تحاول إسرائيل تخفيف حدّة التوتر مع مصر بعد قتلها 5 جنود مصريين في سيناء كي لا تفتح جبهة معادية إضافية، لكن يبدو أنّ النفوس داخل مصر حانقة ولن تقبل بأقل من طرد السفيرذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن إسرائيل أرسلت إلى القاهرة قائد شعبة التخطيط في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، اللواء أمير إيشل، لعقد اجتماع خاص مع نظيره المصري ومسؤولين أمنيين مصريين آخرين، بهدف إنهاء الأزمة بين الجانبين، فيما تتواصل التظاهرات الغاضبة في مصر والمطالبة بطرد السفير الإسرائيلي رغم محاولات التهدئة من المسؤولين. وقالت «يديعوت أحرونوت» إن «إيشل سافر إلى القاهرة بلباس مدني ورافقه عدد من الضباط الإسرائيليين وموظفين في وزارة الدفاع الإسرائيلية، في زيارة حساسة وهامة جداً». وأضافت أن «إيشل عرض أمام المسؤولين المصريين الاستنتاجات الأولية من التحقيق في أحداث الخميس الماضي، ووعدهم بأنه بموجب قرار وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك سيجري تعاون بين الجانبين في التحقيق في الأحداث».
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها إن الزيارة في التوقيت الحالي مهمة للغاية، وهدفها الحفاظ على العلاقات الأمنية التي تراجعت منذ سقوط نظام حسني مبارك. وشدّدت على أنّ «السلام مع مصر هو ذخر استراتيجي، وأكدت أن لقاءً كالذي يعقده إيشل في القاهرة في أوج الأزمة، يدل على استقرار العلاقات الأمنية بين الدولتين».
كما كشفت الصحيفة أنه جرت خلال نهاية الأسبوع الماضي اتصالات مكثفة للغاية بين وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ورئيس المجلس العسكري الأعلى للقوات المصرية حسين طنطاوي، في موازاة اتصالات بين رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلي عاموس جلعاد، وقيادة الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلي وبين نظرائهم المصريين بهدف تطويق الأزمة بين الدولتين ومنع تفاقمها.
من جهة ثانية، عقد مجلس الوزراء المصري جلسة لبحث غياب القانون بنحو متزايد على امتداد الحدود مع إسرائيل، فيما أعلن مصدر عسكري مصري مسؤول أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتابع بدقة تطورات الموقف المصري الإسرائيلي، ولا سيما بعد إنزال شاب مصري العلم الإسرائيلي عن مبنى السفارة الإسرائيلية ووضع العلم المصري مكانه. ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «الشروق» المصرية عن المصدر قوله إن «المجلس يدرس إعادة العلم الإسرائيلي مرة أخرى، وإنه ينتظر حتى يهدأ الرأي العام خاصة، وإن القانون الدولي يُلزم الدول بحماية السفارات التي توجد فيها».
بدوره، شدّد وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو على أهمية وجود السفير المصري في إسرائيل خلال الفترة الحالية، واصفاً وجوده بالضرورة الحتمية لمصلحة مصر. وقال لفضائية «الحياة» المصرية إنّ وجود السفير هو الوسيلة لتوصيل الرسائل المصرية لإسرائيل «وهذا ما انعكس فعلياً وعلى نحو إيجابي باستجابة الجانب الإسرائيلي خلال 24 ساعة لتقديم أسف واضح للمصريين، والموافقة على تأليف لجنة مشتركة لبحث الحقائق وتقصيها بمقتل العسكريين المصريين».
وعن المطلب الشعبي بتحديد سقف زمني للانتهاء من التحقيقات في مقتل الجنود المصريين، قال عمرو إن «وزارة الخارجية خاطبت الجانب الآخر وفي انتظار الردّ». ودعا الشعب المصري إلى ضرورة مساعدة الحكومة المصرية والالتزام بالمعاهدات الدولية في التعامل مع هذا الموقف للحفاظ على الأمن العام. وطالب بضرورة تماسك الجبهة الداخلية تجاه الأحداث الخارجية، مشيراً إلى أن هذا التماسك «هو خير دفاع الآن ضدّ أي محاولات خارجية للإخلال بالأمن القومي المصري». لكن هذا لم يمنع آلاف المصريين من مواصلة تظاهرهم أمام السفارة الإسرائيلية في القاهرة لليلة الثالثة، مطالبين بطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة وسحب السفير المصري من إسرائيل، وإلغاء معاهدة السلام المصرية ـــــ الإسرائيلية، وقطع جميع أشكال العلاقات مع إسرائيل. وردَّد المتظاهرون «زنقا زنقا... دار دار... إسرائيل حتولَّع نار».
وواصل الآلاف في محافظة الإسكندرية تظاهراتهم أمام القنصلية الإسرائيلية في منطقة كفر عبده، مردّدين الهتافات المطالبة بطرد السفير والقنصل الإسرائيليين من مصر، ورافعين العلمين المصري والفلسطيني. ولم تقتصر التظاهرات على العاصمة والإسكندرية، بل امتدت إلى عدد من المحافظات أهمها سوهاج والمنيا والفيوم وأسيوط، والشرقية حيث يقود محافظها عزازي علي عزازي التظاهرات.
(يو بي آي، رويترز، أ ف ب)