أعلن تقرير أصدره منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، روبرت سيري، أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس جاهزة إلى حدّ كبير لتولّي حكم دولة فلسطينية. وقال إنه «في المناطق الست التي تعمل فيها الأمم المتحدة، أصبحت المؤسسات الحكومية كافية لكي تدير جيداً حكومة دولة»، مضيفاً أن «السلطة الفلسطينية ومؤسساتها مستعدة لدولة، فيما نحن نقترب من استحقاق أيلول عام 2011».لكن التقرير حذر من «الصعوبات التي يمكن أن تواجهها السلطة الفلسطينية لتسجيل تقدم إضافي إذا استمر الاحتلال الإسرائيلي، وإذا بقيت عملية السلام مجمدة»، موضحاً أن «استمرار الاحتلال والمسائل التي لم تحل في النزاع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني، هي العراقيل السياسية أمام وجود وحسن سير مؤسسات دولة فلسطينية مقبلة».
وهنّأ سيري عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، قائلاً إنها «مرحلة حاسمة، يجب ألا يقلل أحد من شأن التحديات. ندعو بسرعة إلى إحراز تقدم إضافي على الأرض. على إسرائيل أن تتخذ إجراءات لخفض الاحتلال، وبالتالي ملاقاة تقدم السلطة الفلسطينية». وحثّ الطرفين على استئناف مفاوضات السلام من أجل إقامة دولة فلسطينية تعيش إلى جانب إسرائيل.
في هذا الوقت، أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يحزم أمره حيال خطة سلام مع الفلسطينيين، تحدث عنها مراراً مقرّبون منه في الأسابيع الأخيرة. وأضافت أن «نتنياهو تحدث عن خطة السلام هذه خلال لقاء مغلق أول من أمس مع مندوبي الاتحاد الأوروبي، وقال: لم أقرر بعد ما سأقوله، ولا متى وأين سأفعل ذلك». وأشار إلى أن «من الضروري طرح سؤالين؛ الأول هو هل من الممكن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين؟ والثاني هو أن نسأل أنفسنا عن الخطوات التي يمكن القيام بها إذا ما بدا استئنافها متعذراً».
وفي السياق، ذكر تقرير إسرائيلي نشرته صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو يدرس ثلاثة احتمالات، بينها انسحاب الجيش من مناطق في الضفة الغربية، بهدف كبح اعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 في الأمم المتحدة في أيلول المقبل، الأمر الذي يصفه الإسرائيليون بـ«تسونامي سياسي». وقالت إن «حجم الانسحاب في الضفة، الذي يدرس نتنياهو احتمال تنفيذه، ليس واضحاً حتى الآن، لكنه لا يبحث في إخلاء أحادي الجانب لمستوطنات».
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو يقدّر أن «احتمال استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ضئيل جداً، لكنه يبحث أفكاراً في الإمكان تنفيذها، في ظل غياب مفاوضات، ومن أجل طرح مبادرة سياسية إسرائيلية، آملاً أن يتمكن من تجنيد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودولاً غربية أخرى ضد الخطوة السياسية الفلسطينية في الأمم المتحدة، لكسب اعتراف دولي بدولة فلسطينية».
وقال مسؤولان سياسيان إسرائيليان مقرّبان من مكتب نتنياهو لـ«هآرتس» إن الأخير يدرس ثلاثة احتمالات أساسية لمواجهة «التسونامي السياسي»، يقضي الأول بانسحاب من الضفة الغربية، يعيد الجيش الإسرائيلي من خلاله انتشار قواته، وتسلّم السلطة الفلسطينية مسؤوليات أمنية أخرى في الضفة، فيما يتضمن الثاني إنشاء «غلاف دولي». فنتنياهو ومستشاروه معنيون بانعقاد لقاء دولي بمشاركة إسرائيل والسلطة الفلسطينية يُدعى من خلاله إلى استئناف المفاوضات. ويقضي الثالث بأن تمارس إسرائيل ضغوطاً دبلوماسية على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأوستراليا ودول أخرى ضد الاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي السياق، قال نتنياهو، خلال لقائه السفراء الأوروبيين، إنّ «هناك الآن أكثر من 100 دولة غالبيتها من العالم الثالث اعترفت بدولة فلسطينية، وإنه يريد تجنيد الدول الديموقراطية التي لديها قيم مشتركة مع إسرائيل» ضد هذه الخطوة.
ونقلت «هآرتس» عن نتنياهو قوله أخيراً في اجتماعات مغلقة «لا أستخفّ بالخطوة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن لا ينبغي المبالغة في أهميتها»، مضيفاً «لا أحد بإمكانه فرض تسوية على إسرائيل».
وقالت مصادر مقرّبة من مكتب نتنياهو إن الأخير «يدرك جيداً المخاطر الماثلة أمام إسرائيل مع اقتراب أيلول المقبل، وخصوصاً في ما يتعلق بالعزلة الدولية التي ستفرض على إسرائيل».
(أ ف ب، يو بي آي، سما)