وسط الحديث عن تمديد الوجود العسكري الأميركي في العراق، شارك آلاف العراقيين في «استعراض سلمي» نظّمه التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، رفضاً لبقاء القوات الأميركية في البلاد بعد انتهاء المدة المحددة لها، نهاية العام الجاري. وعلى وقع هتافي «كلا كلا أميركا»، و«كلا كلا إسرائيل»، سار الآلاف من مؤيدي الزعيم الشيعي الشاب وسط مدينة الصدر، شرق العاصمة العراقية، في مجموعات بدت كأنها تشارك في عرض عسكري من دون أسلحة.
وارتدى المشاركون، الذين كانوا يمرّون أمام ثلاث منصات متلاصقة، جلس فيها ضيوف معظمهم من رجال الدين والعشائر، قمصاناً موحدة عليها علم العراق وسراويل سوداء، ووضعوا على رؤوسهم قبعات كتب عليها «أنا عراقي». ورفع هؤلاء، الذين قسّموا إلى مجموعات عدة، بينها طلاب المدارس الدينية ورجال عشائر وأطفال، أعلام العراق ولافتات كتب على بعضها: «الشعب يريد إخراج الاحتلال». وكان لكل مجموعة قائدها الذي شجع أعضاء فرقته عبر وصفهم بـ«الأبطال» وأبناء «السيد القائد»، في إشارة إلى مقتدى الصدر، بينما كانت مكبرات الصوت تصدح بالأناشيد الخاصة بالتيار الصدري. وقدم فتيان مشاركون وصلات استعراضية، فحمل أحدهم علماً أميركياً كبيراً، وقفز آخر ليمزقه بقدميه ويثبت مكانه علماً عراقياً، فيما حاول آخرون تفتيت مربعات حجرية رسم عليها علم الولايات المتحدة، فنجح منهم اثنان وفشل ثالث. ورسمت على الطريق، التي كان يدوسها المشاركون، أعلام الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، فيما رفع العلم العراقي على معظم الأبنية إلى جانب رايات دينية. وتولى عناصر الأمن، التابعون للتيار الصدري ببزاتهم السوداء الموحدة، مسؤولية الأمن في منطقة الاستعراض، فيما كانت قوات من الجيش والشرطة تفتش الداخلين إلى المكان، وسط إجراءات أمنية مشددة، امتدت كيلومترات عدة خارج مدينة الصدر التي تسكنها غالبية شيعية كبيرة من بين نحو مليوني شخص.
وأكد متحدث باسم القوات الأميركية أن قواته «تشارك القوات العراقية المهمات المرتبطة بالوضع الأمني، الأمر الذي قد يشمل بعض التجمعات أو الاستعراضات»، رافضاً تأكيد مشاركة قواته في الإجراءات المرتبطة بمناسبة أمس، فيما قال مسؤول في مكتب التيار الصدري في النجف إن «عدد المشاركين وصل إلى نحو مئة ألف شخص».
ومن المقرر أن تغادر القوات الأميركية (نحو 47 ألف عسكري العراق آخر كانون الأول 2011)، وفقاً للاتفاقية الأمنية الموقّعة بين بغداد وواشنطن في تشرين الثاني عام 2008. وتجدر الإشارة إلى أن الصدر كان قد هدد في نيسان الماضي، برفع تجميد جيش المهدي، الجناح المسلح للتيار الصدري، إذا لم تنسحب القوات الأميركية في الموعد المحدد، بعدما كان قد جمّد أنشطته في آب عام 2008، إثر مواجهات دامية مع القوات الأمنية العراقية.
ميدانياً، أدى هجوم انتحاري بحزام ناسف استهدف تجمعاً لعناصر الجيش العراقي في غرب بغداد الى مقتل وإصابة نحو 10 أشخاص، جميعهم من عناصر القوات الأمنية. وقال مصدر أمني رفض الكشف عن اسمه إن «انتحارياً فجر نفسه وسط تجمع لعناصر الجيش العراقي في منطقة حي الشهداء في وسط قضاء أبو غريب، ما أدى إلى مقتل وإصابة نحو 10 أشخاص جميعهم من عناصر الجيش».
(رويترز، يو بي آي، أ ف ب)