في مؤشر تصعيدي لأزمة البحرين، أعلن القضاء، أمس، حكماً بالإعدام على 4 متظاهرين بتهمة قتل شرطيين، رغم الجهود التي بدأتها المعارضة قبل أسبوع لوقف الحكم، بحسب ما كشفت مصادر لـ«الأخبار». تطور يأتي في ظل توسع الشرخ الأهلي والطائفي، وانبثاق شارعين يلوم كل منهما الآخر على «ترك جرح لن يندمل بسهولة». وقالت وكالة أنباء البحرين «بنا» إن محكمة السلامة الوطنية (الطوارئ) الابتدائية أصدرت أحكامها في قضية «مقتل الشرطيين كاشف أحمد منظور ومحمد فاروق عبد الصمد». وحكمت بالإعدام بحق 4 متهمين، هم: علي عبد الله حسن السنكيس (20 عاماً)، قاسم حسن مطر أحمد (20 عاماً)، سعيد عبد الجليل سعيد وعبد العزيز عبد الرضا إبراهيم حسين (25 عاماً)؛ وبالسجن المؤبّد بحق 3 متهمين، هم: عيسى عبد الله كاظم علي (21 عاماً)، السيد صادق علي مهدي وحسين جعفر عبد الكريم.
وأشارت «بنا» الى «توفير كافة الضمانات القضائية وفقاً للقوانين المعمول بها وبما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان، حيث سمح لجميع المتهمين بالاتصال بذويهم، وبتوكيل محامين للدفاع عنهم». وحضر جلسة المحاكمة عدد من ممثلي مؤسسات حقوق الإنسان، إلى جانب ممثلين عن وسائل الإعلام المحلية، وكذلك عدد من ذوي المتهمين والمجنى عليهم.
وأوضح نائب عن «الوفاق»، فضّل عدم الكشف عن هويته في حديث الى «الأخبار»، أن الإجراء الطبيعي بعد صدور هذه الأحكام أن يكون هناك استئناف، لكنه أشار الى عدم وجود تمييز في الحكم الذي سيصدر عن محكمة الاستئناف. وكشف عن مساع بدأتها «الوفاق» قبل أسبوع، بعدما علمت بإمكان صدور أحكام الإعدام. وأشار إلى اتصالات أجرتها الجمعية مع منظمات حقوقية ومع جهات أوروبية وغربية لهذا الغرض. وقال إن الجمعية كانت تعلم بصدور حكمين بالإعدام، وفوجئت بإصدار 4 أحكام.
ولم يستغرب صدور أحكام الإعدام في ظل قانون السلامة الوطنية، الذي يعطل إمكان «توقيف هذه الأحكام» مع غياب الضمانات القانونية. ورأى أن ما جرى هو إحدى وسائل الضغط على المعارضة من أجل التراجع عن المطالب الإصلاحية. وقال «يريدون حلّ الأزمة على طريقتهم»، مشيراً إلى أنّ توجّه النظام اليوم والقوى الموالية له هو نحو «لا عفو عام». هذا التوجّه المتشدد الذي أعلنه رئيس الوزراء خليفة بن عيسى آل خليفة عبر قوله «لا عفا الله عما سلف». وأكّد مواصلة الجهود والضغوط لحل الأزمة.
وفي أول ردّ فعل على الأحكام، أصدر شباب «14 شباط» بياناً، قالوا فيه «لقد تجرّعنا كؤوس الصبر المرّة إثر سلسلة الاعتدءات البشعة التي اقترفها الاحتلال السعودي والخليفي»، محذرين من أن «أيّ نية للإقدام على إعدام المتهمين الأبرياء سيُلزمنا بتحمّل المسؤولية الشرعية والأخلاقية، وسيكون الوقت قد حان للردّ الرادع الذي يتناسب مع هذه المرحلة»، داعين «شباب الثورة الى أن يكونوا على أهبة الاستعداد لخوض المرحلة الجديدة، وقد أعذر من أنذر»، من دون أن يوضحوا ماهية هذا الردّ.
بدوره، رفض النائب السلفي الشيخ عادل معاودة، في حديث الى«الأخبار»، القول إن أحكام الإعدام تزيد من تعقيد الأزمة، قائلاً «على العكس، فقد ثبت على المتهمين القتل وإزهاق الأرواح»، والحكم بغير ذلك سيعقّد الأمور. وأشار الى أن المحكمة استندت الى أدلة، ولم تصدر أحكاماً على هواها. وأضاف «ما رأيناه في الشارع هو فوضى وأعمال قتل، وهو ما رأيناه بأمّ العين، وبالتالي فإن عدم صدور أحكام بالإعدام وتنفيذها سيؤدي الى الفوضى»، رافضاً الحديث عن عفو عام.
وقال المعاودة، النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، إن «الشارع البحريني السنّي مسالم، يحب الهدوء والألفة، لكنه جُرح وطُعن من الخلف». ورأى أنّ هناك «مكائد تحضّر له. لذلك لن يقبل بأقلّ من ذلك»، مضيفاً إنّ «هذا الشارع يرفض نهائياً العفو، إذ سبق أن صدر 13 عفواً، ولم تأت بنفع، بل عاود بعض المتهمين ومن صدر بحقهم العفو على ارتكاب الجريمة».
وهاجم معاودة المعارضة وتحركاتها الاحتجاجية، قائلاً إنها «جرحت وأرهبت الشارع، وقلبت الدنيا رأساً على عقب، وما يجري إنما هو ردّ فعل وإصلاح للأخطاء»، مشيراً إلى أن قطّاع طرق قاموا خلال الأحداث «بقطع لسان مؤذن بنغالي، وضربوا وطعنوا أناساً في الشارع ليس لهم ذنب، وتظاهروا حاملين سيوفاً وسكاكين».
وعن السيوف التي حملها نواب وبلطجية أظهرتها الصور في مسيرة الرفاع، قال إن «ذلك كان مجرد إظهار استنكار، ولم يتعرضوا لأي شخص من المتظاهرين». وأقرّ في الوقت نفسه بوجود «أطراف متشدّدة وأخرى معتدلة في المعارضة»، لكن «الجهة المعتدلة كانت صامتة صمت الإقرار على ما حصل».
وجدّد الاتهام للمعارضة بالارتباط بالخارج عبر القول «إنهم كانوا يعدونهم بأن النصر وشيك ويقولون لهم اصبروا، والآن سكتوا عنهم»، في إشارة الى إيران، إضافة الى المرجع الديني سيد هادي المدرّسي. وقال إن هذه الضربة الأمنية ليست ضدّ الشيعة والأبرياء، بل «لتقضي على رؤوس الفتنة». وطالب «الشيعة بأن يقفوا بقوة وقفة أحرار، لماذا تتكلم إيران وأربابها وهم صامتون؟ عليهم أن يعوا عدوهم من صديقهم».
وتساءل النائب السلفي «ما الضمان لعدم تكرار ما جرى؟». وتحدث عن وجود مبالغات كثيرة بما يجري»، قائلاً إن المساجد التي هُدمت ليست كلّها شيعية «هناك مساجد سنّية هُدمت وأُزيلت في يوم واحد»، وإن سبب الهدم هو عدم الترخيص «إذ لن يبقى شيء فوق القانون». ونفى علمه بإزالة أي ضريح، مشكّكاً بذلك عما يقال عن إجراءات وهابية.
من جهة ثانية، أكّد معاودة عدم حصول أي لقاءات حالياً مع فرقاء المعارضة، وأضاف «يجب أن نلتقي»، لكن ما يمنع ذلك في الوقت الحالي هو «التوتر الكبير في الشارع، وأي لقاء سيفسر على نحو غير صحيح»، مضيفاً «كما أن لقاءاتنا السابقة لم يُتجاوب معها». ودعا المعارضة الى «تغليب منطق الحوار». وقال «سنبقى شئنا أو أبينا بلداً واحداً وشعباً واحداً». وشدّد على أهمية التواصل من أجل درء الفتنة وشدّ أواصر الوحدة الوطنية، قبل أن يختم بالقول إن كثيرين سيبذلون مساعيهم، لكن يجب أولاً أن «نقطع دابر الفتنة».