يبدو أن تداعيات حرق عائلة دوابشة في الضفة المحتلة على أيدي مستوطنين صهاينة قد تم احتواؤها بفعل الهرولة الإسرائيلية السياسية نحو استنكار ما جرى، برغم أنه لم تجر عملياً أي ملاحقة أمنية للفاعلين. ترافق ذلك مع احتجاجات محدودة في بعض مدن الضفة والقدس المحتلة، نتج منها إصابات واعتقالات، في وقت صدر فيه عن جهات عربية ودولية وحتى إسرائيلية عدد من الإدانات.
وبشأن الوضع الصحي لعائلة الرضيع علي دوابشة، فإن وزير الصحة الفلسطيني جواد عواد قال إن الحالة الصحية للمصابين لا تزال خطيرة. وأضاف في بيان صحافي إن «حالة الأم التي ترقد في مستشفى تل هشومير، ونجلها أحمد، خطيرة للغاية، أما حالة طفلها الثاني فمستقرة». كما أكد عواد، عقب زيارته المستشفيات الإسرائيلية حيث يتلقى أفراد العائلة العلاج، أن «الحالة الصحية للأب سعد دوابشة، الذي يرقد في مستشفى سوروكا في بئر السبع، حرجة».
وفيما اعتقلت شرطة العدو ثلاثة فلسطينيين بعد مواجهات اندلعت في البلدة القديمة من شرق القدس أول من أمس، أصيب 35 متظاهراً بالرصاص المطاطي وبحالات اختناق خلال مواجهات عنيفة في قرية دوما جنوبي مدينة نابلس، التي وقعت فيها الجريمة، ومن بينهم أربعة من طواقم الهلال الأحمر وصحافيون.
وبينما دعا نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حركة المقاومة الإسلامية ــ حماس»، إسماعيل هنية، إلى صياغة «استراتيجية فلسطينية» من أجل «التصدي للاعتداءات الإسرائيلية»، طالبت فصائل فلسطينية قيادة السلطة بـ«وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل» رداً على «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق الفلسطينيين».

اندلعت مواجهات في البلدة القديمة من شرق القدس

على الصعيد العربي والدولي، استنكرت الجامعة العربية الحادثة، وطالبت بتحقيق دولي في الجريمة، كما ندد عدد من الدول والمؤسسات العربية والإسلامية بالجريمة، وهو الأمر نفسه الذي ذهبت إليه واشنطن التي وصفت مقتل الطفل حرقاً بأنه «هجوم إرهابي وحشي».
أما إسرائيلياً، فسمح أمس وزير الأمن موشيه يعلون باستخدام الاعتقال الإداري ــ الذي يطبق عادة على المعتقلين الفلسطينيين ضد المتطرفين اليهود ــ مع أنه لم يعتقل أحد منهم حتى الآن. وتذرعت الإذاعة العامة الإسرائيلية بالنقل عن مسؤولين أمنيين أن من الصعب التسلل إلى الجماعات الصغيرة التي تعمل في إطار «تدفيع الثمن» ــ أي المستوطنين ــ كونهم لا يستخدمون الهواتف النقالة ولا يتحدثون أثناء التحقيق معهم.
وفي حالة احتواء الأزمة أيضاً، دعا وزير الأمن الأسبق عمير بيرتس، إلى هدم منازل المستوطنين الذين أقدموا على حرق وقتل الرضيع علي دوابشة. وطالب بيرتس، وهو نائب في الكنيست الإسرائيلي عن حزب «المعسكر الصهيوني» المعارض، بأنه «يجب على قوات الأمن التصدي للإرهاب اليهودي بتفعيل الوسائل التي توظفها ضد الإرهاب العربي».
في هذا الإطار (يحيى دبوق)، سعت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى إبراز «الأسئلة الفلسطينية»، فوجهتها إلى قائد المنطقة الوسطى وقادة الألوية في الجيش، وأيضاً إلى منسق عمليات الحكومة في المناطق (الفلسطينية المحتلة)، قائلة: لماذا لم تنشروا الحواجز في المنطقة؟، ولماذا لم تفرضوا الحصار (على المستوطنة)؟، ولماذا لم تفتشوا بيوت المستوطنين؟، وخاصة أن وزير الأمن وقاعدة الأجهزة الأمنية وعدوا بأنهم سيتعاملون مع الفاعلين، تماماً كما يتعاملون مع الفلسطينيين.
وظهر واضحاً أن المسؤولين في تل أبيب من اليمين إلى اليسار عملوا على اتجاه واحد بشأن استنكار حرق الطفل، لكنهم أسقطوا مطالباتهم الشكلية بمعاقبة الفاعلين على المقارنة بما سموه «جرائم الفلسطينيين والحركات الإسلامية الجهادية». مثلاً، قارن رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، بين أسلوب تصرفهم وبين «الإرهاب الفلسطيني وأسلوب تعامل السلطة معه». وقال في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس، إنه خلافاً لما يقوم به جيراننا فإننا «نستنكر مثل هذه الممارسات وما يفعله المجرمون من أبناء شعبنا، في الوقت الذي يقوم فيه جيراننا بإطلاق أسماء قتلة على الميادين في المدن».
في الوقت نفسه، طالب زعيم المعارضة في الكنيست ورئيس حزب «العمل»، يتسحاق هرتسوغ، بتصنيف «العصابات اليهودية المتطرفة كجماعة خارجة عن القانون». وقال: «علينا القيام بخطوات عملية لمحاربة الإرهاب اليهودي، وهو تماماً إرهاب يشبه إرهاب الجماعات الإسلامية المتطرفة».
(الأخبار)