ضمّت هيئة الحوار الوطني التي أعلنها الرئيس السوري بشار الأسد تسعة أشخاص، منهم السياسي والاقتصادي ومنهم القانوني والأديب والمثقف، وهم ينحدرون من اتجاهات ومدارس مختلفة، وليس فقط من الجبهة الوطنية أو حزب البعث الحاكم.
ربما كان أبرز الأسماء في هذه اللائحة أحد أهم أركان النظام السوري الحالي، نائب الرئيس فاروق الشرع. والشرع ابن مدينة درعا المثيرة للجدل منذ اندلاع الاحتجاجات السورية أخيراً، وزير خارجية سابق، كان من السياسيّين المقرّبين للرئيس السوري حافظ الأسد. وفي عهد بشار الأسد منذ عام 2000، ظلّ إحدى شخصيّات الدائرة المحيطة بالرئيس التي تتولى اتخاذ القرار السياسي في سوريا.
والشرع الذي يصفه المراقبون بأنه يمارس السياسة بحنكة، هو متخرّج من كلية الآداب (اللغة الإنكليزية) في جامعة دمشق عام 1963. انتقل بعدها لدراسة القانون الدولي في جامعة لندن بين عامي 1971 و1972، وبدأ حياته العملية في شركة الطيران السورية منذ عام 1963 حتى عام 1976، حيث شغل فيها عدة مناصب، منها مدير لمكتب الشركة في دبي ثم مدير إقليمي في لندن ومدير تجاري في دمشق. وبعدها اختاره الرئيس الأسد ليحتل مركز سفير سوريا لدى إيطاليا بين عامي 1976 و1980. وفي عام 1980 عُيّن وزير دولة للشؤون الخارجية حتى 1984 حيث عُيّن وزيراً للخارجية السورية، ومنذ عام 2006 يشغل الشرع منصب نائب رئيس الجمهورية.
وزير الخارجية السابق الذي يوصف بالدبلوماسي الواقعي، متزوج بسيدة مثقفة كانت تشغل منصباً في وزارة الخارجية السورية، ثم تفرغت بعد تسلمه وزارة الخارجية للاهتمام بالعائلة التي تحتضن ولداً وبنتاً.
العضو الآخر في هيئة الحوار، هو الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي في سوريا منذ عام 1983، الدكتور صفوان قدسي. وهو قومي ذو توجه ناصري، وعضو معروف في الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة. أصابت حزبه، الذي تأسّس في الستينيات من القرن الماضي، هزّات وانشقاقات فبقي قدسي في الجناح الموالي للسلطة. وفي ما يتعلق بتعليم قدسي المولود عام 1940، فإن ابن مدينة دمشق حاصل على شهادة الإجازة في الفلسفة. أما أهم الوظائف التي تدرّج فيها، منها: رئيس تحرير مجلة «المعرفة» من 1974 إلى 1978. ورئيس تحرير مجلة «الموقف الأدبي» من 1980 حتى أواخر عام 1981. وعلى المستوى السياسي، أصبح عضواً في مجلس الشعب عام 1977، ثم وزير دولة من 1978 إلى 1980. وهو الى جانب ذلك عضو جمعية البحوث والدراسات، وله العديد من المؤلفات.
انتخب قدسي أميناً عاماً لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي منذ عام 1983، كما كان عضواً في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية منذ عام 1981.
أما الدكتور هيثم سطايحي فهو عضو القيادة القطرية لحزب البعث ومدير مكتب دراسات القصر الجمهوري. عمل رئيساً لمكتب الثقافة والإعداد والإعلام.
بدوره، الدكتور ياسر حورية، أحد الأسماء البارزة في هيئة الحوار، وهو رئيس مكتب الفلاحين القطري في القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي.
والوجه اليساري في الهيئة هو حنين نمر (69 عاماً)، الأمين العام للحزب الشيوعي السوري (ما يعرف بجناح يوسف فيصل). المفكر الذي أعيد انتخابه في آذار الماضي خلال المؤتمر الحادي عشر، أميناً أول للحزب الشيوعي، يحمل إجازة في الحقوق ودبلوماً في التخطيط الاقتصادي. شغل في حياته العملية مواقع عديدة في مؤسسات الدولة الاقتصادية، كان آخرها مديراً عاماً لمؤسسة الحبوب، كما كان عضواً في مجلس الشعب السوري «البرلمان». وشغل مواقع عديدة في الحركة النقابية السورية، وكان عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي منذ 20 عاماً.
كذلك، هناك أول وزير للسياحة في سوريا، عبد الله الخاني، الذي عمل مستشاراً لسنوات طويلة في القصر الجمهوري ومديراً للمراسم. كما عمل مندوباً لسوريا لدى مجلس الأمن وسفيراً لبلاده لدى الأرجنتين، وأميناً عاماً لوزارة الخارجية. كلّف برثاء جمال عبد الناصر، بعد يوم من رحيله، في 29 أيلول 1970.
أما الكاتب والأديب الحلبي، وليد إخلاصي، فهو الوجه الثقافي في الهيئة، ولد في إسكندرونة عام 1935. تلقى تعليمه في حلب والقاهرة، ونال الإجازة في العلوم الزراعية، وعمل موظفاً. وهو عضو جمعية القصة والرواية. ولديه العديد من الروايات والقصص والمسرحيات، منها قصة «بيروت» التي كتبها عام 1963.
ومن الشريحة الاقتصادية في هيئة الحوار الوطني، الدكتور منير الحمش، الباحث الاقتصادي المعروف باتجاهاته الاشتراكية، ولد في القامشلي سنة 1938. وهو عضو جمعية البحوث والدراسات. ويحمل دكتوراه في فلسفة الاقتصاد.
من أهم مؤلفاته «تطور الاقتصاد السوري الحديث» و«التكامل الاقتصادي العربي» و«الشرق الأوسط الجديد».
وعلى الصعيد القانوني، ضمت هيئة الحوار الخبير القانوني الدكتور إبراهيم دراجي.
وهو أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق وجامعة القلمون الخاصة. يعدّ دراجي أصغر طالب حصل على الدكتوراه في جامعة دمشق.
وإضافة الى ذلك، هو محلل سياسي لأكثر من قناة تلفزيونية وأحد أفراد اللجنة السورية للتحقيق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل، رفيق الحريري. كما يعمل دراجي مستشاراً للمنظمة الدولية للهجرة في سوريا.
(الأخبار)
3 تعليق
التعليقات
-
ربيع الحرّية المديد (2) يستأنف الإبن ، أيضاً، تلك الفلفسة الرئاسية 'الشابة' (إذْ هكذا قدّمها شبيحة أقلام النظام )، التي نظّرت وتنظّر على نحو مقارن بين ديمقراطية النظام والديمقراطيات الغربية، حيث ينبغي 'أن تكون لنا تجربتنا الديمقراطية الخاصة بنا، المنبثقة عن تاريخنا وثقافتنا وشخصيتنا الحضارية، والنابعة من حاجات مجتمعنا ومقتضيات واقعنا'.بموجب هذه الفلفسة، وبعد أسابيع معدودات على وأد تجربة المنتديات، وما عُرف باسم 'ربيع دمشق'، حين شُنّت حملة اعتقالات شملت ناشطين بارزين مثل رياض سيف وعارف دليلة ومأمون الحمصي وحبيب عيسى، وإعادة اعتقال المعارض الكبير رياض الترك؛ قال الأسد ما يلي في وصف ذلك التحرّك، بسخرية ظاهرة: 'كلمة ربيع لا تعنينا كمصطلح. فالربيع هو فصل مؤقت، والربيع فصل يعجب البعض والبعض الآخر يحبّ الشتاء'... النظام، في متابعة خيارات العنف وذرّ الرماد في العيون، سواء بسواء، استقرّ على شتاءاته التي يحبّها، وصار سلوكه في معمار القيادة والسيطرة أكثر ركوناً إلى حلقة في القرار أضيق فأضيق، في أعلى هرم عائلي أو شبه عائلي،محيطاً القصر بالأخ والأخت والصهر والخال وابن الخال. بيد أنّ ربيع سورية، الذي انطلق ـ ليس دون مفارقة بديعة بهيجة ـ منتصف آذار (مارس) الماضي، يضع النظام وجهاً لوجه أمام مصائر أبعد عاقبة من التفلفس الساخر حول الفارق بين الربيع لفظاً، والربيع سياسة. وما تشهده سورية اليوم من تنويع النظام بين العفو والمذبحة، وتشكيل هيئة حوار وطني في غمرة قصف المدن وحصارها، يقرّب السلطة من شتائها الأخير الوشيك، مثلما يضع الشعب على مبعدة أسابيع من ربيع الحرّية المديد، الآتي لا محالة.
-
ربيع الحرّية المديدفي الجانب الآخر، 'السياسي' المكمّل لخيارات قمع الإنتفاضة بالمدفع والدبابة والرصاص الحيّ وإطلاق قطعان القنّاصة و'الشبّيحة' واعتقال المتظاهرين بالآلاف وليس بالمئات، أصدر الأسد قراراً جمهورياً بتشكيل 'هيئة الحوار الوطني. مهامّ جليلة، لا ريب، ما خلا حقيقة أنّ أعضاء اللجنة ليسوا سوى أبناء النظام؛ أو المتحالفين معه في ما يُسمّى 'الجبهة الوطنية التقدّمية' ؛ أو المسبّحين بحمد النظام ؛ أو العاملين في مؤسساته !اليوم لا يكترث الأسد بضمّ أي اسم قد يوحي بأي ارتباط، مهما كان واهياً وغير مباشر، بأيّ من قوى المعارضة أو الرأي الآخر! فعلام، وفيم، سيتحاور هؤلاء إذا كانوا يقفون خلف قائدهم يؤمنون معه أنّ سورية تتعرّض لمؤامرة إمبريالية شرسة، وأنّ غالبية المتظاهرين مندسّون سلفيون عملاء؟ منذ وراثته السلطة،أعاد الابن إنتاج خطاب أبيه في مسألة الديمقراطية، مع تغيير وحيد هو التفلفس الذي يستخدمه كاتب خُطبه. الابن يقول إنّ 'الديمقراطية واجب علينا تجاه الآخرين قبل أن تكون حقاً لنا'، أيّ أنّ ممارسة الديمقراطية ليست حقّ المواطن أوّلاً، بل هي التالية بعد واجبه تجاه 'الآخرين'، الذين لا يمكن أن يكونوا سوى الدولة ذاتها! يؤدّي المواطن واجبه أوّلاً، وبعدها نبحث في حقوقه. هذا هو جوهر الحذلقة في التهرّب من المسألة الجوهرية و المدخل الكلاسيكي الذي مكّن نظام القمع والإستبداد من تدجين المواطن وتغييب حقوقه تحت مظلة واجبه تجاه 'الوطن'، الذي ليس سوى مزرعة القاهر، وملعب السلطة.