المغرب | انطلقت منذ الساعات الأولى من صباح يوم أمس، وفي مختلف مدن وقرى المغرب، عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي أعلنها الملك محمد السادس في خطابه في 17 حزيران الماضي، حيث افتتح ما يقارب الأربعين ألف مكتب تصويت أبوابه منذ الساعة الثامنة صباحاً حتى السابعة مساءً. وقدّرت وزارة الداخلية المغربية نسبة المشاركة حتى حدود منتصف النهار، بـ26.5 في المئة، في مقابل 10.5 في المئة بعد ساعتين من فتح مكاتب التصويت. وسرت توقعات بأن تصل نسبة المشاركة إلى ما يقارب السبعين في المئة. وبحسب المصادر، فإنّ المناطق الصحراوية ومدينة المحمدية سجلت أعلى نسبة مشاركة مع نحو 40 في المئة، علماً أن عدد الناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية يبلغ ما يناهز 13 مليون ناخب، أي أقل من نصف عدد سكان المملكة. أما بالنسبة إلى المغاربة المقيمين في الخارج، فقد تمكنوا بدورهم من إبداء رأيهم بالتعديلات الدستورية بعد فتح نحو 520 مكتباً في سفارات وقنصليات المغرب في مختلف الدول التي تحتضن تمثيلاً مغربياً، على أن يستمر في بعض الدول، كالصين، إلى غاية يوم الأحد بهدف تمكين أكبر عدد ممكن من المهاجرين من ممارسة حقهم. كذلك يجوز للعسكريين ورجال الامن المشاركة في الاستفتاء الدستوري، على عكس الاستحقاقات الانتخابية. وكانت الحملة الاستفتائية على الدستور الجديد قد انطلقت في 21 حزيران الماضي، واستمرت إلى غاية الثلاثين منه، لتتمكّن جميع الهيئات السياسية والتنظيمات النقابية من إبداء وجهة نظرها بالدستور الجديد، على القنوات الاعلامية الرسمية المغربية وفي الشارع، على وقع اتهام السلطة من جانب المقاطعين للدستور ومعارضيه بالتحيُّز، وبعدم الوقوف على الحياد في الحملة الاستفتائية، وتحوير محتوى الاستحقاق إلى استفتاء على النظام السياسي.
ويتوقع المراقبون أن يصوت المغاربة بـ«نعم» بنسبة كبيرة رغم المقاطعة التي دعت إليها أحزاب اليسار الديموقراطي وحركة «20 فبراير» و«جماعة العدل والإحسان» و«الكونفدرالية الديموقراطية للشغل» وتنظيمات أخرى رأت أن الدستور الجديد يكرس صلاحيات الملك، ولا يرتقي إلى المأمول. ورأى تحالف اليسار، أحد أبرز القوى المقاطعة للدستور، أن الاستفتاء «غير مشروع»، وتوعد التحالف بأن يفضح لاحقاً «كل الخروقات التي شابت الحملة حول الاستفتاء على مشروع الدستور، وكذلك التي قد تصيب التصويت وإعلان النتائج بشأنه».
واعتمدت وزارة الداخلية جملة من التدابير والاجراءات القانونية لتأطير عملية الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد وإعدادها وتنظيمها لدحض أي اتهامات بالتزوير والتلاعب في ما بعد، سواء من نواحي التصويت أو الفرز.
وقُدّر عدد الصحافيين المعتمدين لتغطية العملية الاستفتائية بنحو أربعمئة صحافي من مختلف دول العالم، منهم 153 صحافياً أجنبياً بحسب وكالة الأنباء الرسمية المغربية، من بينهم 88 معتمدين بالمغرب و65 أوفدوا من مؤسساتهم لمواكبة هذا الحدث خصّيصاً.
غير أن «المركز المغربي من أجل ديموقراطية الانتخابات»، وهو هيئة مستقلة، أحصى مجموعة من «الخروقات» و«التجاوزات» التي قال إنها «تشكل عرقلة في وجه العملية الانتخابية وديموقراطيتها». وعدّد التقرير عدة خروقات من نوع تسخير أماكن العبادة للترويج للدستور الجديد، واستعمال دعوة الملك إلى التصويت لصالح الدستور كأمر بالواجب الوطني، بالإضافة إلى الحياد السلبي للسلطة أمام التجاوزات والخروقات التي تطاول البطاقات الانتخابية والملصقات الدعائية. وفي السياق، دعت حركة «20 فبراير»، التي تقود الاحتجاجات في المغرب منذ شهر شباط الماضي، إلى «الاستمرار في النضال»، وشكّكت في نسب المشاركة الشعبية. وعن هذا الموضوع، قال الناشط في «20 فبراير» نجيب شوقي، لـ«الأخبار»، إن «الحركة دعت إلى مقاطعة الاستفتاء، وترفض الدستور المقترح، فحتى الحملة للاستفتاء لم تحترم فيها الدولة اختيارات المواطنين، حيث استغلت المساجد والمؤسسات والممتلكات العمومية للدعوة إلى التصويت بنعم، كما استعمل مفسدو الانتخابات، بالتعاون مع رجال السلطة، مجرمين للدعاية لنعم وضرب وتعنيف شباب الحركة أمام أعين الأمن الذي كان يوجههم في الرباط وفاس وآسفي والجديدة». وتابع شوقي أنه «لهذه الأسباب، نرى هذا الاستفتاء غير مشروع، ولا يحترم القانون نظراً لهيمنة وجهة نظر واحدة هي نعم وإقصاء الرافضين من المجال العمومي عبر التضييق على المعارضين في الإعلام العمومي واستعمال البلطجية». وختم بالطمأنة إلى أن الحركة «ستستمر في الاحتجاح بعد الاستفتاء للمطالبة بتعديلات دستورية تلبي طموحات الشعب المغربي».