المنامة | تعرّضت الصحافية البحرينية، ريم خليفة، لحملة تشهير وهجوم واسعين من صقور السلطة المتشددين، وذلك بعد مؤتمر صحافي عقده وفد إيرلندي مكون من وزير خارجية سابق ومجموعة من الأطباء والحقوقيين والبرلمانيين، زار المملكة لتوثيق «انتهاكات السلطة لحقوق الإنسان تجاه الكادر الطبي البحريني» الذي يرزح عشرات من طاقمه في المعتقلات منذ إعلان حالة السلامة الوطنية. ورمى جناح الصقور وتوابعهم من الكادر الطبي بكل ثقلهم لتخريب المؤتمر الصحافي، ما دفع الوفد الايرلندي إلى فض المؤتمر والانسحاب بعد دقائق من عقده. واستغلت الطبيبة، هند الفايز، المعروفة بمواقفها العدائية للمعارضة، المناسبة لضرب عصفورين بحجر؛ فبعدما نجحت مع زملائها من فريق الصقور في مهمة فض المؤتمر الصحافي، توجّهت بكاميرا هاتفها المحمول نحو الصحافية ريم، مراسلة «الأسوشييتد برس» والكاتبة بجريدة «الوسط»، وزوجة رئيس تحريرها السابق منصور الجمري. عندها، طلبت ريم وقف التصوير، محاولةً إزاحة الكاميرا بيدها بعد سلسلة من المضايقات والاستفزازات، فما كان من الطبيبة إلا أن صرخت: «آه صوروا ما حدث لقد ضربتني!». جملة كانت كفيلة لتصفية حساب قديم مع ريم التي يبيت لها جناح الصقور منذ مداخلتها الشهيرة في المؤتمر الصحفي الذي جمع وزير الخارجية البحريني مع نظيره الإماراتي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عقب اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في المنامة في 17 شباط الماضي لدعم «جهود الحكومة البحرينية في حفظ أمنها» بعد ساعات من دهم قوات الأمن ميدان اللؤلؤة فجر الخميس الأسود.
قالت ريم يومها، مخاطبة وزير الخارجية البحريني: «سعادة الوزير، لأول مرة سأضطر إلى ألّا أطرح سؤالاً: أنا صحافية بحرينية والدي سُني ووالدتي شيعية. التزاوج والاختلاط في البحرين جزء من ثقافة مجتمعنا. لا نميز، أنا لست طائفية. أعشق وطني حتى النخاع. أنا صحفية مستقلة أحب وطني. صدقنا جلالة الملك وصوتنا على ميثاق العمل الوطني، ما حدث في ميدان اللؤلؤة مجزرة يا سعادة الوزير. ما يحدث في مستشفى السلمانية لا يمكن. نحتاج إلى دم. نحتاج إلى معالجة الجرحى. ولائي لبلدي. لا نريد أن نغير شيئاً. ما نريده أن يكون لنا صوت ونسهم في عملية التطوير والإصلاح. ما هي المشكلة؟ هل هي أزمة ثقة؟ هل هناك مشكلة بين الأسرة الحاكمة وأفراد الشعب؟ لماذا هذا التمييز؟ لماذا ينزل الجيش في بلد خليجي؟ حرام عليكم». قالت هذه الكلمات وهي تجهش بالبكاء وسط طأطأة رؤوس كل من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ووزيري خارجية البحرين والإمارات وهم في فرط الحرج. حادثة لم تغب لحظة عن بال صقور النظام والموالين له. في ليلة خميس آخر، ارتأى صقور السلطة ومريدوهم أن يضربوا عصفورين بحجر واحد. توجهوا إلى المؤتمر الصحافي وهاجموا الوفد الايرلندي، واتهموه بعدم الحيادية وإغفال الرأي الرسمي الذي تمثله وزيرة «كل الحقائب» فاطمة البلوشي، التي أصبح مسماها بعد فض حالة السلامة الوطنية وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، والوزير المفوض إليه القيام بأعمال وزير الصحة. كان رد الوفد الايرلندي بسيطاً ومختصراً: «أنتم معينون من السلطة بعد حلها لمجلس إدارة جمعية الأطباء المنتخب، ومن الطبيعي أن تتبنوا مواقفها» وفضوا الاجتماع، قبل أن تستكمل هند الفايز المهمة بالاشتباك مع ريم. لكن العاصفة لم تهدأ عند هذا الحد. سارعت جمعية الصحافيين «الجسم النقابي للصحافة البحرينية»، التي يسيطر عليها صحافيو السلطة، من خلال نظامها الأساسي الفضفاض، إلى شجب سلوك ريم خليفة وإدانته، من دون أن تكلف نفسها عناء التحقيق في صحة ادعاءات تلك الطبيبة، أو استيضاح موقف ريم خليفة.
واستدعت النيابة العامة ريم للتحقيق معها على خلفية دعوة مستعجلة تقدمت بها مجموعة من «الصحفيين» و«الأطباء» المشاركين في المؤتمر الصحفي. ويقول المراقبون إن ما حدث هو من تدبير الجناح المتطرّف في السلطة الذي يسعى إلى تخريب الصورة الرومانسية لحوار التوافق الوطني، فيما يسعى الجناح المعتدل إلى إنهائه بسقف أدنى من التوافقات، بما يكفل تخفيف وطأة الحملة الدولية الموجّهة إلى ممارسات النظام.
ورأوا أن الهجوم على ريم ينسجم مع الاستفزازات التي أثارها النائب السلفي جاسم السعيدي خلال جلسات الحوار الوطني، عندما طالب بحل الجمعيات المعارضة، وهو الأمر الذي أسهم كثيراً في خلق أجواء متشنجة.
وبرر المراقبون صمت السعيدي الكلي في الجلسات التالية من الحوار، بأنه تلقى تحذيرات مباشرة من الجناح المعتدل في السلطة يحذره من مغبة أفعاله. والجهود المتطرفة لم تقف عند هذا الحد؛ إذ قالت صحيفة «الوطن» أمس إن مجموعة من النواب طالبت مجلس الوزراء بإجراء تحقيق لمعرفة الجهة التي صرحت للوفد الطبي الايرلندي بدخول البحرين.



«الوفاق» تنسحب من الحوار

أعلنت جمعية «الوفاق» الوطنية الإسلامية المعارضة بزعامة الشيخ علي سلمان، أمس، انسحابها من حوار التوافق الوطني. وقالت في بيان إن الأمانة العامة «قررت الانسحاب مما أطلق عليه حوار التوافق الوطني الذي دشنته السلطات البحرينية مطلع تموز».
وأوضحت أن هذا القرار جاء نتيجة توصية من فريقها المشارك في الحوار بأن «هذا الحوار لن ينتج حلاً سياسياً جذرياً للأزمة البحرينية، بل إن مخرجاته معدّة سلفاً وستزيد التعقيد في الأزمة السياسية»، بناءً على مجموعة من الأسباب والمعطيات. وتقوم هذه الأسباب على أن «تمثيل «الوفاق» لا يتجاوز الـ1.6 في المئة فقط»، رغم أن وزنها يتجاوز الـ64 في المئة من أصوات الناخبين، «بالإضافة إلى تشويه مخرجات هذا المنتدى إعلامياً» و«عدم الاكتراث برؤى فريق «الوفاق» ومحاولاته المتكررة في تصحيح الوضع والتوافق عليها لإيجاد حوار جدي ومثمر وشامل» الذي «يكشف عن عدم الجدية من جهة، وعدم الجدوى من وجود الفريق فيه من جهة أخرى». ونقل البيان عن الفريق المشارك في الحوار أنه حاول تصحيح «إجراءات الحوار، وشارك في وضع جدول أعماله، والتأثير في مخرجاته، ولكننا بعد التجربة والمحاولة الجادة، لم نتمكن من التأثير على الإجراءات، ولم نتمكن من تغيير جدول الأعمال، ولم نتمكن من إيصال وجهات نظرنا في القضايا المناقَشة، إلاَّ على نحو محدود وهامشي، ولم نتمكن من التأثير في نتائج الحوار التي يبدو أنها أُعدَّت سلفاً». وتركت «الوفاق» الحوار وقررت الاستعاضة عنها بالشارع؛ اذ أعلنت تنظيم مهرجان سادس يوم الجمعة تحت عنوان «متمسكون بمطالبنا».
(الأخبار)