يسود ترقب للتطورات في مدينة حماه بانتظار جلاء مصير الحملة الأمنية فيها، وسط استعدادات لتظاهرات جديدة اليوم تحت شعار «لا للحوار»، استباقاً لموعد انعقاد مؤتمر للحوار الوطني يوم الأحد المقبل. ودعا الناشطون على صفحة «الثورة السورية 2011» على موقع «فايسبوك» إلى تظاهرات في سوريا اليوم، أطلقوا عليها شعار «لا للحوار»، بعدما رأوا أن كل ما ينبثق عن مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه هيئة الحوار الوطني «لا يمثّل بحال من الأحوال حواراً وطنياً حقيقياً يمكن البناء عليه». وذكرت وكالة «سانا» أن «الآلاف من أبناء مدينة ازرع والبلدات المحيطة بها في درعا عبّروا أمس عن تأييدهم لبرنامج الإصلاح، فيما شارك عشرات الآلاف من أهالي مدينة حمص وقراها في مسيرات واحتفاليات جماهيرية حاشدة». وفي حلب، «شارك مئات الآلاف في رفع العلم السوري بطول 2300 متر وعرض 18 متراً ابتداءً من دوار الباسل وصولاً إلى دوار الليرمون، فيما رفع سكان حصين البحر في محافظة طرطوس علم الوطن بطول 1000 متر. كذلك حمل الآلاف في بلدة شين علم سوريا بطول 1400 متر، فيما نفذ الإعلاميون في طرطوس اعتصاماً دعماً للإصلاح، وشاركوا في حملة دعم الليرة السورية، حيث أودعوا مبالغ في المصرف العقاري في طرطوس على غرار الحملة التي نظّمت في مشتى الحلو والسويداء التي شهدت كذلك حملة بعنوان: سوريا بخير».
في غضون ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا، عمار القربي، إعلانه ارتفاع «عدد القتلى في حماه إلى أكثر من 22 شهيداً، فيما وصل عدد الجرحى إلى أكثر من ثمانين». ووفقاً لبيان القربي «دهمت القوات الأمنية مشفى الحوراني حيث يعالج عدد كبير من الجرحى»، فيما «شهدت حماه نزوح أعداد كبيرة من السكان باتجاه دمشق والسلمية (القريبة من المدينة)». من جهته، أفاد موقع «سيريا نيوز»، نقلاً عن مصدر أمني في مدينة حماه، عن «استشهاد شرطي وثلاثة من عناصر الأمن في ساحة العاصي طعناً بالسكاكين، بعد أن تعرضت السيارة التي تقلّهم لإطلاق النار من قبل مسلحين»، فيما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، أن قوات حفظ النظام التي تدخلت لإعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي شهدت عمليات قطع طرق وتخريب في المدينة تعرضت لهجوم من قبل مجموعات مسلحة، ما أدى إلى اشتباك مع هذه المجموعات «استشهد على أثره أحد عناصر قوات حفظ النظام وأصيب 13 آخرون بجروح، كما جرح عدد من المسلحين، وألقي القبض على البعض منهم». كذلك أعلنت «سانا» تشييع «جثامين ثلاثة شهداء من عناصر الجيش قضوا برصاص التنظيمات الإرهابية المسلحة في حماه وإدلب وريف دمشق إلى مدنهم وقراهم».
من جهةٍ ثانية، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات الجيش السوري اقتحمت بلدة كفنصرة وبلدة كفرعويد، فيما اعتقلت الأجهزة الأمنية أكثر من 60 شخصاً من بلدتي كفرنبل واحسم في جبل الزاوية.
في هذه الأثناء، حذر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في حديث إلى وكالة «رويترز»، من أنه إذا دخلت الدبابات حماه وقضت على الاحتجاجات، فستشتعل سوريا كلها من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، مؤكداً أن «النظام سيكون معزولاً دولياً، لأن حماه لها رمز تاريخي»، فيما يقول دبلوماسيون إن الطريقة التي يتعامل بها الأسد مع حماه من الممكن أن تحدد اتجاه الاضطرابات في سوريا، على الأقل في المستقبل القريب. وقال دبلوماسي في دمشق لـ«رويترز» «هناك مسار سياسي ومسار أمني، ويبدو أنه ليس هناك اتساق بينهما. حماه هي الاختبار. إذا بقيت الدبابات على مشارف المدينة وابتعدت في نهاية الأمر، فسيبدو أن الغلبة كانت للمسار السياسي».
من جهته، رأى رئيس لجنة الصداقة الفرنسية السورية، البرلماني الفرنسي جيرار بابت، أنه ليس هناك رغبة تذكر في المنطقة لمواجهة الرئيس السوري، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن ««مذبحة أخرى كبيرة في حماه من الممكن أن تؤدي إلى قرار من الأمم المتحدة، لكن من غير المرجّح أن يتضمن حماية السكان المدنيين بما أن الغرب بالفعل منخرط في العراق وأفغانستان وليبيا». في المقابل، رأى وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أن الحكومة السورية تعمل على تلبية مطالب شعبها، وأن الأوضاع بدأت تتحسن كما وعد الرئيس السوري. كذلك أشار صالحي إلى «ضرورة التمييز بين الانتفاضات الشعبية وتحركات عدة قليلة في بعض الدول بدعم من بعض الجهات لاستغلال الأجواء الحاصلة جرّاء الثورات الشعبية في المنطقة، كما هي الحال مع الوضع في سوريا»، مضيفاً «إذا كانت لدى غالبية الشعب السوري مطالب مشروعة، ينبغي على حكومة بشار الأسد تلبيتها، وقد فعلت ذلك، ووفت بوعدها بتحسين الأوضاع» .
وفي السياق، نقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن مصادر غربية قولها إن إيران تساعد عسكرياً نظام الزعيم الليبي معمر القذافي في حربه ضد محور «الشر» الذي يضم أميركا وفرنسا وبريطانيا، في مسعى لإضعاف قدرة المجتمع الدولي على التعامل مع القمع في سوريا.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ب)