لم تخطف استعدادات تظاهرات اليوم، التي أرادها المعارضون السوريون تحت شعار «جمعة أحفاد خالد (بن الوليد) والوحدة الوطنية»، الاهتمام من أحداث مدينة حمص، حيث تضاربت الأنباء بين رواية المعارضين ورواية النظام. تطورات تزامنت مع رفض باريس وواشنطن حظر التجوال الذي فرضته دمشق على تحرُّكات السفيرين روبرت فورد وإريك شوفالييه، وسط نفي مصادر رسمية سورية ما أوردته بعض وسائل الإعلام عن قرب إلقاء الرئيس بشار الأسد خطاباً قبل نهاية الشهر الجاري يتضمن تفاصيل تتعلق بالدستور والانتخابات الرئاسية المقبلة. وأكّد مراسل موقع «شام برس» في حمص أن «4 أفراد من قوات الجيش والأمن بينهم ضابط برتبة نقيب استشهدوا أمس خلال تصدّيهم واشتباكهم مع عناصر مسلحة تنتشر في المدينة». وأضاف أن الاشتباكات الجارية في عدة مناطق وحارات في حمص، «لا تزال مستمرة وأدت إلى إصابة 35 فرداً من قوات الجيش»، مشيراً إلى أنه سبق للمدينة أن شهدت الليلة قبل الماضية «هدوءاً حذراً قبل أن تعود المجموعات المسلحة لنشاطها حيث سمعت أصوات متقطعة لرشقات نارية، وبحسب الأهالي فإن القوات الأمنية بدأت تلاحق عدداً من المسلحين في أحياء مكتظة بالسكان والشوارع الضيقة يلجأ إليها هؤلاء هرباً من عناصر الجيش». في المقابل، أفاد رئيس «الرابطة السورية لحقوق الانسان» عبد الكريم الريحاوي بمقتل مدنيين بعد «إطلاق نار كثيف في أحياء الخالدية وبابا عمرو ونزهة التي تطوّقها قوات الأمن». كذلك أعلن ناشطون حقوقيون معارضون أن وحدات من الجيش وقوات الأمن واصلت أمس عملياتها الأمنية «الشرسة جداً» في حمص «التي أُقفر عدد كبير من أحيائها». وأشار «المرصد السوري لحقوق الانسان» إلى أن «الجيش والقوات الأمنية دهمت منازل ونفّذت اعتقالات في حمص، ويسمع اطلاق نار منذ الفجر، وسقط عشرات القتلى في الايام الاخيرة». في غضون ذلك، دعا الناشطون على صفحة «الثورة السورية 2011» على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، إلى تظاهرات جديدة اليوم تحت شعار «من أجل أحفاد خالد (بن الوليد) والوحدة الوطنية». أما في بلدة حرستا القريبة من العاصمة دمشق، فقد أرسلت تعزيزات عسكرية إلى ضاحية الأسد حيث يقيم جنود وضباط، بحسب معارضين تحدثوا لوكالة «فرانس برس».
ميدانياً أيضاً، تحدثت فضائية «العربية» السعودية عن حصول انشقاقات داخل الجيش المنتشر في حمص، إضافة إلى انتشار الدبابات في حي ركن الدين الواقع في دمشق، في ما قد يزيد من حدة التوتر بين المواطنين ذوي الغالبية الكردية والقوات الأمنية.
في هذه الأثناء، طالبت الإدارة الأميركية السلطات السورية بالسماح لسفيرها فورد بالتجول بحرية في أنحاء البلاد، وذلك بعد تحذير وزير الخارجية وليد المعلم السفيرين الأميركي والفرنسي من مغادرة دمشق دون إذن. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية هايد برونك فولتون أنه «ينبغي السماح للدبلوماسيين بالتنقل بحرية لتوثيق عمليات القمع» ضد المحتجين، لافتاً إلى أنه «ليس لدى الادارة الأميركية ما تخفيه في تعاطيها» مع الملف السوري.
موقف مشابه صدر من باريس، حيث رأى المتحدث باسم وزارة خارجيتها رومان نادال أن تحذير المعلم للولايات المتحدة ولفرنسا يعكس «العزلة التي يعيشها النظام السوري»، مشيراً إلى أن التجوال في مناطق الدولة المعتمدين لديها هو من وظائف أي سفير في أي دولة.
أما الدبلوماسي الأميركي المكلّف التحقيق بجرائم الحرب، ستيفن راب، فقد رأى أن قتل مدنيين سوريين يمثل «جريمة حرب»، معرباً عن اعتقاده بأنه «سيتم تقديم المسؤولين في دمشق إلى العدالة الدولية». وقال راب في مقابلة مع صحيفة «الغارديان» البريطانية: «نحن نراقب الوضع عن كثب في سوريا ونرى جرائم ضد الإنسانية».
(الأخبار)