غزة | كشف مصدر فلسطيني رسمي في غزة لـ «الأخبار» عن «مقترح» لوقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، تقدمت به مصر وأطراف عدة، لإعادة تثبيت التهدئة التي كانت قائمة في قطاع غزة قبل التصعيد العسكري الذي أعقب العملية الفدائية في إيلات الخميس الماضي. وأكد المصدر، مفضلاً عدم كشف هويته، أن الفصائل الفلسطينية تعاطت بـ «إيجابية» مع المقترح، الذي يقوم على وقف إطلاق النار والصواريخ من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وقال المصدر إن الطرف الفلسطيني في غزة رهن التزامه بالاتفاق بمدى تعاطي إسرائيل مع مقترح إعادة تثبيت التهدئة، من دون أن يرد صراحة بقبول المقترح. وقال قيادي بارز في فصيل فلسطيني إن «حركة حماس أبلغت الفصائل بنجاح المساعي المصرية في تثبيت اتفاق تهدئة في قطاع غزة يبدأ الساعة التاسعة مساء الأحد (أمس)». وأوضح أن «مشاورات متتابعة بين الفصائل في غزة، انتهت بالتعاطي مع هذا الجهد بإيجابية».
غير أن لجان المقاومة الشعبية رفضت الحديث عن تهدئة، عقب اغتيال خمسة من قادتها، أبرزهم أمينها العام كمال النيرب، وقائد ذراعها العسكرية عماد حماد. وقال الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية «أبو مجاهد» «أبلغنا الحكومة في غزة عدم موافقتنا علي أي تهدئة في ظل استباحة دماء قادتنا، وفي ظل هذا التصعيد من جانب الاحتلال»، مضيفاً إن «الاحتلال الصهيوني يريد أن يضرب ضربته ومن ثم يحاول حفاظاً على أمن مغتصبيه أن يبحث عن تهدئة. لا يمكن أن نوافق على تهدئة بهذه المعايير».
واستشهد 15 فلسطينياً، بينهم 3 أطفال، وأصيب أكثر من 50 آخرين بجروح متفاوتة، جراء غارات جوية إسرائيلية مكثفة في أعقاب اتهام نشطاء فلسطينيين بالتسلل من القطاع إلى إيلات عبر سيناء المصرية وتنفيذ العملية الفدائية، التي أودت بحياة 8 إسرائيليين وعشرات الجرحى، بينما قتل إسرائيلي واحد وأصيب آخرون جراء صواريخ فلسطينية أطلقتها المقاومة من القطاع، رداً على العدوان المستمر منذ مساء الخميس الماضي.
ويدور الحديث عن تثبيت التهدئة، في وقت واصلت فيه الطائرات الحربية الإسرائيلية شن غارات على أهداف متفرقة في قطاع غزة، وسط تحليق مكثف وعلى مدار الساعة. وأصيب سبعة فلسطينيين، بينهم طفل بجروح متفاوتة، أمس، في غارة جوية شنتها طائرة حربية إسرائيلية على موقع أمني شمال غربي مدينة غزة.
وواصلت فصائل المقاومة الفلسطينية الرد على العدوان بإطلاق الصواريخ المحلية والروسية «غراد» على بلدات وأهداف إسرائيلية. واعترفت مصادر إسرائيلية بمقتل «مواطن» على الأقل وإصابة أربعة آخرين بجروح خطيرة جراء إطلاق صاروخ غراد» من القطاع على مدينة بئر السبع، مساء السبت (أول من أمس). وكانت الإذاعة «الإسرائيلية» قد قالت، إن منظومة «القبة الحديدية» تمكنت في وقت سابق من اعتراض صاروخ «غراد» آخر أطلقه مسلحون فلسطينيون من قطاع غزة تجاه مدينة بئر السبع ولم تقع إصابات أو أضرار. كما سقط صاروخ «غراد» ثالث خارج حدود بئر السبع. وقال مفتش الشرطة العام الجنرال يوحانان دانينو «إن معظم الإصابات في مدينة بئر السبع نجمت عن عدم التزام السكان بتعليمات الجبهة الداخلية، وتجوالهم في الشوارع». وذكرت «يديعوت أحرونوت» على موقعها الإلكتروني أن عشرات العائلات الإسرائيلية هجرت منازلها في مدينة بئر السبع، وتوجهت نحو بلدات أكثر أمناً، في أعقاب توالي سقوط صواريخ «غراد» على المدينة على نحو منقطع النظير. وأوعز وزير حماية الجبهة الداخلية الجنرال ماتان فلنائي إلى الجهات المختصة السرعة في إرسال ملاجئ متنقلة لبلدة «أوفاكيم» الواقعة تحت نار صواريخ المقاومة الفلسطينية منذ الخميس الماضي.
وقدرت مصادر فلسطينية وإسرائيلية أن فصائل المقاومة أطلقت أكثر من 70 صاروخاً محلياً و«غراد» على بلدات ومدن إسرائيلية منذ مساء الخميس الماضي. وقالت مصادر مطلعة إن جيش الاحتلال لا يزال ينتظر أوامر المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) بما يتعلق بتصعيد الرد على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن المصادر قولها «إننا نعلم جيداً إنه لا مناص من الرد على صواريخ غراد التي تهطل مثل الأمطار على بلدات الجنوب».
وأوضحت المصادر أن «عدم الرد الإسرائيلي القوي على مقاومة غزة خلال اليومين الماضيين، لا يعني الضعف، بل يعني أن هناك خطوات مدروسة وخططاً يجري العمل بموجبها وعلى نحو عقلاني مدروس، بكل تأكيد سيعود علينا بالثمار التي نريد».
بدوره، قال الناطق بلسان جيش الاحتلال البريغادير يواف مردخاي إن حركة «حماس» ليست ضالعة مباشرة في إطلاق الصواريخ من غزة، لكن هذا الأمر لا يعفيها من المسؤولية. وقال مردخاي للإذاعة العبرية الرسمية «إن الجيش لن يتردد في توسيع عملياته والرد بقوة كلما اقتضت الضرورة».
وحمل وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحق اهرونوفيتش، حركة «حماس» المسؤولية عن موجة التصعيد الحالية، متوعداً بتوجيه ضربة مؤلمة إلى الحركة، لافتاً إلى أن «الأمور ستتضخ خلال الأيام القليلة القادمة». وأكد النائب الليكودي اوفير اكونيس أن إسرائيل ستسدد ضربة قاسية الى حركة «حماس» تجعلها تندم على الأحداث الأخيرة. وقال الوزير بلا حقيبة، يوسي بيليد، إن الأوضاع الحالية لا تطاق، مشدداً على أن اسرائيل تدرس الخيارات المطروحة أمامها. إلى ذلك، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى في القدس المحتلة إن «هناك الكثير من الجماعات الإرهابية في غزة، وللسخرية فإن «حماس» اليوم هي الطرف المعتدل هناك، لكن بالنسبة إلينا هي التي تحكم في غزة ويمكنها أن تفرض الهدوء هناك».