القاهرة | مصر تعترف بالمجلس الانتقالي ممثلاً لليبيا. هذا الإعلان تأخر كثيراً. مساء أول من أمس، كانت مصر الشعبية تبحث عن موقف مشرف من مصر الرسمية الممثلة بالمجلس العسكري وحكومة عصام شرف. تأخر الرد كثيراً. ذهب المصريون إلى السفارة الليبية في قلب حي الزمالك واحتفلوا بسقوط نظام القذافي على وقع هتاف «ليبيا ومصر... إيد واحدة». فرحة المصريين بدخول قوات المعارضة العاصمة طرابلس كانت كبيرة للغاية. مساء أول من أمس، كانت القاهرة والمحافظات تتحرك على وقع الأحداث في ليبيا. لا حديث إلا عمّا يجرى في العزيزية. الكل يسأل بشغف عن مصير الديكتاتور. والمعركة على الإنترنت لا تقل سخونة عن الشارع. امتلأ الفايسبوك والتويتر بالتعليقات الساخرة من القذافي وأنجاله وكيف أن حبوب الهلوسة فعلت به ما آل إليه مصيره. لكن هناك نصائح وجهها النشطاء المصريون إلى أشقائهم الليبيين، من بينها: لا تتركوا الميادين وتنسيكم فرحة النصر أن الثورة انتهت بسقوط الطاغية. ولا تحاكموا القذافي ونظامه إلّا بالشرعية الثورية. لكن الأسئلة القلقة على مصير ليبيا لم تختف أيضاً، لعل أبرزها: كيف سيتعامل النظام القادم مع سلاح الثوار؟ وهل هناك اتفاق ما مع المجلس الانتقالي على نزع كل هذه الكميات من السلاح بعد إسقاط النظام؟ لكن السؤال المهم الآخر الذي تردد كثيراً في مناقشات النشطاء ليلة أول من أمس على الإنترنت كان: ما هو موقف التيارات الإسلامية في ليبيا مما يحدث؟ وما هو مشروعها السياسي للفترة المقبلة؟ هذه الأسئلة كانت مثار حديث طويل ونقاشات حادة بين الشباب المصري على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» للحفاظ على منجزات الثورة الليبية وعدم تكرار أخطاء الثوار في مصر.
مصر الرسمية استيقظت صباح أمس، حيث أُعلن الاعترف بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا برئاسة مصطفى عبد الجليل، ممثلاً شرعياً لليبيا. وبعد ظهر أمس رُفع علم الثورة الليبية على مقر السفارة بالزمالك في أعقاب اجتماع وزير الخارجية محمد كامل عمرو مع السفير عبد المنعم الهوني، ممثلاً للمجلس في القاهرة الذي أعلن تأييده للثورة الليبية في الأيام الأولى لانطلاقها.
المفارقة أن الإعلان يأتي بعد أن تمكن عناصر المعارضة الليبية من دخول مقر القنصلية في الإسكندرية ورفع علم الثورة الليبية فجر أول من أمس الأحد في أعقاب سقوط طرابلس. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فالاحتفالات التي شهدها الكورنيش في عروس البحر المتوسط تواصلت، حيث اصطفت السيارات في طابور طويل احتفالاً بدخول الثوار إلى قلب طرابلس. وفي الوقت الذي كان فيه الثوار يحتفلون بدخول العاصمة الليبية طرابلس، رُفع علم الثورة الليبية على القنصلية الليبية في الإسكندرية، بدلاً من علم جماهيرية القذافي، ليعلن بداية تاريخ جديد.
أعضاء رابطة الشباب الليبي في الإسكندرية، رفعوا علم الاستقلال مساء أول من أمس عقب سقوط طرابلس في أيدي الثوار، وإلقاء القبض على سيف الإسلام نجل القذافي. وبحسب نصر الله عبد الله الهواري، أحد أعضاء رابطة الشباب الليبي، توجه أعضاء الرابطة إلى مقر القنصلية الليبية بعد منتصف الليل بالمشاركة مع بعض الشباب المصري، ومجموعة من الشباب الليبي الموجودين في الإسكندرية، وأنزلوا العلم القذافي ووضعوا العلم الجديد.
وفي القاهرة خرجت صباح أمس أكثر من مسيرة تضامن واحتفال بانتصار الشعب الليبي، أُولاها كانت أمام مقر الجامعة العربية، حيث ردد المتظاهرون هتافات «القذافي بره بره... ليبيا بلدنا ها تفضل حره».
وخرجت أيضاً مسيرة أخرى في حي الزمالك حيث مقر السفارة الليبية. لم يظهر المجلس العسكري في صورة الاحتفال أو الحديث عن الحدث الجلل الذي يقع على بعد كيلومترات من حدود مصر الغربية. لم يظهر المشير أو سامي عنان أو أي من قادة المجلس العسكري. اكتفوا بحديث مقتضب لوزير الخارجية. وكأن ليبيا أهم عند كل دول العالم، التي خرج رؤساؤها وطالبوا القذافي بالتنحي وتسليم السلطة، من مصر الشقيقة الكبرى.
لا يمكن أن تمر أحداث ليبيا من دون أن يكون لمرشحي الرئاسة دور، بعدما حيا الدكتور محمد سليم العوا، الثوار وطالبهم بعد الانتقام والتروي في إدارة ثورتهم. واصل حمدين صباحي دعمه للثورة، ووجه تحية إلى ثورة الشعب الليبي وانتصارها، بعد نضال طويل استمر ستة أشهر ضد حكم القذافي، مؤكداً أن ثورات الأمة العربية ستكتمل وستنتصر ضد كل الطغاة والمستبدين، وأن ثورات الأمة العربية ستكتمل بانتصار الشعب الليبي الذي صمد وناضل ضد الطاغية القذافي.
انتصار الشعب الليبي في رأي المرشح المحتمل للرئاسة أيمن نور، هو انتصار للبشرية وتعزيز للثورة المصرية، مضيفاً أن نصر الشعب الليبي، وهو الثالث بعد تونس ومصر، يؤكد أن الحرية ستسود وتقود هذه المنطقة من العالم.