وقّع عشرات المسؤولين السابقين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بياناً طالبوا فيه رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، بالتعامل مع الاتفاق النووي الإيراني باعتباره حقيقة ناجزة، وضرورة العمل سريعاً مع واشنطن لمواجهة التحديات التي أعقبت هذا الاتفاق.ودعا البيان نتنياهو إلى تبني نهج جديد من شأنه أن يعيد الثقة المفقودة مع الإدارة الأميركية، ومن ثم تعزيز التعاون السياسي والأمني مع الأميركيين، لمواجهة التحديات الجديدة في مرحلة ما بعد الاتفاق. وبحسب البيان «على إسرائيل أن تبلور تفاهمات مع الولايات المتحدة حول مراقبة تطبيق الاتفاق والخطوات التي ستتخذ لمعالجة خرقه من قبل الإيرانيين، إضافة إلى تعاون استخباري خاص مع واشنطن مع مساعدات أمنية خاصة لإسرائيل، من أجل ضمان تفوقها النوعي».

ودعا البيان الحكومة الإسرائيلية إلى المبادرة السريعة نحو عملية سياسية مع الفلسطينيين ضمن حل الدولتين، الأمر الذي يسمح لإسرائيل بمزايا كثيرة، من بينها تشكيل محور مع «الدول السنية المعتدلة» والغرب، لمواجهة القوى المتطرفة التي تقوض الاستقرار في الشرق الاوسط.
وبين الموقّعين على البيان رئيسا «الشاباك» السابقان، عامي أيالون وكرمي غيلون، ونائب رئيس «الموساد» السابق، عميرام ليفين، والمدير العام للجنة الطاقة النووية الإسرائيلية السابق عوزي عيلام، وضباط في الاحتياط برتبة لواء، بينهم شلومو غازيت وعمرام متسناع وألكس طال وأفيعزر يعري ومندي مرون وداني روتشيلد ودافيد بن بعشت وغيورا رام وأمنون ريشف وغيرهم.
إلى ذلك، أكدت مصادر في اللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل في واشنطن، أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الست في فيينا، ومسعى تل أبيب لإسقاطه في مجلسي النواب والكونغرس الأميركيين، يلقي بظلال ثقيلة على الجالية اليهودية ويقسمها بين مؤيد ومعارض، مع تبادل اتهامات وتهديدات بين الجانبين.

بدأت الحكومة الإسرائيلية حملة دبلوماسية لإحباط مشروع قرار يقضي بمراقبة المواقع والمنشآت النووية الإسرائيلية


وقال رئيس «المجلس اليهودي الديموقراطي القومي» وأحد أبرز الشخصيات اليهودية في الحزب «الديموقراطي» الأميركي غيرغ روزنباوم، إنه تلقى وزملاء له اتصالات هاتفية ورسائل إلكترونية وصفت موقفه المؤيد للاتفاق بأنه يشبه التعاون مع النازية الألمانية.
وأضاف روزنباوم في حديث مع موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن الاتفاق النووي مع إيران تسبب بنقاش غير مسبوق بين اليهود الأميركيين، و«لقد عرفنا في السابق خلافاً حول مواضيع كثيرة، إلا أن ما يحدث الآن هو نقاش وانقسام غير مسبوقين، ولم تبلغ حدة ردود الأفعال هذا الحد من قبل». وقال: «لم تكن الجالية اليهودية مهددة بالانقسام على هذا النحو سابقاً، وأنا أخشى أن نبلغ في خلافنا حداً لا عودة فيه، مع شرخ عميق يصعب التغلب عليه».
ولفت روزنباوم إلى أنه يلاحظ تحركات نشطاء يهود يقطعون أميركا طولاً وعرضاً، وهم «لا يتجولون لمعالجة قضايا أبناء الجالية اليهودية وإنما لشرح مخاوفهم من الاتفاق مع إيران، إنهم يبثون الرعب وسط أبناء الجالية»، محذراً من أن هذه المسألة قد تؤدي إلى «حرب أهلية» بين مؤيد ومعارض، في الأوساط اليهودية في أميركا.
كما حذر من أن الشرخ الموجود في الجالية اليهودية في أميركا سيكون له تأثير كبير على تجنيد أموال لدعم إسرائيل من الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى تأثيره مستقبلاً على العلاقات بين أفراد الجالية. وكعينة نقيضة في المقابل، أكد عضو الكونغرس عن الحزب «الجمهوري»، اليهودي نوح بولاك، أن النقاش والانقسام حول الاتفاق النووي مع إيران ليس طارئاً، بل هو نقاش جوهري وأساسي، متهماً الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه جعل من معارضة نتنياهو للاتفاق أمراً غير شرعي في النقاش الحزبي الداخلي، إذ «حول (باراك) أوباما اختلاف الرأي مع نتنياهو وتعامل معه، وكأنه عضو في مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري».
مع ذلك، تلفت «يديعوت أحرونوت» إلى أن روزنباوم وبولاك متفقان على أن مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين لن يصوتا بنعم على الاتفاق النووي مع إيران، إلا أنهما يرجحان في المقابل أن المجلسين لن يكونا قادرين على تأمين ثلثي الأصوات لديهما، في حال قرر أوباما استخدام الفيتو الرئاسي.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة «هآرتس» عن خشية إسرائيل إزاء مشروع قرار يفرض على إسرائيل رقابة دولية على منشآتها النووية، في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران. ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية بدأت بالفعل حملة دبلوماسية واسعة النطاق لإحباط مشروع قرار قد يعتمد في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويقضي بمراقبة المواقع والمنشآت النووية الإسرائيلية.
وأشارت «هآرتس» إلى أن الحكومة المصرية تقف وراء مشروع القرار في الوكالة، وهي التي تدفع باتجاه اعتماده لدى المندوبين مع توقع أن تنضم إيران إلى الجهود المصرية، بعدما انتهت من المفاوضات مع الدول الكبرى بشأن مشروعها النووي.
وأعرب مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية عن خشيته من أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى سيجعل من مهمة تجنيب إسرائيل مثل هذا القرار أمراً في غاية الصعوبة، لكنه أكد في المقابل أن وزارة الخارجية أرسلت توجيهات إلى جميع السفارات والقنصليات الإسرائيلية في العالم تطلب منها العمل أمام حكومات الدول المعتمدة لديها، من أجل رفض مشروع القرار في الوكالة.