مولن يستأنف حملة واشنطن على طهران... والمحكمة الأوروبيّة تدين بريطانيا

يرجَّح أن يعود الملف العراقي إلى سخونته، بعدما اعترفت واشنطن بأنها تفاوض بغداد حول شروط تمديد بقاء قواتها في بلاد الرافدين إلى ما بعد نهاية 2011. نبأ يبطل مفعول اتفاقية «صوفا» التي ستولد على أنقاضها اتفاقية احتلالية جديدة، في ظل تجريم المحكمة الأوروبية بريطانيا لارتكابها جرائم
انتظرت الولايات المتحدة حتى يوم أمس، حتى تعترف بأنها تتفاوض مع الحكومة العراقية بشأن تمديد بقاء الاحتلال في بلاد الرافدين إلى ما بعد المهلة التي فرضت الاتفاقية الأمنية الأميركية ـــــ العراقية أن تنتهي في نهاية عام 2011 الجاري. اعتراف متأخّر جاء على لسان قائد أركان الجيوش الأميركية، الأميرال مايكل مولن، الذي انتهز المناسبة حتى يجدّد حملة بلاده على إيران من بوابة أنها تواصل تزويد «الميليشيات الشيعية» الموالية لها بالسلاح.
وكشف مولن عن أنّ واشنطن وبغداد تجريان حالياً مفاوضات حول اتفاقية أمنية جديدة محتملة، تنص على إبقاء قوات أميركية في البلاد بعد استحقاق 31 كانون الأول 2011، لتكون تلك التصريحات التأكيد الرسمي الأول لمسؤول بهذا المستوى في الادارة الأميركية بأن المحادثات جارية حول تجديد الاقامة للاحتلال. ورأى مولن أن هذه «المفاوضات جارية وهي صعبة»، مشيراً إلى أنها تتطرق إلى حجم الوحدة العسكرية الأميركية المحتمل أن تبقى في البلاد، وكذلك إلى القدرات التي تفتقدها القوات العراقية. وتابع مولن «هناك ثغر واضحة في قدرات العراقيين، تحديداً في قدرات سلاح الجو والدفاعات الجوية وتحليل الاستخبارات»، لافتاً إلى أن «كيفية سد هذه الثغر تبحث في المفاوضات الجارية حالياً».
ولا يزال هناك نحو 46 ألف عنصر أميركي في العراق، وقد عرضت ادارة الرئيس باراك أوباما إبقاء ما يصل إلى عشرة آلاف عنصر في العراق العام المقبل بحسب صحيفة «واشنطن بوست» نقلاً عن مسؤولين أميركيين رسميين، علماً أن وجود هذه القوات سيكون مهدداً، وخصوصاً بعد إعلان عدد من التنظيمات استعدادها لتنفيذ هجمات انتحارية ضد «الاحتلال الكافر» بعد نهاية 2011.
وفي السياق، اتهم مولن ايران بزيادة دعمها لتنظيمات تقاتل قواته في العراق، بعدما قلّصت هذا الدعم في 2008. وفي هذا الموضوع، أشار إلى أن طهران «تدعم مباشرة الفصائل المتطرفة التي تقتل قواتنا». وأوضح أنّ كميات الأسلحة الايرانية للعراق «كبيرة جداً»، وتتضمن «أسلحة متطورة». ونقلت شبكة «سي أن أن» عن مولن قوله للصحافيين إن «إيران تلعب دوراً كبيراً حالياً، لأنها تدعم بنحو مباشر جداً مجموعات متطرّفة شيعية (في العراق)، تقتل جنودنا». وأقر بأن أي اتفاق محتمل مع العراق يبقي على القوات الأميركية هناك إلى ما بعد نهاية الحد الأقصى نهاية العام الجاري، سيواجه مسألة التدخل الإيراني.
وتابع «إنهم يشحنون أسلحة عالية التقنية ـــــ مثل الذخائر المزودة بصواريخ ( RAMS) والراجمات (EPS) إلى هناك، ويثبت الطب الشرعي أنها تقتل رجالنا». وعلى حد تعبيره، فإن هذه الأسلحة الايرانية رفعت الخسائر بين صفوف الجنود الأميركيين في العراق، والتحقيقات ربطت هذه الأسلحة مباشرة بإيران. وعن الموضوع نفسه، رأى أن الجمهورية الاسلامية «اتخذت قراراً في عام 2008 بتقليص تدخلها في العراق، لكنها عادت وعززت أنشطتها في الفترة الأخيرة، ربما لتقول لاحقاً إنها ساعدت في اخراج القوات الأميركية»، في إشارة إلى موعد نهاية كانون الأول المقبل.
في غضون ذلك، ارتفعت حصيلة القتلى الأميركيين من قوات الاحتلال في العراق إلى 4471 منذ الغزو في 2003، بعدما قُتل جنديان أمس في وسط البلاد، بحسب بيان لوزارة الدفاع، علماً أن شهر حزيران الماضي شهد مقتل 14 من الجنود الأميركيين.
أما في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، فقد أدانت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان بريطانيا في عدة قضايا تعود إلى فترة احتلالها لجنوب شرق العراق، ابتداءً من عام 2003، خصوصاً في جرائم قتل عدة مدنيين عراقيين. ورأى قضاة الغرفة الكبرى في المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، بالإجماع، أن «من واجب المملكة المتحدة التحقيق في وفاة ستة مدنيين قتلوا في العراق عام 2003 خلال حوادث شارك فيها جنود بريطانيون». وقالوا إنه «في الظروف الاستثنائية التي جعلت بريطانيا مسؤولة عن توفير الأمن في جنوب شرق البلاد خلال الفترة الممتدة من مطلع أيار 2003 إلى 28 حزيران 2004، تتحمل لندن المسؤولية بموجب المادة الأولى من الشرعة الأوروبية لحقوق الانسان حيال مدنيين قتلوا خلال عمليات أمنية قام بها جنود بريطانيون في البصرة». أما رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، فقد خصص نشاطاته لانتقاد دعوة انفصال السنة العرب عن العراق، التي تحدث عنها رئيس البرلمان أسامة النجيفي قبل أيام، قائلاً إنها «ستفتح الباب أمام الاقتتال الداخلي وإراقة سيل من الدماء». وقال المالكي في خطاب ألقاه في تجمع لشيوخ عشائر إن «تشكيل الأقاليم عملية دستورية لكن لها أصولها وضوابطها وثوابتها، غير أن الدستور لم يتضمن فكرة الانفصال وإشاعة أجواء الانفصال».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)