الخرطوم | لم تأتِ الحكومة السودانية بجديد وهي تعلن تورط إسرائيل في الغارة الجوية التي استهدفت سيارة قرب مدينة بورتسودان، أول من أمس، التي أدت إلى مقتل شخصين، وكانت جثتاهما متفحمتين إلى درجة بدا من المستحيل التعرف إلى هويتيهما.واتهم وزير الخارجية السوداني علي كرتي إسرائيل مباشرة بالتورط في عملية القصف، مستنداً إلى معلومات تؤكد ذلك حتى قبل إعلان إسرائيل تبنيها للعملية. وقال إن «ضحيتي القصف مواطنان سودانان لا علاقة لهما بأي جماعات إسلامية»، مضيفاً أنه «في الأيام الأخيرة، صدرت ادعاءات في إسرائيل بأن السودان يدعم مجموعات إسلامية. هذا ليس صحيحاً. وعندما تصدر إسرائيل ادعاءات مماثلة، فهي تحاول أن تبرر ما قامت به».
لكن الصحافة الإسرائيلية كانت قد استبقت الاتهام السوداني. وكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في صدر صفحتها الأولى، أن «جيش الدفاع هاجم السودان»، مشيرة إلى أن طائرات إسرائيلية نفذت الغارة. وقالت مصادر للصحيفة إن «طائرات من سلاح الجو الإسرائيلي انطلقت فجأة من جهة البحر الأحمر نحو الساعة العاشرة ليلاً، وقصفت سيارة واحدة أو أكثر قرب مطار بورتسودان، ما أدى إلى تصفية شخصين. ثم عادت أدراجها بمجرد استكمال المهمة». وأشارت الصحيفة إلى أن «الجيش الإسرائيلي رفض التعقيب على هذا النبأ».
من جهتها، نفت الحكومة علمها بأن يكون المستهدفان شخصيتين فلسطينيتين بارزتين. وقال كرتي: «لا معلومات لدينا بعدما كان هناك قيادي فلسطيني مستهدف، لكن اللذين قتلا مواطنان سودانيان». في المقابل، قالت مصادر مطلعة إن «السيارة المستهدفة كانت تقل إيرانياً وفلسطينياً بُعيد وصولهما إلى مطار بورتسودان في رحلة داخلية من العاصمة السودانية».
وبحسب معلومات أمنية حصلت عليها «الأخبار»، أخطأت عملية القصف في ضرب الهدف، «فقُتل سودانيان». وأكدت المصادر أن «الهدف كان قيادياً فلسطينياً بارزاً ينتمي إلى أحد الفصائل الفلسطينية، وأنه كان يقيم في أحد فنادق مدينة بورتسودان».
وأجمع خبراء عسكريون على أن العملية جرت بواسطة طائرات أصابت الهدف مباشرة. وأكد شهود عيان أن السيارة المستهدفة كانت ضمن رتل مكون من خمس سيارات، فيما أعلنت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» عثور السلطات الأمنية على شريحة إلكترونية مثبتة أسفل السيارة التي تحمل لوحة مسجلة في الخرطوم، رقمها «خ1 42193»، ونوعها «سوناتا»، ما يعزز من فرضية أن الضربة جرت بواسطة طائرات، لا بقصف صاروخي، وأن اختيار السيارة المستهدفة جرى بعناية وبدقة لم تسبب أي أضرار لبقية السيارات. ورجحت المصادر تلك الفرضية، وخصوصاً أنه عُثر على عدد من المقذوفات التي لم تنفجر. وأضافت أن القصف خلّف حفرة هائلة. كذلك عثرت السلطات على أجزاء من القذائف وسقف السيارة على بعد 6 أمتار من مكان الحادث، إضافة إلى ملابس «خليجية». وأعلنت الحكومة نيتها رفع المسألة إلى مجلس الأمن. وشدد كرتي على أن السودان سيحتفظ بحقة الكامل في الرد. وبدا أن هناك رابطاً بين ما حدث أول من أمس وما أوردته مواقع إسرائيلية بداية الأسبوع الماضي، بدخول أسلحة كيماوية مكونة من غاز الأعصاب والخردل من الحدود الشرقية الليبية عبر السودان، في طريقها إلى حزب الله في لبنان، بحماية الاستخبارات الإيرانية. لكن الجيش السوداني نفى على لسان المتحدث الرسمي أن يكون للاستخبارات الإيرانية وجود داخل الأراضي السودانية.



ترتبط عملية «بورتسودان» بالاتفاق الأمني الذي وُقِّع بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية. اتفاق يلزم الولايات المتحدة بالتعاون مع حلف شمالي الأطلسي و«القوى الفاعلة الأخرى»، بهدف وقف تهريب السلاح إلى حركة «حماس». وترى الدولة العبرية أن منطقة شرق أفريقيا والبحر الأحمر تمثّل مساراً رئيسياً خلال عمليات التهريب، إضافة إلى خليج عدن والبحر المتوسط.
ورأت الحكومة السودانية أن هدف حكومة بنيامين نتنياهو من ذلك هو إفساد جهود الحكومة الرامية إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ووصفت العملية بأنها مخطط إسرائيلي يستهدف «عصافير كثيرة»، وخصوصاً أن إسرائيل تسرب للمجتمع الدولي أن السودان يدعم حركات مصنفة للآخرين بأنها حركات إرهابية.