«مجموعة الاتصال» تعترف بالمجلس الانتقالي وتموّله... وجوبيه يفتي بشرعيّة استمرار الحملة العسكرية في رمضان

قرّرت «مجموعة الاتصال» حول ليبيا، أمس، تجيير أموال الجماهيرية لمعارضي معمر القذافي، واعترفت على نحو جماعي بالمجلس الانتقالي، حاصرةً صلاحية التفاوض مع الزعيم الليبي بمندوب الأمين العام للأمم المتحدة
كان أحد القصور العثمانية على ضفاف البوسفور في إسطنبول، أمس، شاهداً على اتفاق معظم الدول الإقليمية والأجنبية على تنحية الزعيم الليبي بوسائل جديدة موازية للخيار العسكري المستمر من خلال آلة حرب حلف شمالي الأطلسي. وأدّى وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو الدور الذي يحبه، وهو طباخ قرارات «مجموعة الاتصال» حول ليبيا، التي اجتمعت للمرة الرابعة منذ تأسيسها في لندن في 29 آذار الماضي.

وحضر اللقاء نحو 15 وزير خارجية غربياً وعربياً وإقليمياً، إضافة إلى الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي أندرس فوغ راسموسن والممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية والاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، ليخرج بيان ختامي، أبرز ما جاء فيه سحب مهمة التفاوض مع القذافي من الدول، وتسليمها حصراً لمندوب الأمين العام للأمم المتحدة عبد الإله الخطيب.
وفيما اعتُرف على نحو جماعي بـ«المجلس الانتقالي المؤقت» ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الليبي، وقُدِّم مبلغ 200 مليون دولار نقداً دعماً له، طلب البيان الختامي للاجتماع، «كل الأطراف المعنية بالقيام بجهود لتأليف حكومة انتقالية لتحقيق انتقال سلس وسلمي للسلطة»، في إشارة إلى «خريطة طريق» اتُّفق عليها. وتابع البيان أن «على القذافي أن يترك السلطة وفق مراحل ستُعلَن»، وسط تعهدات برفع التجميد عن عدد من أرصدة الدولة الليبية لمساعدة المقاتلين المعارضين في معركتهم ضد نظام الزعيم الليبي، وهو ما يعني «أننا سنتمكن من رفع التجميد عن عدد من الأرصدة التي تخص الدولة الليبية، لأن المجلس الوطني الانتقالي هو الذي يتولى هذه المسؤولية الآن»، على حد تعبير وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه المشارك في اللقاء.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد تولت، في كلمتها بالاجتماع، إعلان اعتراف واشنطن رسمياً بالمجلس الوطني الانتقالي حكومةً شرعية للبلاد، في خطوة يمكن أن تؤدي إلى الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الليبية المجمدة في المصارف الأميركية، علماً بأن «الولايات المتحدة وشركاءها يبحثون الطريقة الأكثر فعالية والأفضل للقيام بذلك»، على حد تعبيرها. خطوة يعتقد أنها أتت نزولاً عند مطالب المعارضة الليبية التي اختصرها المسؤول الإعلامي في المجلس الوطني الانتقالي محمود شمام قائلاً أمام المجتمعين إن «أكثر ما نحتاج إليه هو المال ثم المال ثم المال»، محدداً المبلغ الذي يحتاجون إليه بثلاثة مليارات دولار.
وكان رئيس الدبلوماسية التركية قد حثّ، في المؤتمر الصحافي الختامي، الذي عقده مع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، «شركاءنا في مجموعة الاتصال على فتح حسابات مالية لفائدة المجلس الوطني الانتقالي تساوي نسبة الأصول الليبية المجمدة لديها»، وهو ما بادر إلى فعله نظيره الإيطالي فرانكو فراتيني الذي كشف أن روما أفرجت عن دفعة أولى من مئة مليون يورو للمعارضة على شكل قروض مؤتمنة بأصول طرابلس المجمدة في إيطاليا، متعهداً بالإفراج بعد أسبوعين عن 300 مليون يورو إضافية. وفي السياق، أشار داوود أوغلو إلى أن أنقرة أيدت اقتراحاً قدمه المجلس الانتقالي يتمثل بتوزيع الأموال الليبية المجمدة والمقدرة بنحو ثلاثة مليارات دولار، على طرفَي النزاع، طرابلس وبنغازي، وذلك لأهداف محض إنسانية، وذلك «بالتساوي خلال شهر رمضان شرط استعمالها فقط لأغراض انسانية». ودُعيت الدول التي تحوي أرصدة ليبية مجمدة إلى «فتح خطوط ائتمان تبلغ قيمتها بين 10 و20 في المئة من الأرصدة المجمدة، مع اعتبار هذه الأرصدة ضمانات».
ومن قرارات «مجموعة الاتصال»، التي تتكون من أكثر من 30 حكومة ومنظمة دولية وإقليمية، اختيار الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الإله الخطيب ليكون «الطرف الوحيد» الذي يتحدث باسم المجتمع الدولي حول القضية الليبية، وذلك بعدما «تبين أن كل المحاولات للقيام بوساطات سرية ومتكتمة مع بعض الدول، لم تكن بناءة»، على حد تعبير فراتيني، الذي تحدث وحده عن وجود عرض لـ«حزمة مقترحات سياسية، بما فيها وقف إطلاق النار والتفاوض مع بنغازي وطرابلس». وبحسب فراتيني، سيفوَّض الخطيب بالتفاوض مع القذافي وبـ«طرح شروط تركه الحكم في إطار عرض سياسي يشمل وقفاً لإطلاق النار».
أما عن مرحلة ما بعد القذافي، فقد اكتفى داوود أوغلو بالقول إنه جرت مناقشة هذا الموضوع من دون الإدلاء بتفاصيل. وما لم يفصّله داوود أوغلو عن «خريطة طريق» إطاحة القذافي، أفصح عنه جوبيه، عندما أشار إلى أن «خريطة الطريق واضحة جداً: قبل كل شيء إعلان واضح من القذافي لنيته ترك السلطة، وخاصة مسؤولياته العسكرية، ثم وقف حقيقي لإطلاق النار برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي كما نأمل، بعدها يعقد الشعب الليبي مؤتمراً وطنياً يشارك فيه زعماء قبائل وممثلون من العاصمة طرابلس لوضع دستور وإجراء انتخابات برلمانية لتأسيس الديموقراطية».
وفي شهر رمضان، ستتواصل العمليات العسكرية الأطلسية ضد كتائب القذافي «ما لم يرضخ لمطالب تنحيه ويدعو إلى وقف لإطلاق النار»، وذلك بعدما وافقت دول إسلامية على ذلك على حد تعبير جوبيه، على قاعدة أنه «لا تعارض بين أحكام الشريعة في فترة رمضان واستمرار تدخلنا العسكري»، وهو ما صرح به رئيس الدبلوماسية الفرنسية.
بدوره، رأى آل نهيان، في المؤتمر الصحافي الختامي، أنه «تحققت خطوة مهمة في توضيح الأمور للشعب الليبي على مدى التزامنا في دعمه ومدى القبول والدعم الدولي للمجلس الوطني الانتقالي».

(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)