتحاد، في بيان، إنه «أُضيف 15 من الرعايا السوريين وخمس كيانات إلى لائحة الأفراد والكيانات المستهدفة بتجميد الأرصدة ومنع الدخول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي». وستنشر أسماء الأفراد والشركات المستهدفة بهذه العقوبات اليوم في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي. ولا يزال الاتحاد الأوروبي يعمل على حظر محتمل يشمل المنتجات النفطية المستوردة من البلاد.
وفي السياق، أكد دبلوماسيون في مجلس الأمن الدولي أن مشروع قرار مشترك بين أوروبا والولايات المتحدة سيدعو إلى فرض عقوبات على الأسد وعدد من كبار المسؤولين الآخرين، بالإضافة إلى إحالة سوريا على محكمة جرائم الحرب في لاهاي. وأكّد مسؤول في وزارة المال الأميركية أن العقوبات التي فرضتها واشنطن على سوريا «ستقيد الموارد المالية للنظام السوري بنحو كبير»، رغم اعترافه بأنّ «من المبكر جداً التهكن بالتأثير المالي لأي عنصر محدد من عناصر العقوبات الجديدة»، إلا أنه استند في توقعه إلى واقع أن «النفط الخام هو واحد من أهم صادرات سوريا، كذلك إن إنتاج النفط يمثل مورداً مهماً للعائدات بالنسبة إلى الحكومة السورية ومصدراً مهماً للعملة الأجنبية».
أمّا من طرف حلفاء النظام السوري، فقد جدّدت وزارة الخارجية الصينية الدعوة إلى «أكبر قدر من ضبط النفس»، مشيرةً، على لسان الناطق باسمها ما تشاوتشو، إلى أنّ بكين «تتابع بانتباه كبير مجريات الأحداث في سوريا، وتدعو كل الأطراف في سوريا إلى إبداء أكبر قدر من ضبط النفس وتجنب أعمال العنف»، مع التأكيد أنه «يعود لسوريا لكي تقرر مستقبلها». ورأى المسؤول الصيني أن «خطوات المجتمع الدولي إزاء سوريا ينبغي أن تصب في اتجاه الحث على تنفيذ وعود الحكومة السورية بالإصلاح وتشجيع كل الجوانب على المشاركة مشاركة بناءة في العملية السياسية للمساعدة على العودة مبكراً إلى الاستقرار».
بدوره، تلقّى الأسد رسالة من الرئيس العراقي جلال الطالباني، نقلها له وزير الأمن الوطني العراقي فالح فياض، وتؤكد «دعم العراق لسوريا في وجه ما تتعرض له من مخططات تستهدف أمنها واستقرارها». وأصدر الأسد مرسوماً تشريعياً لإقرار القانون الجديد للإدارة المحلية الذي يعزز لامركزية السلطات.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)

مجلس حقوق الإنسان يتبنى تأليف لجنة دولية مستــقلة



اختتم مجلس حقوق الإنسان أمس نقاشاته بشأن الوضع في سوريا، بتبني قرار تأليف لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جميع الانتهاكات التي ارتكبت في سوريا منذ آذار على أن يصدر التقرير في مدة أقصاها تشرين الثاني المقبل

قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة، خلال جلسته الثانية الطارئة التي خصصت لبحث الأوضاع في سوريا، تأليف لجنة دولية مستقلة على نحو عاجل للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت في سوريا منذ بدء الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام في آذار الماضي. وأصدر المجلس قراراً بهذا الشأن بموافقة 33 دولة، بينها دول عربية هي السعودية والكويت والأردن وقطر، ومعارضة 4 دول هي الصين وروسيا وكوبا والاكوادور. أما الدول التي امتنعت عن التصويت، فبلغ عددها تسعاً، وهي الهند، وموريتانيا، وأنغولا، والفيليبين، والكاميرون، وأوغندا، وبنغلاديش، وجيبوتي، وماليزيا. وينص القرار على الإسراع في تأليف لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا منذ آذار 2011، وإصدار تقرير في مدة أقصاها تشرين الثاني المقبل، بشأن «ظروف ووقائع هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة، وتحديد المسؤولين عنها، إذا أمكن، وضمان أن يتحمّل مرتكبوها، وخصوصاً تلك التي تعدّ جرائم ضد الإنسانية، المسؤولية عن أفعالهم». وأدان القرار بشدة «استمرار الانتهاكات الخطيرة والممنهجة لحقوق الإنسان من جانب السلطات السورية، وخصوصاً الاعتقالات التعسفية والاستخدام المفرط للقوة والعنف الدموي ضد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والاختفاء القسري والتعذيب وسوء معاملة المعتقلين، بينهم الأطفال».
كذلك طلب القرار من السلطات السورية والدول المعنية الأخرى التعاون الكامل مع لجنة التحقيق. ورفض المندوب السوري في جنيف، فيصل خباز الحموي، القرار. وقال إنه غير متوازن. وناشد قبل التصويت الدول الأعضاء رفض القرار، مشيراً إلى أن هذا يؤكد مرة أخرى أن هناك نية مبيتة لإدانة سوريا سياسياً، وتجاهل أي اقتراح للانفتاح والإصلاح الموجود في البلاد.
كذلك، ألقى مندوب كل من روسيا والصين وكوبا كلمات للتنديد بما سمّوه تدخلاً في الشؤون الداخلية لسوريا، وقالوا إنهم سيصوتون ضد نص القرار. كما صوتت الإكوادور أيضاً ضد القرار. ويأتي تبني القرار في ظل وجود بعثة إنسانية ألّفتها الأمم المتحدة في سوريا، تزور مناطق شهدت عمليات عسكرية، كما يأتي القرار بعد نشر تقرير الأسبوع الماضي لبعثة خبراء ألفتها المفوضية العليا لحقوق الانسان قالت فيه إن القوات السورية ارتكبت انتهاكات «قد ترقى الى مستوى جرائم ضد الانسانية»، وبالتالي قد تفتح الباب امام اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية. وأشار التقرير خصوصاً الى عمليات «تعذيب وممارسات اخرى مهينة قامت بها قوات الأمن والجيش بحق مدنيين». ولفت إلى وجود «إرادة واضحة لاطلاق النار بغرض القتل».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)

معارضون يعلنون «مجلساً وطنياً»




أعلنت شخصيات من المعارضة السورية، في ختام اجتماعاتها في إسطنبول أمس، أنها أسست «مجلساً وطنياً» يهدف إلى تنسيق تحركها ضد النظام السوري، وذلك بعد أربعة أيام من المناقشات في هذه المسألة تخللها إعلان أطياف من المعارضة انسحابها اعتراضاً على التبديل الذي طرأ على جدول أعمال المؤتمر، الذي كان يهدف في الأساس إلى توحيد المعارضة السورية.
وقال المعارض السوري أحمد رمضان، خلال مؤتمر صحافي عقد لإعلان تأسيس المجلس: «سقط لنا شهداء، وبعضنا أُصيب، لكن هذه الجهود والتضحيات سمحت بالتوصل إلى وحدة».
من جهته، قال لؤي صافي، وهو خبير في الشؤون السياسية يقيم في الولايات المتحدة، إن «المجلس سيجتمع في غضون أسبوعين بهدف انتخاب أعضاء قيادته وأمينه العام». وأورد البيان الختامي للمؤتمر أن «وحدة كل مجموعات المعارضة تمثّل ضرورة رغم الأخطار»، مشيراً إلى أن «مؤسسي هذا المجلس ينتمون إلى اتجاهات سياسية متعارضة». وتشديد المشاركين على أن المجلس الذي أُسِّس يضم ممثلين لكل أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج نقضه المنسق العام للائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية، هيثم رحمة الذي أعلن انسحابه، وأكد في حديث لموقع «إيلاف» الإلكتروني أن الائتلاف «دعي إلى مؤتمر إسطنبول لتوحيد المعارضة عبر مبادرة أرسلت للمؤتمرات التي عقدت، فوافق عليها مؤتمر النشطاء السوريين والعلماء المسلمين ومؤتمر بروكسل والجيش السوري الحر، وبعد طلب وقت وصل إلى ثمانية أيام من المؤتمر السوري للتغيير (أنطاليا)، وافقوا من حيث المبدأ وقدموا ورقة عمل كما قدم الجميع أوراق عمل في الموضوع ذاته». وأوضح قائلاً: «عندما ذهبنا لإسطنبول للقاء التحضيري للاجتماع الموسع وجدنا أنفسنا أمام أناس لديهم مبادرة أخرى، وقد عكفوا أسبوعاً على دراستها مع مجموعة تكنوقراط من الولايات المتحدة الأميركية، وقد أسسوا لجاناً وحددوا موعد اللقاء وصرحوا لوسائل الإعلام بأن المجتمعين سيعلنون تأسيس مجلس وطني سوري». وأضاف: «لقد حاولنا جاهدين أن نغير وجهة النظر نحو مشروع لتوحيد المعارضة في الخارج مبدئياً وعدم الخوض في تأسيس مجلس وطني بمعنى البرلمان على مستوى سوريا، ولكننا لم نصل إلى نتيجة». في المقابل، رأى مدير المعهد العربي للتنمية والمواطنة (لندن)، عبيدة فارس «أن الحديث عن توحيد للمعارضة، وجمع كل الأطياف، أمر غير ممكن وغير واقعي». ورأى أن «تأسيس نواة لمجلس وطني، يمثّل منعطفاً هاماً في الحراك السياسي».
(أ ف ب، الأخبار)