ظهرت إحدى الترجمات السريعة للمبادرة التي حملها وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى دمشق يوم الثلاثاء الماضي، على شكل اتفاق أعلنه الوزير التركي في مؤتمره الصحافي الذي أوجز فيه أجواء لقاءاته مع الرئيس بشار الأسد، نصّ على السماح لوفد صحافي تركي بالتوجه إلى مدينة حماه التي أخلاها الجيش يوم الأربعاء «دليلاً على نجاح المبادرة التركية» على حد تعبير رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان. وبالفعل، توجّه وفد من وكالة أنباء الأناضول التركية الحكومية إلى حماه من معبر باب الهوى، أول من أمس، ونقل اعضاؤه مشاهداتهم وانطباعاتهم بعد قضائهم 3 ساعات في المدينة، وأعادت بعض الصحف التركية نقل تقاريرهم فيما بعد، علماً أن الصحافيين أوضحوا أنّ مندوبين من الحكومة السورية رافقوهم في جولتهم.
ومما جاء في تقارير الصحافيين الفقرات الآتية:
«لاحظنا صمتاً يلف المدينة التي ظلت شوارعها خالية إلا من بعض الأشخاص. كانت دبابات الجيش وآلياته تقف على بعد 20 كيلومتراً خارج المدينة. معظم المحال التجارية كانت مقفلة، مع انتشار العديد من الحواجز الأمنية داخل المدينة إضافة إلى جنود مسلحين في الطرقات. السيارات المحترقة تملأ المكان، وآثار الرصاص ظاهر على الكثير من الأبنية السكنية، في ظلّ تردُّد الكثير من السكان في الحديث لوسائل الإعلام. من بين الأشخاص الذين تحدثنا إليهم، عبد الرحمن، وهو تلميذ مدرسة، وصف لنا كيف فتح عناصر الجيش نيرانهم على كل مكان، وقد أصيب منزله شأنه شأن بيوت كثيرة بطلقاتهم. أخذنا عبد الرحمن إلى منزله ومنزل جيرانه وأرانا كيف أن الرصاص ترك آثاره على جدران الطبقات الخمس التي يتألف منها المبنى السكني. حتى إننا رأينا ثقوب الرصاص على جدران غرف الجلوس والنوم. قال لنا عبد الرحمن إنّ عمّه توفي حين كان في غرفة نومه بالطبقة الثالثة من المبنى، وتمكنّا من ملاحظة آثار الدماء والرصاص الفارغ على أرض الغرفة ،حيث أوضح لنا شاهدنا أن عمه قُتل. وفي حديثنا معهم، أشار لنا أفراد عائلة عبد الرحمن إلى أنّ الرصاص استهدفهم، وأنهم منذ تلك الفترة خائفون من الخروج من منزلهم. كما دلّنا عمّه الآخر على الرصاصات الفارغة في المنزل، مشتكياً من أنّه لا يشعر بالأمان حتى اللحظة. أكّد لنا أفراد العائلة أنّ المتاجر مغلقة في حماه، لافتين إلى أنهم عاجزون عن التوجه إلى أعمالهم لأن الجنود يطلقون النار حتى في أوقات الصلاة على كل من يخرج من منزله. شاهدنا آثار الرصاص على حائط مسجد الحميدية الذي قصفه الجنود، بحسب السكان. غير أنّ السلطات السورية التي رافقتنا في جولتنا دعتنا إلى زيارة مبانٍ حكومية ومراكز شرطة قالوا لنا إنّ مسلحين إرهابيين أحرقوها».
كذلك نقلت وكالة «رويترز» عن الصحافيين الأتراك أنهم تجولوا على جسر نهر العاصي في حماه حيث تفيد رواية النظام بأن جثث 13 على الأقل من أفراد قوات الأمن عُثر عليها وقد تم التمثيل بها وسحلها بعد قتلها. وقال العديد من السكان من خلال مترجمين رسميين سوريين إن الجيش دخل المدينة «بعدما استولت عليها جماعات قطعت الطرق وأشعلت النار في مبان حكومية». ونقلت عن نزار، التاجر الذي يبلغ من العمر 52 عاماً، «أريد الديموقراطية لكن ما رأيته في هذه المدينة خطأ. هؤلاء الناس يقطعون الطرق ويشعلون النار في الأبنية الحكومية، ويضعون هذه المدينة في هذا الموقف. هذه وحشية». لكن هذا الرأي لم يكن محل اتفاق، إذ وقفت مجموعة من الشبان خارج مسجد الحميدية ورددوا هتافات تطالب بسقوط الأسد، وذلك خلال وجود الصحافيين الأجانب الذين اقترب منهم شاب ملثم قدم نفسه باسم محمد نصري، ليوصل رسالته: «لخمسين عاماً، ظل لدينا نفس الحكم في هذا البلد. أنتم تروننا لا نحمل سلاحاً، لكنهم يهاجموننا بالدبابات والطائرات. وأقول للرئيس الأسد إن الأمر مهما كان صعباً، فسوف نخرجك من السلطة».
(الأخبار)