في ظلّ الحديث المتنامي عن قرب بلورة حلٍّ سياسي في اليمن، ولا سيما مع اقتراب جولة المبعوث الدولي إسماعيل ولد شيخ إلى عمان والرياض ونيويورك، تتصاعد حدة المعارك في الجنوب اليمني في مقابل اتساع رقعة العمليات على الحدود السعودية بهدف الحسم السريع، قبل الانتقال إلى عمليةٍ سياسية تُعزِّز المناخات الإقليمية المستجدّة احتمالات بدئها.
انطلاقاً من هذه الأجواء، رفع العدوان السعودي عملياته إلى مستويات غير مسبوقة في اليومين الماضيين، إذ أبدى «التحالف» استماتة واضحة لتحقيق «النصر» جنوباً، وتثبيت الخروقات التي أحدثتها المجموعات المسلحة المؤيدة للرياض في محافظة عدن، عبر بسط سيطرتها على قاعدة العند في لحج شمالي عدن. مصادر ميدانية قالت لـ«الأخبار»، إن المجموعات المسلحة تمكنت أمس، من السيطرة بالكامل على قاعدة العند العسكرية، «بعدما استخدم طيران التحالف أسلحة متطورة وقنابل محرمة وبراميل متفجرة وصواريخ نوعية، ودمروا فيها كل شيء، ما حوّل مقرّ القاعدة إلى صحراء».

اقتحمت القوات اليمنية موقعي المخروق والشرفة العسكريين في محافظة نجران

وعلمت «الأخبار» أن ثلاثة آلاف مقاتل إماراتي شاركوا في الهجوم على العند، إلى جانب مقاتلين سعوديين لم يحدد عددهم، بالإضافة إلى الآلاف من المسلحين الموالين للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي وللرياض، مجهزين بأحدث أنواع الأسلحة والتجهيزات. وفي السياق، أكدت مصادر يمنية، أن سفن الإغاثة الإماراتية العشر التي وصلت إلى عدن قبل أيام، كانت محملة بالعتاد العسكري الذي أمّن الدعم للمقاتلين، ما مكنهم من إحراز المزيد من التقدم. وكانت وكالة «سبأ» قد أكدت أمس، أن طيران العدوان استهدف قاعدة العند في لحج بأكثر من 25 غارة، بالإضافة إلى استهداف مناطق الحسيني والعند والبساتين بعدد من الغارات. وفيما أشارت وسائل إعلام قريبة من التحالف إلى أن محافظة أبين (شرق عدن)، ستكون الهدف المقبل للمجموعات المسلحة، وردت أنباء مماثلة عن نية الاتجاه إلى تعز التي تشهد معارك حالياً، من أجل «تحريرها» من قبضة الجيش و«اللجان الشعبية».
في المقابل، تصاعدت حدة العمليات العسكرية على الحدود مع السعودية يوم أمس، حيث اقتحمت القوات اليمنية موقعي المخروق والشرفة العسكريين في محافظة نجران. ودارت مواجهات عنيفة صباح أمس، بين الجيش و«اللجان الشعبية» من جهة وبين القوات البرّية السعودية من جهة أخرى، بالقرب من منفذ الطوال السعودي، بعدما شنّ الجيش و«اللجان» هجوماً كبيراً على المنفذ المذكور، ودارت اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والرشاشات الثقيلة، وبمشاركة مروحيات الأباتشي. وأعلنت حركة «أنصار الله» أمس، إسقاطها مروحية سعودية من طراز «أباتشي»، في مدينة حرض في محافظة حجة. كذلك، ذكرت «سبأ» أن اقتحام الموقعين «كبّد القوات السعودية خسائر في الأرواح والعتاد العسكري، أدت إلى فرار ما بقي من الجنود». وقصفت قوة الإسناد الصاروخية والمدفعية للجيش مركز نهوقة في نجران بـ 6 صواريخ، وموقع الدود العسكري السعودي، ومدينة الخوبة في جيزان بالصواريخ والمدفعية، بالتزامن مع استهداف موقع المحرقة في منطقة الطوال في جيزان. وفي المحافظة نفسها، قصف الجيش و«اللجان» مركز «الجهاد» وموقع العمود في جيزان، وموقعي قزع والسلعة في جيزان بعدد من الصواريخ والقذائف المدفعية.
من جهة أخرى، واصل التحالف غاراته على المحافظات اليمنية، حيث استهدف أمس منزل محافظ البيضاء ومعسكر الأمن المركزي في المدينة الواقعة وسط البلاد. وقتل 8 أشخاص وجرح 7 آخرين في قصف التحالف على منطقة الميسار في حجة غرب اليمن. وفيما تركزت العمليات الجوية على مأرب ومحيطها، خصوصاً في الأحياء التي يسيطر عليها الجيش و«اللجان الشعبية»، استهدف التحالف مدينة تعز التي شهدت غارات على مواقع متفرقة أبرزها قمة جبل العروس، ومقر في حي العسكري، وموقع عسكري قرب من القصر الجمهوري في المدينة، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى.
إلى ذلك، أعلنت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في اليمن منذ بدء الأزمة إلى 1916 قتيلاً و4186 جريحاً. وقالت المتحدثة باسم المفوضية، سيسيل بويلي، في مؤتمر صحفي بجنيف، إن الأسابيع القليلة الماضية شهدت هجومين مدمرين، ولا سيما في المناطق السكنية، حيث سقط في 19 تموز الماضي 95 قتيلاً بينهم 29 طفلاً، وأصيب 198 بجروح، وذلك في منطقة الغليل في محافظة عدن.
(الأخبار، الأناضول)