لا يزال رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، يحتل العناوين في الدولة العبرية. فبعد سلسلة من التصريحات واقتراحات القوانين العنصرية التي تستهدف الفلسطينيين في الداخل ووجودهم، يسطع نجم الوزير في قضية فساد قديمة، إذ ينوي المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يهودا فينشتاين، الإعلان عن تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان، ومن المتوقع أن يُدعى إلى جلسة استماع قبل تقديم لائحة اتهام ضده في الأيام القريبة. وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أوصت بتقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان بنيله الرشى، إلا أنَّ المستشار القضائي سيكتفي، على ما يبدو، بتقديم لائحة اتهام بالغش والخداع. وفي حال تقديم لائحة اتهام، سيضطر وزير الخارجية إلى الاستقالة من منصبه، لكن ليس فوراً، فمن حقه أن يطالب ببضعة أشهر لـ«دراسة المواد» المقدمة.لكن مجرد تقديم الاتهام ضد ليبرمان سيخلق تساؤلات عاجلة أو آجلة، عن مستقبل الائتلاف الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو. إذ يُعدّ ليبرمان وحزبه «إسرائيل بيتنا»، الحلقة الأقوى في هذا الائتلاف، فضلاً عن أن حزب ليبرمان ظهر في الآونة الأخيرة وكأنه حزب الشخص الواحد، والقائم على شخصية رئيسه وتصريحاته التي تخلق جدلاً دولياً، إضافة إلى تعميق العنصرية ضد فلسطينيي الـ48.
إن انسحاب الحزب من الائتلاف (إذا تقرر ذلك) من شأنه أن يضع الحكومة الإسرائيلية أمام خيارين، إما انضمام حزب «كديما»، برئاسة وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، إلى الحكومة أو الذهاب لانتخابات مبكرة. لكن حتى الآن، لا يبدو أنَّ «إسرائيل بيتنا» معنيّ بالانسحاب في حال استقالة ليبرمان، إذ أوضح مسؤولون في الحزب اليميني أنَّ «ليبرمان قد أوضح مراراً أنَّ لا علاقة بين شؤونه السياسية والائتلافية وبين شؤونه القضائية». وأوضح هؤلاء أنَّ الحزب «لا يستعدّ لهزّات»، مشيرين إلى أنَّ «إسرائيل بيتنا سيبقى في الحكومة الاسرائيلية، وليبرمان سيؤجل تقديم استقالته حتى الاستماع (إذا أقرّ نهائياً تقديمه للمحاكمة)، لذا، ثمة هدوء في هذه الساعة تحديداً».
يذكر أنّ الإعلام الإسرائيلي كان قد علّق في كثير من الأحيان على «علاقات متوترة» بين نتنياهو وليبرمان نتيجة تصريحات الأخير، التي رأى رئيس الحكومة أنها «لا تمثل الحكومة». وقد برزت خلافات تقنية (ليست جوهرية) بين الاثنين، كان أبرزها التسريب الذي قال إنَّ نتنياهو سيعيّن مستشاره عوزي أراد سفيراً لدى لندن، ما أثار حفيظة ليبرمان الذي أعلن أن أراد «لن يكون سفيراً لدى لندن»، ما خلق توتراً بين الاثنين.
وذكرت وسائل الإعلام العبرية أنَّ حزب «إسرائيل بيتنا» يحاول إظهار أنّ الائتلاف الحكومي بين نتنياهو وليبرمان لا يزال مستقراً. ومن المتوقع أن يعقد الحزب مؤتمره في القدس اليوم الأربعاء، وأن يعلّق ليبرمان على قضية الفساد المتورط بها. ويقدّر معلقون أن يطلق ليبرمان تصريحات سياسية من شأنها أن تكسبه نقاطاً سياسية دون علاقة تذكر لتأثير هذه التصريحات على سياسة الحكومة الإسرائيلية.
وينوي «إسرائيل بيتنا» أن يطالب رئيس الوزراء بـ«إسقاط نظام حماس». ويرى معلّقون أنَّ هذا البند هو جزء من اتفاق الائتلاف الحكومي بين ليبرمان ونتنياهو، «لا معنى له في الواقع الأمني في هذه الأيام»، فيما رأى قادة أمنيون أن على إسرائيل أن تدعم التهدئة على الحدود الجنوبية «فلا أسباب ملموسة لعملية برية واسعة ضد حماس».
وستسلم النيابة العامة مسودة لائحة الاتهام إلى محامي ليبرمان وسيتم منحه الحق بالخضوع لاستجواب لدى النائب العام يرد خلاله على التهم الموجهة ضده وفي حال وافق على الاستجواب فإنه ليس مضطرا للاستقالة من الحكومة.
وسيجري النائب العام الاستجواب خلال شهرين بعدها يتخذ قراراً نهائياً في ما إذا كان سيتم تقديم لائحة اتهام نهائية ضد ليبرمان.
لكن في حال رفض ليبرمان استخدام الحق بالاستجواب لكي لا يكشف خطه الدفاعي فإنه سيضطر إلى الاستقالة من الحكومة.
وقالت «هآرتس» أن الخيار الثاني سيزعزع الحكومة علما أن ليبرمان كرر في أكثر من مناسبة أنه في حال اضطر للاستقالة فإن «إسرائيل بيتنا» لن ينسحب من الحكومة.
وكانت الشرطة الاسرائيلية قد أوصت في عام 2009، بتقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان في مخالفات رشوة، والغش والخداع، وتبييض الأموال وملاحقة شاهد. وقد نقلت من بعدها المواد إلى القسم الاقتصادي في النيابة الإسرائيلية العامة التي أوصت هي أيضاً بتقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان. لكن تبيّن من خلال الجلسات أنَّ النيابة العامة ستصعّب ايجاد أدلة واضحة لتقديم تهمة الرشوة ضد الوزير.