يبدو أن قوّات الأمن اليمنية مصرّة على التصعيد، ضاربة عرض الحائط بمساعي الوسطاء الخليجيين واجتماعهم أمس مع وفد حكومي يمني في أبو ظبي، إذ قتل ثلاثة على الأقل وسقط مئات الجرحى، فيما اجتمع مجلس الأمن لبحث أزمة اليمنشهد اليمن أمس تظاهرات عدة شملت مدن صنعاء وتعز وشبوة، وسط إصرار قوات الأمن الموالية للرئيس علي عبد الله صالح على إسالة المزيد من الدماء، إذ سقط ثلاثة شهداء ومئات الجرحى، وذلك قبيل بدء اجتماع وسطاء خليجيين مع ممثلي الحكومة، ومناقشة مجلس الأمن الوضع في اليمن.
والتقى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم السعودية والإمارات وقطر وعُمان والكويت والبحرين، ممثلين عن صالح في أبو ظبي، بعدما كانوا قد التقوا وفداً من المعارضة في الرياض يوم الأحد الماضي. وضم الوفد الذي قاده أحد مستشاري صالح، عبد الكريم الأرياني، وزير الخارجية أبو بكر القربي، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الحاكم سلطان البركاني.
وقبيل الاجتماع، قال الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، أحمد بن دغر، إن وفد الحزب «سيناقش مبادرة دول الخليج (مع وزراء الخارجية) لحل الأزمة السياسية»، مضيفاً أن الوفد «سيستمع إلى آرائهم وملاحظاتهم، وخصوصاً إزاء ما استمعوا إليه من الإخوة في أحزاب المعارضة في اللقاء المشترك».
بدوره، قال مسؤول آخر في الحزب الحاكم رفض الكشف عن اسمه: «سنؤكد مجدداً (للوسطاء) تمسكنا بالشرعية الدستورية. لن نقبل بأي تغيير خارج هذه الشرعية»، فيما أعلن آخر أن الرئيس «انتخبه الشعب، ومن غير الوارد أن يتخلّى عن تمثيل إرادة الشعب».
في المقابل، كرر أحد مسؤولي المعارضة أن «الأزمة لا يمكن حلها سوى برحيله (صالح)»، متمنياً أن ينضمّ الفريق الرئاسي إلى «جهود الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والأميركيين والأوروبيين».
وتابع أن الأميركيين اقترحوا نقل سلطات صالح إلى نائب الرئيس في مهلة شهر. إلا أننا نريد هذا الانتقال في أقل من عشرة أيام».
وفي السياق، أعلن مصدر دبلوماسي غربي أن اجتماعاً للاتحاد الأوربي ووزراء دول مجلس التعاون الخليجي سيبحث في أبو ظبي تطورات الأزمة اليمنية، وعملية تنفيذ المبادرة التي تقدمت بها دول الخليج. وسيخصص الاجتماع، بحسب بيان الأمانة العامة لمجلس دول الخليج، «لاستكمال بحث تطورات الأوضاع في اليمن، في ضوء ما اتفقت عليه دول مجلس التعاون في اجتماع المجلس الوزاري في دورته الاستثنائية التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض خلال الأيام الماضية».
وستُجرى اتصالات مع الحكومة والمعارضة اليمنية في إطار ما تضمنته المبادرة الخليجية من مبادئ بغية حل الأزمة اليمنية الراهنة.
وفي السياق، التقى الرئيس الدوري لأحزاب المعارضة اليمنية «اللقاء المشترك»، ياسين سعيد نعمان، سفراء الاتحاد الأوروبي والقائم بأعمال بعثة الاتحاد لدى صنعاء، وبحث معهم مبادرة دول الخليج لحل الأزمة اليمنية.
كذلك، اجتمع مجلس الأمن في وقت متأخر من ليل أمس لبحث الوضع في اليمن. وأعلن دبلوماسيون قبيل بدء الاجتماع أن المجلس ينوي مناقشة الوضع في اليمن في اجتماع سيشمل عرضاً للوضع من مسؤول بارز من إدارة الشؤون السياسية في الأمم المتحدة.
في هذا الوقت، استبقت القوات اليمنية لقاء الوسطاء الخليجيين مع الحكومة، بالدم، إذ قتل شخصان على الأقل وأصيب المئات، عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيّل للدموع على مسيرة ضمت مئات الآلاف في العاصمة صنعاء. وجابت المسيرة شارع الستين حتى وصلت إلى منطقة قريبة من تقاطع الزبيري، حيث اعترضها مئات من أفراد الأمن المركزي و«بلاطجة» مسلحون يقفون خلفهم. وقال مراسل موقع «المصدر أونلاين» إن قوات الأمن منعت المتظاهرين من التقدم، حيث كان مقرراً للمسيرة أن تمر من شارع الزبيري حتى تقاطع «كنتاكي» وتعود إلى ساحة التغيير.
وفي مدينة تعز، أطلقت القوات الأمنية النار أيضاً على آلاف المتظاهرين المناهضين للنظام، ما أدى إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى.
وقال شهود عيان ومصدر طبي إن قوات الأمن أطلقت النار عشوائياً على المحتجين الذين كانوا يتظاهرون في حي وادي القاضي للمطالبة بسقوط النظام.
وبحسب موقع «التغيير»، تشهد المحافظة منذ مساء أمس توتراً شديداً نتيجة انعدام مادة الغاز المنزلي، ما دفع بمجموعة من الشباب للنزول إلى الشوارع وقطعها احتجاجاً على عدم توفر مادة الغاز، حيث أحرقوا إطارات السيارات. وشهد شارع العواضي (وسط المدينة) ليلة أمس إطلاق رصاص من رجال الأمن على المحتجّين المطالبين بتوفير مادة الغاز لتفريقهم.
من جهة أخرى، قالت مصادر لـ«التغيير» إن «قيادات مؤتمريه بدأت تمارس ضغوطاً غير عادية في محاولة لحشد أكبر عدد ممكن من مؤيدي الرئيس»، مشيرة إلى أن «المحافظ حمود الصوفي حصل على 126 مليون ريال لتوزيعه على مديريات تعز».
كذلك، خرجت مسيرات حاشدة في محافظة شبوة (جنوب شرق اليمن) مع تواصل الاعتصامات المطالبة بإسقاط نظام صالح، للتنديد بقمع قوات الأمن للمتظاهرين، ورفض خطاب صالح الأخير الذي دعا فيه إلى «منع الاختلاط».
وإلى مدينة الحديدة (غرب)، أطلق محتجّون يطالبون برحيل صالح «حملة نظافة» لنزع صور الرئيس اليمني من المقار الحكومية والشوارع العامة.
وقال «شباب الثورة» في بيان إن «الحملة ستستمر حتى يرحل النظام الذي أصبحت أيامه معدودة».
كذلك، دعا المجلس التنسيقي لشباب الثورة إلى الخروج في مسيرات مليونية في كل محافظات الجمهورية تحت اسم «مسيرة شهداء الثورة»، وذلك تخليداً لذكرى سقوط أول شهيد في الثورة.
(يو بي آي، رويترز، أ ف ب، الأخبار)