بعد أقل من أسبوع على عقد مؤتمر «سوريا للجميع في ظل دولة ديموقراطية مدنية»، كان الفشل من نصيب مؤتمر «المبادرة الوطنية من أجل مستقبل سوريا» الذي عُقد أمس نتيجة الخلافات التي برزت بين المشاركين. وأفاد موقع «سيريانيوز» أن المؤتمر الذي نسّقه النائب في البرلمان السوري، محمد حبش، وعُقد في فندق «سميراميس»، رحّل إصدار البيان الختامي إلى أجل غير مسمى، وذلك بعد تعديل بعض الفقرات الموجودة في المحاور الأربعة التي طرحتها ورقة النقاش المقدمة من المنظمين، وبينهم حبش والباحث الاقتصادي حسين العماش.
ووفقاً للموقع، فإنه في المحور الأول «محور بناء السلطة» الذي نص على «دعوة للسلطة السياسية إلى اتخاذ خطوات سريعة لإنهاء الاحتقان وبناء الثقة بين السلطة والمواطنين، منها سحب وحدات الجيش من المدن، ووقف اعتقالات الرأي والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين...»، حُذفت فقرة سحب وحدات الجيش من المدن، وعُدِّلت فقرة السماح لكل وسائل الإعلام بتغطية الأحداث في سوريا، لتصبح الحيادية والموضوعية فقط. كذلك عُدِّلت فقرة وقف اعتقالات الرأي والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، لتصبح «الإفراج الفوري عن الموقوفين السياسيين ومعتقلي الرأي».
أما في المحور الثاني، فحذفت فقرة «تشكيل حكومة انتقالية مستقلة تشرف على إجراءات المرحلة الانتقالية»، بعدما كانت النسخة الأساسية تشير إلى أن «المؤتمر سيتبنى آليات تشكل المرحلة الانتقالية، وهي مبادرة السلطة بإعلان جدول زمني محدد لا يتجاوز 12 شهراً ينتهي بانتهاء المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة انتقالية مستقلة تشرف على إجراءات المرحلة الانتقالية، وعقد مؤتمر مصارحة وطنية شامل بنهاية الفترة الانتقالية».
كذلك «عُدِّلت أيضاً فقرتان في المحور الثالث، هما وضع دستور جديد يعكس التنوع السياسي ويحمي الانتماء القومي العربي والإسلامي، لتصبح بدل القومي والإسلامي، وطني قومي، وفقرة تعزيز فصل القضاء ونزاهته، لتصبح حياديته واستقلاليته».
ويأتي فشل المؤتمر في الخروج برؤية موحدة بعد تعرض أعماله للتوقف أكثر من مرة، تخللها اعتداء عدد من الأشخاص على أحد المشاركين في المؤتمر، عقب إدلائه بمداخلة «رفع فيها سقف المطالب ليصل إلى حد الشعارات السياسية التي يطلقها بعض المتظاهرين».
في موازاة ذلك، دعت نحو خمسين شخصية سورية معارضة، إلى عقد ما سمته «مؤتمر إنقاذ وطني» لحل الأزمة السورية في السادس عشر من الشهر الحالي في دمشق. وأوضح بيان صادر عن المنظمين، من بينهم المعارضان هيثم المالح ووليد البني، أن الهدف الرئيسي يتمحور حول «وضع المبادئ العامة لرؤية مستقبلية للخروج من الأزمة الراهنة، عبر مرحلة انتقالية، يتوافق عليها السوريون، ويفرضها الحراك الشعبي، تقودها حكومة إنقاذ وطني تؤسس لدستور جديد، لتشكيل الدولة المدنية العصرية، وسنِّ القوانين اللازمة لذلك، وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية»
ميدانياً، نقلت وكالة «فرانس برس» عن نشطاء ومقيمين أن دبابات الجيش السوري انتشرت على مداخل مدينة حماة بعد يومين من خروج أضخم احتجاجات تشهدها المدينة ضد النظام السوري، وبعد إصدار الرئيس بشار الأسد مرسوماً قضى بإعفاء محافظ المدينة، أحمد خالد عبد العزيز من مهمته.
وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إن العشرات اعتقلوا في ضواحي حماة. كذلك أفاد سكان من حماة وكالة «رويترز» بأن شبكات الاتصالات قطعت في المدينة.
في موازاة ذلك، أفاد عبد الرحمن وكالة «فرانس برس» بأن «وحدات من الجيش السوري تؤازرها آليات عسكرية تابعت تقدمها نحو قرية كفر رومة، في إطار استمرار العملية العسكرية التي بدأتها في ريف إدلب».
في غضون ذلك، بحث الرئيس الأسد أمس مع وفد من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأحداث التي تشهدها سوريا ودور الجالية السورية في المغترب.
وقالت وكالة الأنباء السورية «سانا» إن البحث «تركز على مساعدة أبناء الجالية في سوريا لتجاوز الظروف التي تمر بها سوريا عبر دعم مسيرة الإصلاح والمساهمة بنقل الصورة الحقيقية لما يجري إلى الخارج»، فيما نظم أهالي محافظة حمص أمس حملة وطنية بعنوان «بكفي» حيث صبغوا بأكفهم ألوان العلم السوري دعماً للإصلاح في بلادهم. وفي المواقف الدولية، جدد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أول من أمس التأكيد أن لا خيار لدى سوريا سوى القيام بالإصلاحات، مؤكداً أنه «بالنسبة إلى سوريا لا خيار آخر، ولا بد من أن يقوم إخواننا السوريون باتخاذ خطوات لمزيد من الإصلاحات ووضع حد للتوتر والسماح بالتظاهرات السلمية وعقد حوار وطني قومي لحسم كل المشاكل. ولا بد من احترام مطالب الشعب السوري، ويجب ألا يكون هناك عنف ضدهم»، فيما واصل عدد اللاجئين السوريين إلى تركيا بالتراجع بعدما وصل إلى 10227 شخصاً، نتيجة عودة 5001 منهم إلى بلادهم.
في المقابل، جدد مستشار الرئيس الأميركي للقضايا الأمنية، توم دونيلون، تأكيد عدم وجود رغبة دولية في القيام بأي عمل عسكري في سوريا، قائلاً إنه رغم أن «الرئيس السوري بشار الأسد يرتكب أخطاءً رهيبة، وقام بإيذاء شعبه بوضوح من خلال أعمال العنف ضده، فإن التحرك هناك مختلف عن ليبيا». وأكد أن «الضغط المستمر والعزلة المستمرة لإجباره على مجموعة من القرارات وحكومة أكثر تمثيلاً واستجابة»، فيما نقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين قوله إن بلاده «تؤيد وتدعم الخطوات التي أقرتها القيادة السورية أخيراً».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الاقتصاد السويسرية أن سويسرا جمدت 31,8 مليون دولار من الأرصدة المرتبطة بالنظام السوري في المصارف السويسرية.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)