القاهرة | مصر الثورة تتحرك في اتجاه والمجلس العسكري يتحرك في اتجاه آخر مغاير في كثير من الأحيان، ومتقاطع في أحيان أخرى، من هنا جاء التفكير في مجلس وطني يضمّ عدداً كبيراً من الشخصيات الوطنية التي تضع مصلحة الوطن في المقام الأول، ولا تتطلع الى مناصب أو مغانم، ولديها رؤية واضحة لكيفية عبور البلاد الى بر الديموقراطية. هذه هي اللبنة الأولى في بناء المجلس، الذي أعلن عنه منذ يومين، ويجري الإعداد لمؤتمره الأول مطلع الأسبوع المقبل.
مساء الثلاثاء الماضي اجتمع ما يقرب من 65 شخصية عامة، تنوعت ما بين سياسيّين وكتّاب وأدباء وشخصيات قضائية، إضافةً إلى عدد من شباب الثورة، الذين يمثّلون مختلف التوجهات الحزبية والثقافية، بينهم صاحب المقترح ممدوح حمزة، والروائي بهاء طاهر، وعبد الحليم قنديل، والإعلامي حمدي قنديل، والدكتور محمد شرف، ورئيس حزب الجبهة أسامة الغزالي حرب.
ومن المتوقع أن يصل عدد الشخصيات الممثلة في هذا المجلس الى 2500 شخصية، كما يقول حمزة، تمثّل ما يمكن التعارف عليه بالمجلس الرئاسي الشعبي، الذي يهدف الى «التواصل مع المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية، وتقديم المشورة إلى العسكريين في ما يخص خطوات الإصلاح».
المجلس يواجه تحديات كبيرة أهمها إقناع الناس بأهمية ما يطرحه من أفكار وجدواه. ويعلق حمزة على ذلك بالقول: «بدأنا أولاً ننظم كتلة انتخابية تضم قوى الثورة، ثم تطورت إلى عمل مجلس وطني يتعامل مع المجلس العسكري في كل المشكلات التي تحدث في مصر، من أجل دعم الثورة، ثم تطورت أكثر بأن بدأنا العمل، لتأليف لجنة دستورية، لوضع دستور جديد، بعدما جاء الإعلان الدستوري مخيباً للآمال». حتى هذه اللحظة لم تطرح فكرة إنشاء المجلس للنقاش على نطاق واسع، وهو ما يضع عقبة أمام القائمين على هذا المشروع باعتباره مجلس نخبة، جاء بتوافق أعضائه واختيارهم لا بناءً على ترشيح الناس والقوى السياسية والاجتماعية.
بدأ المجلس بترتيب أولوياته في الفترة المقبلة، بينها العمل على استرداد ثروات مصر المنهوبة، وتحليل الوضع الحالي للبلاد، بما يعني وضع خطط مستقبلية وجدول زمني لتحقيق مطالب المصريين في الإصلاح. يضيف حمزة: «هذا المجلس الوطني سيكون بمثابة بديل لمجلس الشعب حتى إجراء الانتخابات البرلمانية، وسوف يسد فجوة التعبير عن التوجهات الشعبية».
في الاجتماع الإعدادي ناقش الحضور وضع قائمة موحدة لكتلة انتخابية، يجري اختيارها من القوى الانتخابية، للمشاركة في مجلس الشعب المقبل، وتأليف لجنة من الدستوريين، لوضع أسس الدستور الجديد، وهو ما يعني أن المجلس الجديد سيكون بديلاً عن القوى والحركات السياسية، التي بدأت بالفعل عقد لقاءات تشاورية لوضع تصور مبدئي بشأن الدستور الجديد وتلافي ما في دستور 1971 من صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية، لكن حمزة يؤكد أن المجلس لن يكون بديلاً لأي قوى سياسية قائلاً: «سنقبل ترشيحات من الأحزاب، ومن الحركات الوطنية، التي ندعوها إلى حضور المؤتمر الذي يجب أن يكون معبّراً عن جميع أطياف مصر».
تبدو فكرة إنشاء مجلس وطني مقبولة، لكنها تواجه عقبات أهمها اعتراف المجلس العسكري بشرعيته، والتفاف الناس حوله.