عندما أمرت قيادة الحرس الجمهوري جزءاً من قواته المرابطة في معسكرها الواقع في جبل الصمع الاستراتيجي، منطقة أرحب، بالعودة إلى العاصمة بهدف تقوية الخط الدفاعي حول المقر الرئاسي بمنطقة السبعين، وتحسباً لإمكانية حدوث مواجهات محتملة بداخل العاصمة مع قوات الفرقة التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، لم تكن تعلم أن أهالي المنطقة سيقومون بتشكيل طوق بشري يمنعها من التوجه إلى العاصمة. لم يكن في حسبان الأهالي أن انسحاب تلك القوات كان بغرض خلق طوق أمني حول المقر الرئاسي. كانوا يعتقدون أنها ستنزل إلى العاصمة لـ«مهاجمة شباب الثورة في ساحة التغيير»، وخصوصاً أن أحداث الثامن عشر من آذار التي سقط فيها نحو 53 شهيداً لا تزال عالقة في الأذهان. لكن قيادة الحرس الجمهوري لم تتعامل مع الواقعة على أنها تصرف عفوي قام به الأهالي تلقائياً، إذ أعلنت أن رجل الدين عبد المجيد الزنداني الذي ينتمي للمنطقة، ومن خلفه اللواء علي محسن الأحمر، يقفان وراء هذا العمل من أجل استنزاف طاقة قوات الحرس الجمهوري.
بالتالي، ما كان من قوات الحرس الجمهوري التابعة لنجل الرئيس إلا أن هاجمت المنطقة عن طريق اللواءين 62 و63 الواقعين في منطقة جبل الصمع واللواء 61 الواقع في منطقة بيت دهره بمنطقة بني حشيش، وهي تابعة لقوات الحرس الجمهوري التي تعمل على فرض سيطرتها على جبل الصمع الاستراتيجي الذي يعني سقوطه بيد أهالي المنطقة سقوط مطار صنعاء الدولي الذي يطل عليه وتهيئة الطريق للسيطرة على مناطق بني الحارث ونهم وبني حشيش وحرف سفيان وبرط وأطراف من الجوف وكلها في منطقة شمال الشمال، وبالتالي يكون من الممكن إعلان أن كل هذه المناطق قد صارت في أيدي القبليين الموالين للثورة، وعليه يكون الطريق سالكاً ومتاحاً للتوغل باتجاه حضرموت والمهرة.
من هنا تأتي استماتة قوات الحرس الجمهوري في الدفاع عن هذا المعقل الاستراتيجي الذي سيضع مصيرها على المحك، إضافة إلى خوضها معارك أخرى اندلعت في مناطق نهم والحيمة في لعبة إنهاك لها. لكنها، وفي الوقت الذي تتعامل فيه بحزم شديد مع أهالي منطقة أرحب، تعرف لعبة الإنهاك هذه ولهذا تتعامل بذهنية حريصة على عدم استنزاف قدراتها البشرية التي تدخرها لمعارك أهم قد تكون في وسط العاصمة. وعليه، تعمد هذه القوات على عدم الاشتباك المباشر مع العناصر القبلية مركزة على اعتماد تكتيك القصف الجوي المجرد، وذلك عن طريق استخدام الكاتيوشا والمدفعية الثقيلة والدبابات والأسلحة المتوسطة، مع تدخل الطيران الجوي التابع لشقيق الرئيس مستهدفاً منازل شخصيات بارزة في المنطقة، ومنها منزل عبد المجيد الزنداني الذي ينتمي إلى منطقة أرحب.
لكن اللافت في الأمر، وعلى رغم مرور نحو الشهرين على بداية هجوم قوات الحرس الجمهوري على منطقة أرحب، أن أهالي صنعاء يبدون لا مبالاة غريبة، إذ إن هناك اعتقاداً كبيراً بأن ما يجري هو نوع من تصفية الحسابات بين الرئيس علي عبد الله صالح واللواء علي محسن الأحمر. وهو تقريباً نفس رد الفعل الذي كان تجاه حرب منطقة الحصبة بين قوات علي صالح وأنصار الشيخ صادق الأحمر. ومع تصاعد حدة القصف على منطقة أرحب تصاعدت الحرب الإعلامية بين قوات الحرس وقبائل أرحب. واتهمت وسائل إعلام رسمية حكومية رجل الدين عبد المجيد الزنداني الموالي للواء علي محسن الأحمر بإرساله مقاتلين من تنظيم القاعدة للمشاركة في المواجهات الدائرة هناك. وأورد موقع «الصحوة نت» التابع لحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يشغل الزنداني فيه رئاسة مجلس الشورى أن قوات خاصة بمكافحة الإرهاب المدعومة أميركياً قد توجهت مساء الاثنين الفائت إلى منطقة أرحب للمشاركة في القتال إلى جانب قوات الحرس الجمهوري، بعدما وجدت صعوبة في حسم الأمور لصالحها في وقت سريع على عكس ما كان متوقعاً. وفي السياق نفسه لقي ثلاثة مواطنين مصرعهم في منطقة أرحب إثر قصف قوات الحرس الجمهوري للسيارة التي كانت تقلهم.
وبحسب مراسل موقع «المصدر أونلاين»، قصف اللواء 62 من الحرس الجمهوري الواقع في منطقة فريجة عدة قرى في مديرية أرحب صباح اليوم. وأضاف أن اللواء قصف سيارة تقل مواطنين ينتمون إلى قرية «يحيص» وكانت تمر في طريق بعزلة «شِعب»، ما أدّى إلى مقتل ثلاثة على الفور وإصابة ثلاثة آخرين.
وفي سياق منفصل، اتهمت أحزاب اللقاء المشترك ما سمته «بقايا النظام العائلي» للرئيس الضلوع في محاولة اغتيال محمد اليدومي رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح ظهر أمس عندما أطلق مسلحون النار باتجاه السيارة التي كان يستقلها في صنعاء.