بإنهاء قانون الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا، تطوي سوريا حقبة امتدت على مدى أكثر من 50 سنة، كانت خلالها مطالبات الناشطين الحقوقيين تنصب على هذين البندين، اللذين يأتيان في إطار رزمة الإصلاحات التي وعد بها الرئيس السوري بشار الأسد. وتعود نشأة محكمة أمن الدولة العليا، التي حلّت محل المحكمة العسكرية الاستثنائية، إلى عام 1968، بناءً على مرسوم تشريع عدّل في ثلاث مناسبات، كان آخرها في عام 1980. وبناءً على مرسوم تأسيسها، يحق للمحكمة أن تمارس مهماتها في مدينة دمشق، أو في أي مدينة حسب مقتضيات الأمن، وذلك بأمر من الحاكم العرفي. كذلك يحق لها عقد جلسات المحاكمة في أي مكان تراه مناسباً.
ووفق المادة السادسة من المرسوم، يشمل اختصاص المحكمة جميع الأشخاص من مدنيين وعسكريين مهما كانت صفتهم أو حصانتهم، على أن لا تتقيّد «بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة». كذلك لا يجوز الطعن بالأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة، ولا تكون نافذة إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية أو مَن يفوضه بذلك.
وحدد المرسوم المخالفات التي تنظر فيها المحكمة، وهي: مخالفة أهداف التحول الاشتراكي، مخالفة المراسيم 1و2و5 لعام 1965 المتعلقة بالتحول الاشتراكي، الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي ومنها «الانتماء إلى تنظيم يهدف إلى قلب نظام الحكم بالوسائل العنفية»، مخالفة أوامر الحاكم العرفي أو نائبه، الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي.
أما قانون الطوارئ، فيعود تاريخ فرضه إلى الثامن من آذار عام 1963، بناءً على الأمر العسكري الرقم 2 الذي أصدره المجلس الوطني لقيادة الثورة. ويتضمن قانون الطوارئ 14 مادة، تتحدث عن جواز إعلان حالة الطوارئ في حالة الحرب، أو قيام حالة تهدد بوقوعها، أو في حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في جزء منها للخطر، على خلفية حدوث اضطرابات داخلية أو وقوع كوارث عامة. وتنص المادة الرابعة، التي تثير الكثير من الجدل، على وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور في أوقات معينة، وتوقيف المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام توقيفاً احتياطياً، والإجازة في تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت، وتكليف أي شخص تأدية أي عمل من الأعمال. ويجيز القانون مراقبة الرسائل والمخابرات مهما كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمؤلفات والرسوم والمطبوعات والإذاعات وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان، قبل نشرها وضبطها ومصادرتها، وإلغاء امتيازها، وإغلاق أماكن طبعها. كذلك يحدد مواعيد فتح الأماكن العامة وإغلاقها، وسحب إجازات الأسلحة والذخائر والمواد القابلة للانفجار والمفرقعات على اختلاف أنواعها، والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة. ويحق للنظام، وفق القانون، إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.
الإجراء الثالث الذي أقرّته الحكومة السوريّة، أمس، يتعلّق بحقّ التظاهر، باعتباره من الحقوق الدستورية التي يكفلها القانون، لكنه وضع شرطاً بإبلاغ وزارة الداخلية والحصول على موافقة مسبقة. ويعدّ مثل هذا القانون خطوة متقدّمة في مجال الإصلاحات، ولا سيما أنه خلال السنوات الخمسين الماضية لم تكن التظاهرات مسموحة، وفق قانون الطوارئ، الذي كان يمنع التجمّعات.
(الأخبار)