رام الله | يظهر من الأنباء المتضاربة التي ترد من السجون الإسرائيلية طوال اليومين الماضيين أن الأسرى يتهيؤون لتصعيد خطواتهم وفتح صفحة جديدة من المواجهة مع إدارة السجون، خصوصاً في ظل ما يتعرضون له من ظروف صعبة، أدركوا أنهم الوحيدون القادرون على تغييرها مع غياب الغطاء السياسي والشعبي المساند.
وتشهد سجون العدو اتساع حركات احتجاج الأسرى فيها شيئا فشيئا، وما ساهم في ذلك استمرار الأسير محمد علان في إضرابه عن الطعام لليوم الـ56 على التوالي ودخوله مرحلة الخطر الشديد كما تظهر صوره الأخيرة، فضلا على إصابته بعمى مؤقت ورفض جسده استقبال السوائل مع تقيؤه لها بعد كل شربة ماء، وفوق كل ذلك لا يزال تهديد العدو بتغذيته قسريا في مستشفى برزيلاي في عسقلان قائما.
وكانت «الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة حماس» قد أعلنت في بيان لها، أمس، حلّ نفسها داخل سجون الاحتلال، وهي خطوة مكملة لما أعلنته «الهيئة القيادية لأسرى حركة الجهاد الإسلامي»، التي حلت نفسها أيضاً منذ يومين. خبر حلّ الهيئات القيادية لم يصل إلى أسرى «فتح» في السجون الأخرى مبكراً، وهو ما عمل العدو الإسرائيلي على استغلاله لإقناع أسرى «فتح» (120 أسيراً) بتعليق إضرابهم عن الطعام لمدة أسبوعين حتى يصير فيهما التفاوض حول مطالبهم. لكن بقية الفصائل ظلت على قرارها في ظل وجود مطالب أخرى لها غير مطالب «فتح» ومنها قضية علان نفسه، ما دعاها إلى إعلان «العصيان الشامل» للمطالبة بإلغاء العقوبات التي فرضت على بعض أسراها العام الماضي.
وقد حاولت سلطات العدو عرقلة نضالات الأسرى وتشتيتها، لذلك قررت إعادة نقل الذين قاموا بحرق الغرف بداية التصعيد قبل نحو أسبوعين، إلى سجون وأقسام أخرى، وهم: الأسير رائد الشيخ ومجدي الزعتري إلى سجن «إيشل» في النقب، وعمار الدغمي وعلي حسن إلى «ريمون». كما نقلت كلاً من خالد الأسميري وسعيد النجار وزكريا محسن إلى أقسام أخرى غير أقسامهم في «نفحة».
في السياق، لا تزال تطورات الحالة الصحية للأسير علان المضرب عن الطعام تنذر بتصعيد كبير، في ظل تهديد إسرائيلي بإخضاعه للإطعام القسري استناداً إلى سن الكنيست قانونا بهذا الشان يهدف إلى إحباط الإضرابات الفردية، وقد صار من إحدى شروط «الجهاد الإسلامي» الآن لإيقاف تحركها، إطلاق سراح علان.
وتبدو إسرائيل مترددة في استخدام التغذية القسرية مع تصاعد الدعوات الحقوقية والقانونية لوقف هذه الخطوة، التي قد تتسبب في استشهاد علان في ظل حالته الصحية الصعبة.
مدير الوحدة القانونية في «نادي الأسير» المحامي جواد بولس، تمكن أمس من زيارة علان في «برزلاي»، وطمأن إلى أن الأسير «لم يتعرض للتغذية القسرية حتى هذه اللحظة». لكنه نقل أن إدارة السجون تبحث عن طبيب مدني يكون مستعداً للقيام بتنفيذ هذا الأمر في إحدى المستشفيات.
ويعاني علان، وفق بولس، من ضعف كبير في النظر، وعجز عن الحركة إلى جانب أنه يتقيأ مواد خضراء وصفراء اللون، في ظل إصراره على رفض إجراء أي نوع من الفحوص الطبية، علما بأنه يتناول الماء من دون أي مدعمات.
وأوضح بولس أنه اجتمع مع رئيس قسم العلاج المكثف والطاقم الطبي المسؤول عن علان، وأكدوا جميعهم أنه لا يوجد حتى اللحظة أي استعداد لدى طواقم المستشفى لإطعامه قسرياً، خصوصاً بعد إنشاء السجون غرفة طوارئ داخلية في مستشفى «برزيلاي» للتعامل مع الأسرى المضربين، ما «قد يسمح لها بالالتفاف على رفض الأطباء العاملين في الجهاز الصحي الإسرائيلي تغذيتهم قسرياً».
وكانت «نقابة الأطباء الإسرائيلية» قد أعلنت معارضتها القاطعة للتغذية القسرية للأسرى، معتبرةً إياها مخالفة لقانون كرامة الإنسان. كما كان النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي، قد قال إن مدير «برزيلاي» أكد له أنه لم يوافق على تغذية علان قسرياً، وأن ما نشر عنه ليس صحيحاً.
برغم ذلك، تعيش الضفة المحتلة وقطاع غزة حالة ركود وسكون بشأن الفعاليات الداعمة للأسرى، وهو ما دعا والدة الأسير علان إلى مناشدة الجماهير والمؤسسات والأحزاب لإنقاذ ابنها من الموت المحدق به خلال اعتصامها في سجن سوروكا. كذلك دعا رئيس «هيئة شؤون الأسرى والمحررين»، عيسى قراقع، إلى نصب خيم اعتصام وإضراب عن الطعام اليوم (الثلاثاء).
في غضون ذلك، قدمت مؤسسة «الميزان لحقوق الإنسان» في الناصرة، ومؤسسة «يوسف الصديق لرعاية الأسرى»، التماساً إلى «المحكمة العليا الإسرائيلية»، ضد قانون إطعام الأسرى القسري الذي أقره الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة. وطالب الالتماس المحكمة بإلغاء وإبطال هذا القانون «كونه ينافي القانون الدولي الانساني وفيه تعدٍ صارخ على كرامة وحقوق الأسير خاصة حقه في التعبير والاحتجاج».