تغيير حكومي مصري وسط حال «تخبّط وعدم وضوح الرؤية»حتى عصر أمس، كان رئيس الوزراء المصري عصام شرف حائراً، وخائر القوى في مواجهة مطالب الإصلاح التي اشترطها ثوار ميدان التحرير وباقي ميادين المحافظات لقبول التغيير الوزاري المرتقب، وبين شروط المجلس العسكري الحاكم الفعلي للبلاد. وبدا على الرجل أنه يتحرك في منطقة المأساة، مأساة إرضاء الثوار من ناحية، وعدم تجاوز الخطوط التي حددها العسكر من ناحية أخرى. لكن الورطة الأكبر لشرف كانت اعتذار عدد كبير من الأسماء التي طرحتها بورصة التغييرات، ممن رأوا أن الصلاحيات الممنوحة من المجلس العسكري لرئيس الوزراء غير كافيه وأن الصدام بالعسكر حادث لا محالة.
خلال الأيام الماضية، حاول شرف أن يقترب من ثوار التحرير، عارضاً عليهم تقديم مقترحات واضحة بشأن الوجوه الوزارية التي يريدونها، لكنه نسي أن ثوار الميدان لا يمثلون كل أطياف المجتمع، وأن هناك قوى وتيارات سياسية يجب أن ينظر إليها بعين الاعتبار .
العنوان الأبرز لتشكيلة الحكومة الجديدة هو «التخبط وعدم وضوح الرؤية»، حيث لم يصدر تصريح واحد عن شرف أو المتحدث باسم مجلس الوزراء في ما يخص توجهات الحكومة الجديدة، أو الأسس والقواعد التي جرى اختيار الوجوه الجديدة بناءً عليها، أو المهمات التي تتطلع الى تحقيقها بعد الرفض الشعبي للحكومة الحالية.
صباح أمس، تأكد خروج عدد من الوزراء، على رأسهم وزير الخارجية محمد العرابي، الذى أعلن أنه خرج بسبب هجوم نشطاء الفايسبوك وتويتر عليه وأنه لا يريد إحراج شرف، كذلك وزير المال سمير رضوان ووزير الصناعة سمير الصياد ووزير الدولة لشؤون الآثار زاهي حواس ووزير التعليم العالي عمرو عزت سلامة. كلهم استبقوا قرار الاستغناء عنهم بتقديم استقالتهم حتى لا يقال إنهم أقيلوا. ورغم أن الأنباء الواردة من شارع القصر العيني، حيث مقر رئاسة الوزراء، تقول إن التغييرات لن تطال وزير الداخلية منصور العيسوي الذي يتمسك الثوار بإقالته بعد وقوفه في وجه شرف ورفضه إنهاء عمل الضباط المتهمين بقتل الثوار، إلا أن المؤشرات الأولية تقول إن عدداً كبيراً ممن قابلهم شرف لتولي الحقائب الوزارية الجديدة ليسوا خارج دائرة النظام السابق ومصالحه، وإن عدداً منهم كانوا أعضاء في لجنة سياسات جمال مبارك، بدليل أن إصرار شرف على اختيار وزير الإعلام أسامة هيكل قوبل برفض عارم، نظراً إلى أنه كان أحد الأبواق التي هاجمت ثورة 25 يناير منذ البداية. إذاً، كيف اختار شرف وزراءه الجدد؟
الإجابة ستخرج أو خرجت من كونترول المجلس العسكري.