لا خلاف على أن رسائل التهديد الإسرائيلية الموجهة الى حزب الله، بما يشمل التحذيرات والتحليلات الهادفة والتسريب المقصود لمصادر سياسية وعسكرية، تندرج في إطار الحرب الصامتة، في معظم الاحيان بين الجانبين.وإذا كانت رسائل إسرائيل التحذيرية تسبق في العادة فعلاً اعتدائياً تجاه الساحتين السورية واللبنانية، وفي محاولة منها لردع حزب الله عن الرد على اعتداءاتها، إلا أن جزءاً من هذه الرسائل يعبّر عن خشية من تطور ما يحدث في الساحتين، أو ما يرتبط بالمحور المقاوم بصورة عامة. وترى تل أبيب واستخباراتها أن ذلك من شأنه أن ينعكس سلباً على مصالحها.

فكيف إذا كان التحذير، بل وأيضاً التهديد، موجّهان الى إيران بصورة مباشرة، إضافة الى حزب الله؟
مصادر أمنية إسرائيلية اتهمت، في حديث مع الاذاعة العبرية أمس، الحرس الثوري الايراني مباشرة بالمسؤولية عن قصف بالهاون استهدف مستوطنة عين زيفان في الجولان يوم الاثنين الماضي، وقالت إن القصف كان متعمّداً ونفذته قوات موالية للنظام السوري من منطقة خان أرنبة، بإيحاء من قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري.
وأضافت المصادر أن الوجود الايراني في سوريا بات حقيقة واقعة ومعروفة للجميع ولا شك فيها، إذ إن طهران تساعد النظام السوري بحجم أكبر من أي وقت مضى، وهي توفر له الدعم على كافة الاصعدة، وخاصة من خلال منحه المساعدات الاقتصادية والعسكرية على نطاق ضخم. وقالت إن إيران ترسل خبراءها وميليشيات الى ساحات القتال لمساعدة النظام.

المؤسسة الأمنية
في إسرائيل ترصد «استثمار» إيران وحزب الله في حضر


وشددت المصادر نفسها على أن النشاط الايراني لا يقتصر في سوريا على مساعدة النظام في نضاله من أجل البقاء، بل يمتد هذا النشاط الى مساعدة حزب الله بالعتاد، وقد بات وجود الحزب في الجولان أمراً معروفاً، و«مع محاولات لشن عمليات ضد إسرائيل، تنسب الى قوات موالية لحزب الله، وبمساعدة من عناصر محلية فلسطينية ودرزية سورية».
وقالت المصادر إنّ قصف مستوطنة زيفان في الجولان جاء بقرار من عناصر إيرانية، مشيرة الى أن توقيت هذه العملية، بعد أسابيع من الاتفاق النووي الايراني لم يأت من باب الصدفة، وهو إشارة واضحة من طهران الى إسرائيل على أنها لم تتخل عن عدائها لإسرائيل وأنها ستستخدم كل الوسائل المتاحة لاستهدافها، بما في ذلك التصعيد في الجولان.
وقالت المصادر الامنية نفسها إن «ضلوع إيران المباشر في النشاطات الموجهة ضد إسرائيل، يشكل تصعيداً نوعياً لم يسبق له مثيل، ومرحلة جديدة تدفع إسرائيل إلى اتخاذ الاجراءات اللازمة للتصدي لها». وضمن التوجه نفسه، عبّرت إسرائيل أمس عن خشيتها ممّا سمّته «زيادة وتيرة تجنيد نشطاء يعملون لمصلحة حزب الله في سوريا»، وخصصت بلدة حضر، مع تساؤل إن كان حزب الله معنياً بالرد على هجوم سلاح الجو الاسرائيلي بالقرب من البلدة قبل أسبوعين، وأدى الى سقوط ثلاثة شهداء من المقاومة الشعبية في حضر.
وقال مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى لموقع «واللا» العبري، إن حزب الله يستثمر موارد أكثر بكثير من السابق في بلدة حضر، و«هناك عمليات تدريب مقاتلين من أجل تنفيذ عمليات إرهابية ضد إسرائيل»، أما وجهة هذا الاستثمار وسببه وهذه التدريبات، فأشار المصدر الى أن «حزب الله يخشى من هجوم إسرائيلي مفاجئ».
وأشار «واللا» الى أن المؤسسة الامنية في إسرائيل ترصد «استثمار» إيران وحزب الله في حضر، رغم الهجوم الاسرائيلي الاخير الذي قالت الصحافة الاجنبية إنه استهدف ناشطين من الحزب. وبحسب أحد المصادر الامنية، فإن الجانبين ينظران الى هذه البلدة الموالية (للرئيس السوري بشار) الاسد والقريبة من الحدود مع إسرائيل، باعتبارها «منطقة استراتيجية» يمكن تنفيذ هجمات انطلاقاً منها، ضد إسرائيل.
وأضاف مصدر أمني إسرائيلي آخر لـ«واللا»، انه بسبب الوضع في سوريا، يتطلع حزب الله الى اليوم الذي يلي؛ فـ«رغم الحرب الدامية في هذا البلد، يخشى الحزب من هجوم إسرائيلي مفاجئ، الامر الذي يدفعه إلى الاستعداد لحرب مع إسرائيل».
وفي تقدير متناقض، أشار مصدر أمني رفيع الى أن الهجمات الاسرائيلية الاخيرة في الجولان ستدفع حزب الله الى الرد، و«هو لم يرد لأنه مشغول بمحاربة منظمات أخرى في هذه المنطقة، من ضمنهم تنظيم الدولة الاسلامية ــ داعش».
أما الرسالة الاسرائيلية الى أوروبا والى الولايات المتحدة تحديداً، فأشار المصدر الى أن تل أبيب تخشى من أن يتسبب الاتفاق النووي الايراني في تراخي مواجهة أميركا لإيران في المنطقة، إذ إن «جزءاً كبيراً من المحافل الغربية، بات يرى في إيران جهة استقرار وضرورة في مواجهة داعش في المنطقة، ومن شأن ذلك أن يدفع الولايات المتحدة إلى إهمال صد وإحباط دعم إيران للإرهاب، رغم أن وزارة المالية الاميركية فرضت في الاسابيع الاخيرة عقوبات شديدة ضد حزب الله وأعماله الاقتصادية حول العالم».