بالتزامن مع استعداد جيش الاحتلال لمواجهة تظاهرات ضخمة متوقعة في الضفة الغربية، واشتباكات محتملة مع الجيش السوري في هضبة الجولان المحتلة، ومع اقتراب موعد إعلان الدولة الفلسطينية في أيلول المقبل، تنشط السلطة السياسية الإسرائيلية في البحث عن سبل لعرقلة الاستحقاق، وآخرها بحث فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، فضلاً عن مواصلة الاستيطان والإعلان عن بناء 4300 وحدة استيطانية جديدة في القدس والضفة المحتلتين.
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أنَّ «الجيش الإسرائيلي لا يستبعد إمكانية أن يحاول الجيش السوري التصعيد على الحدود السورية ـــــ الإسرائيلية إذا اخترق بعض الفلسطينيين الحدود في هضبة الجولان المحتل، على غرار ما حدث في ذكرى النكبة». وقالت إنّ «التخوف لدى الإسرائيليين هو أنّ النظام يحاول أن يصرف الأنظار عمّا يجري في سوريا بواسطة التصعيد على الحدود». ويرسم الإسرائيليون السيناريو التالي: الجيش سيطلق النار على الفلسطينيين الذين يحاولون اختراق الحدود، فيتدخل الجيش السوري لحماية المواطنين السوريين، وهكذا تندلع مواجهات للمرة الأولى منذ عام 1973 بين الجانبين.
وفي السياق، أشارت الصحيفة إلى أن الجيش أضاف موضوع «التأقلم مع أعمال الشغب الشعبية» إلى موضوعات مدرسة الضباط، وذلك تحسّباً لاندلاع تظاهرات عنيفة منتظرة في المناطق الفلسطينية المحتلة في أيلول المقبل. وبحلول هذا الشهر، ينوي الجيش وضع عدد من ضباط الوحدات والألوية على نقاط التماس الأساسية مع الفلسطينيين من أجل منع التصعيد. كذلك قرر عدم استعمال الدبابات في الضفة الغربية، وبيّن أحد المسؤولين للصحيفة بأنّه «لا توجد خلايا إرهابية أو وسائل قتالية تتطلب علاجاً بواسطة الدبابات».
على المستوى السياسي، لا يزال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصرُّ على أنَّ المفاوضات هي الحل. وفي خضم الاحتجاجات الاجتماعية، اجتمع أخيراً مع اللجنة الوزارية المصغَّرة لسماع اقتراحات حول التعاطي الإسرائيلي مع السلطة الفلسطينية إذا توجهت للأمم المتحدة في أيلول. اجتماع لم يخلُ من دعوات متتالية تصل إلى حد معاقبة السلطة أو مقاطعتها، وأخرى تعارض التوجه بقولها إن انهيار السلطة سيؤدي إلى فوضى لا ترغب بها إسرائيل، وهو رأي وزير الدفاع إيهود باراك.
ولفتت «هآرتس» إلى أن عدداً من الوزراء اقترحوا على «بيبي» اتخاذ خطوات وقائية ضدّ السلطة الفلسطينية من أجل الضغط عليها لعدم التوجّه إلى الأمم المتحدة، بينما كان باراك معارضاً للاقتراح، محذراً من أن الأمر من شأنّه أن يؤدي إلى انهيار سلطة محمود عباس. كذلك بحثت اقتراحات أخرى كفرض عقوبات على أبو مازن، وعدم تحويل أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل للسلطة الفلسطينية، لا سيما أن الأخيرة تعاني من أزمة مالية حادة، وتجد صعوبة في دفع رواتب عشرات آلاف موظفيها.
من جهة ثانية، نقلت وسائل الاعلام العبرية عن دبلوماسي أميركي تحذيره من أن العلاقات بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية ستتضرر كثيراً إذا لم يتراجع الفلسطينيون عن قرارهم الذهاب الى الأمم المتحدة. وأضاف «إذا توجه الفلسطينيون الى الأمم المتحدة، فسيكون صعباً بالنسبة إلينا أن نقيم نفس العلاقات التي كانت بيننا. وهذا سيؤثر على المعونات الاقتصادية الأميركية للسلطة وعلى المساعدات في تدريب قوات الأمن الفلسطينية».
وأكّد الدبلوماسي أن إدارته «تبذل جهداً كبيراً من أجل إفهام الفلسطينيين أنه فقط من خلال المفاوضات المباشرة، يمكنهم تحقيق أهدافهم». وردّاً على دعوات مقاطعة السلطة الفلسطينية أمنياً واقتصادياً، أجاب أن «التعاون الأمني بين إسرائيل والفلسطينيين هو قصة نجاح أدت الى تحسن في الوضع الأمني ميدانياً، ونحن نريد أن نرى هذا التعاون مستمراً. هذه مصلحة إسرائيل والفلسطينيين والولايات المتحدة».
وفي بروكسل، قال دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي إن وزيرة الخارجية في الاتحاد كاثرين آشتون، ستسافر إلى إسرائيل والمناطق الفلسطينية خلال الشهر الجاري في مسعى اللحظات الأخيرة لدفع المحادثات بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
وقال الدبلوماسي «تريد العودة إلى الشرق الأوسط في أقرب وقت ممكن لأنها ترغب في مواصلة جهودها لإقناع الجانبين بالعودة إلى طاولة المفاوضات والتعرف إلى مشاعر الطرفين».
وبموازاة جهود العرقلة والاستعداد للاستحقاق، تواصل الدولة العبرية خططها الاستيطانية. وقد أعلنت تل أبيب أمس موافقتها نهائياً على بناء 4300 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة، في خطوة أثارت غضب السلطة الفلسطينية وبعض العواصم الغربية كواشنطن وباريس.
وقال المتحدث باسم وزير الداخلية، روئي لخمنوفيتش، إن «(وزير الداخلية ايلي) يشاي سيعطي موافقته النهائية على مشروع بناء 2700 وحدة استيطانية في أحياء في القدس الشرقية خلال بضعة أيام»، مذكراً أنه وافق أصلاً على 1600 وحدة في رمات شلومو، وسيوافق على ألفي وحدة أخرى في جيفعات هامتوس و700 في بيسغات زئيف» في القدس الشرقية. تجدر الاشارة إلى الوحدات الاستيطانية الـ1600 في رامات شلومو هي التي تسبّبت في خلاف دبلوماسي بين واشنطن وإسرائيل في العام الماضي.