لم تكد تمضي ساعات على إعلان المعارضة اليمنية تأليف مجلس وطني يضم 143 شخصية يمثلون طيفاً واسعاً من الأحزاب والشخصيات القبلية والسياسية المؤيدة للثورة اليمنية الهادفة إلى إسقاط النظام اليمني، ودخول قيادييها في مشاورات جديدة لتحديد جدول أعمل الجلسة المقبلة المفترض انعقادها غداً، حتى كانت الاعتراضات على تركيبة المجلس تنهال من كل حدب وصوب. البعض أبدى استغرابه من ترشيحه للمشاركة في المجلس دون استشارته، مثل حزب رابطة أبناء اليمن «رأي»، الذي أكد أنه لن يشارك ولن يقرّ مهمات المجلس. أما البعض الآخر فعلّق مشاركته، ومنهم حزب الحق والحوثيون، فيما بعض الجنوبيين من أمثال الأمين العام للحراك الجنوبي بمدينة عدن العميد ناصر صالح اعتبروا أنه «كان عملاً استباقياً ومفاجئاً حصل بطريقة عشوائية».
ووسط توالي الاعتراضات، علّق أحد المعارضين اليمنيين من الذين اختيروا للمشاركة في المجلس الوطني لـ«الأخبار» على ردود الفعل الصادرة قائلاً «رضاء الناس غاية لا تدرك»، لافتاً إلى أنه «عندما يجد المعترضون نتائج ترضي الطموح تذوب هذه الاعتراضات، ولكن إذا لم تحصل خطوات جادة تزيد الاعتراضات».
وفنّد المعارض اليمني، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، الاعتراضات، مبدياً عتبه على تعليق حزب الحق لمشاركته، بعدما أشار إلى أن «الحزب جزء من اللقاء المشترك، وإذا كانت لديه اعتراضات، كان من المفترض طرحها على طاولة المشترك». أما عن غياب الحوثيين، فيقول المعارض اليمني «الإخوة الحوثيون لهم وجهة نظر عميقة ومقبولة، ولم ينسحبوا تماماً، لكن ربطوا موافقتهم بجوانب معقولة بشأن إسقاط كامل النظام، يليها تأليف المجلس، وهذه وجهة نظر مبدئياً صائبة»، لكنه استدرك بالقول «نحن نرى أنه لا يوجد نظام حتى يجري إسقاطه، والموجود هو سلطة اعتمدت على عمل العصابات في قيادة البلاد، ومن الصعب إسقاط عصابة بحالة ثورية بقدر ما يتطلب لتحقيق هذه الغاية حالة تكتيكية تتّسم بعدة عمليات، منها الثورية والسياسية والفنية وقيادة منظمة تضع الخطط وتعمل على تنفيذها وتتحمل المسؤلية في ذلك، وتكون مسؤولة أمام الجمعية العمومية».
في المقابل، يدافع المعارض اليمني عن إشراك 3 من أبناء الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، صادق وحميد وحمير، في المجلس، مشدداً على أن «من المهم جداً استيعابهم في هذة المرحلة». وأضاف «هذه مرحلة استثنائية ومؤقتة، وستليها انتخابات حرة ونزيهة، وستصبح الأمور في أيدي الشعب، فلا داعي للخوف».
أما عن موقف الحراك الجنوبي الذي أبدت بعض تياراته تحفظها على المشاركة في المجلس ومطالبة بعضهم الآخر بالمناصفة في التمثيل في المجلس، فأشار إلى أن «المناصفة والشراكة الحقيقية موجودة في القائمة بوجود أكثر من 73 ممثلاً للجنوب من بين أعضاء المجلس المنتخبين»، منتقداً اشتراط بعض الجنوبيين الاعتراف بحق تقرير المصير للمشاركة، ولافتاً إلى أن هدف المجلس العمل جماعياً «من أجل إنجاح الثورة، ونجتمع بعدها على طاولة الحوار، ويطرح كل منا مشروعه، ونتفاوض على أي شيء مهما كان السقف مرتفعاً».
وفي مقابل الحرص على التعاطي مع اعتراضات مؤيّدي الثورة اليمنية، لا يبدي المعارض اليمني اهتماماً بموقف السلطة اليمنية التي أعلنت على لسان نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب المؤتمر الحاكم عبد الحفيظ النهاري أن المجلس «عمل انقلابي خارج الدستور والقانون»، وأنه «لا يختلف عن المجلس الانتقالي الذي أعلنه تيار شبابي في ساحة التغيير بصنعاء منتصف تموز الماضي». وأوضح المعارض اليمني «طبيعي ردّهم، لأنهم استفادوا من الحالة» التي كان يتخبّط بها اليمن، و«استطاعوا من خلالها ترتيب أوراقهم، ولكنهم بهذة الخطوة شعروا بسرعة سحب البساط من تحت أقدامهم، فعبّروا عن الحالة بأنها انقلابية، مع أن أي ثورة في العالم هي انقلاب على الواقع السيّئ للتخلص منه».