القاهرة ــ الأخبار استيقظت مصر الثورة، أمس، على خبر مفرح. خبر يجسد انتصارها. بعد 30 عاماً دقت العدالة جرسها. حان وقت المحاسبة. من أفقروا البلد واعتقلوا المصريين وعذبوهم وأصابوهم بالأمراض، يتجرّعون الآن من الكأس نفسها. الرئيس المخلوع حسني مبارك، ونجلاه علاء وجمال، ورئيس مجلس الشورى ورئيس ديوانه ورئيس حكومته ووزراؤه المقربون داخل سجن مزرعة طرة. الأيام دُولٌ، ولسان حال المصريين الآن: حانت ساعة دولة الظلم.

صباح أمس، أصدر النائب العام قراره بسجن الرئيس السابق 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجري معه بخصوص الاستيلاء على المال العام والتحريض على قتل المتظاهرين. ورغم تضارب الأنباء عن وجهة الرئيس المخلوع بعد قرار السجن، أكدت مصادر لـ«الأخبار» أن مبارك وصل عصر أمس إلى المركز الطبي العالمي (الكيلو 42 طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي)، آتياً من شرم الشيخ، وأن زوجة نجله جمال، خديجة الجمال، كانت برفقته.
وأكّدت مصادر طبية من داخل مستشفى شرم الشيخ الدولي أنّ الرئيس السابق أُصيب بصدمة عصبية شديدة عقب قرار سجنه 15 يوماً على ذمة التحقيق. وأشارت المصادر إلى أن مبارك أُصيب بحالة رجفان في القلب، إثر حالته النفسية السيئة، وأن زوجته سوزان وخديجة، زوجة جمال، وهايدي، زوجة علاء، كن يرافقنه حتى الحادية عشرة من مساء أول من أمس. وأضافت أن زوجته كانت تبكي طوال التحقيقات معه ومع نجليه جمال وعلاء، اللذين حُقِّق معهما في المبنى الجديد لمحكمة شرم الشيخ الذي يقع خلف المستشفى.
وسط كل هذا، سيطرت حالة من الغموض على أروقة وزارة الصحة التي لم تخرج ببيان واحد عن الحالة الصحية للرئيس السابق، وخصوصاً بعد تردد أنباء مختلفة عن تعرض مبارك لأزمة قلبية على خلفية التحقيق معه. ولم يعقد وزير الصحة، أشرف حاتم، مؤتمراً صحافياً، لإزالة الغبار الذي ملأ سماء القاهرة أمس؛ إذ أشارت بعض التقارير إلى أن الرئيس السابق في حالة حرجة تستدعي العلاج في الخارج. وشرح أطباء مبارك للمحققين خطورة وضعه الطبي، وأنه سافر من قبل إلى ألمانيا، وأجرى عملية جراحية استؤصل خلالها ورم في «البنكرياس»، وهو ما أثار موجة من البلبلة خشية هرب مبارك تحت ذريعة العلاج.
في هذه الأثناء، طالب مؤسس حزب «الغد»، أيمن نور، في بلاغ للنائب العام، بنقل الرئيس السابق إلى مستشفى سجن مزرعة طرة، عملاً بأحكام قانون تنظيم السجون. وجاء في البلاغ أنه يتعيّن علاج المسجونين داخل مستشفى السجن، وإذا رأى طبيب السجن ضرورة علاجه في مستشفى خارجي وجب نقله بعد عرضه على الطبيب الشرعي، ثم ترفع النتيجة إلى الإدارة الطبية لمصلحة السجون لتقرير ما تراه متوافقاً مع قانون تنظيم السجون.
من جهة ثانية، دخل جمال وعلاء مبارك إلى سجن ليمان طرة بعد قرار حبسهما. وقالت مصادر إنهما موجودان في «عنبر 1» سياسي، وهي وحدة جرى الانتهاء منها قبل عامين ويطلق عليها «فندق السجون» لأنها مجهزة بالكامل وأرضيتها من البورسلين وفيها سخان وملعب خاص. وأشارت المصادر إلى أنهما وضعا في سجن ليمان طرة حتى يفصل بينهما وبين المساجين الموجودين في سجن المزرعة. ولم ترد تفاصيل عن كيفية قضاء نجلي الرئيس السابق ليلتهما الأولى في السجن.
وكان المتحدث باسم النائب العام، المستشار عادل السعيد، قد قال في بيان إن فريقاً من المحامين العامين في مكتب النائب العام انتقل إلى مدينة شرم الشيخ، حيث استجوب الرئيس السابق في المستشفى «بحضور محاميه والفريق الطبي المعالج»، بينما استُجوب نجلاه علاء وجمال في مقرّ المبنى الجديد لمحكمة شرم الشيخ بحضور محاميهما.
وأضاف السعيد أن النائب العام كان قد سبق أن قرر يوم الأحد الماضي، قبل إذاعة الرئيس السابق لكلمته على قناة «العربية»، استدعاءه ونجليه للتحقيق، حيث أوضح ـــــ تعليقاً على تلك الكلمة ـــــ أنها لن تؤثر على سير تحقيقات النيابة العامة في ما قُدّم ضدهم من بلاغات تتضمن اتهامات عن مدى علاقة الرئيس السابق ونجليه بجرائم الاعتداء على المتظاهرين، وسقوط قتلى وجرحى خلال تظاهرات «25 يناير» السلمية، إضافة إلى وقائع أخرى تتعلق بالاعتداء على المال العام واستغلال النفوذ والحصول على عمولات ومنافع من صفقات مختلفة.
وعلمت «الأخبار» من مصادر أمنية مطلعة أنه حُقِّق مع زوجة الرئيس المخلوع سوزان ثابت، في مقرّ جهة سيادية. وتناول التحقيق تهماً تتعلق بالفساد المالي بشأن مكتبة الإسكندرية، ووجود أرصدة تتعلق بالمكتبة في حساباتها الشخصية. وكذلك التحقيق في أمور تتعلق بإهدار المال العام في مشروع مهرجان القراءة للجميع الذي كانت تتبناه.
وتناولت التحقيقات أيضاً موضوع النقود الذهبية التي كان من المفترض أن يوصلها وزير الإعلام السابق أنس الفقي إليها. وقالت المصادر إنه قريباً سيُستدعى وزير الصحة الأسبق، حاتم الجبلي، للتحقيق معه في عدة تهم، بينها موضوع قرارات العلاج على نفقة الدولة. كذلك سيُستدعى كل من وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسني، ووزير المال السابق يوسف بطرس غالي، الهارب في لندن، بتهم تتعلق بارتكابهما فساداً إدراياً ومالياً أثناء شغلهما المنصب.
وعلى أثر صدور قرار سجن الرئيس السابق ونجليه، ارتفعت مؤشرات البورصة ارتفاعاً ملحوظاً خلال تعاملات أمس. وسجل المؤشر الرئيسي للأسهم النشطة «egx30» ارتفاعاً بنسبة 1 في المئة ليصل إلى مستوى 5254.12 نقطة، وذلك بعد تراجع دام 4 جلسات متتالية.
من جهة ثانية، ارتفع مؤشر «EGX 70»، للأسهم الصغيرة والمتوسطة، بنسبة بلغت 2.04 في المئة ليصل إلى 597.06 نقطة، أما مؤشر «EGX 100» الأوسع نطاقاً، فسجل ارتفاعاً قدره 1.75 في المئة ليصل إلى 935.41 نقطة.